لم تتوافق كتل “ائتلاف إدارة الدولة” سوى على دفع تشكيلة محمد شياع السوداني – قبل أكثر من عامين – إلى القصر الحكومي في العاصمة بغداد. وعلى أساس ذلك، سحبتْ كلّ منها ورقةً ودوّنت عليها مطالبها التي تحتاج إلى معالجات تشريعية، لكنها بقيت مجرد اتفاقات ورقية، أخذت تشلّ عمل الدورة النيابية الخامسة في سنتها الرابعة والأخيرة، اقتراباً من موسم انتخابي جديد تتصاعد عشيّته حدّة الخلافات والصراعات
.
تشريعات “السلة الواحدة”
يقول عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي النائب محمد عنوز إن “ائتلاف إدارة الدولة” الذي يضم كتلاً شيعية وسنية وكردية محكوم بالتوافق والمحاصصة. فلا شيء يمر من دون توافق، وبالتالي فإن شلل السلطة التشريعية أو فشلها يتحمله هذا الائتلاف الذي يشكل الغالبية الساحقة داخل مجلس النواب.
ويضيف عنوز، لـ”النهار”، أن مشاريع القوانين المطروحة حالياً يدور جدل حولها بين الكتل، الأمر الذي يحتاج إلى توافق، لذلك صار التوجه نحو “السلة الواحدة” لتمرير القوانين الخلافية بين الكتل.
ويشير عنوز إلى أن غالبية جلسات المجلس لا يحضرها أكثر من 170إلى 175 نائباً، بينما لا تحاسب رئاسة المجلس النواب المتغيبين، الذين “نطالب بنشر أسمائهم ومعاقبتهم، كي يكون المجلس أكثر فاعلية وتمثيلاً للناس”.
وتحاول الكتل السياسية التي تواجه أزمة الثقة في ما بينها، اعتماد نظام “السلة الواحدة” في تمرير قوانين، منها “إعادة العقارات المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة السابق، الأحوال الشخصية، التعديل الثاني لقانون العفو العام، والخدمة والتقاعد لمجاهدي هيئة الحشد الشعبي”.
كتلة “تقدم” تتمسك بـ”العفو العام”
عضو اللجنة المالية النيابية محاسن حمدون، تعلل مقاطعة نواب كتلة “تقدم” جلسات مجلس النواب بـ”رفع مشروع قانون العفو العام من جدول أعمال جلسات البرلمان”، مشيرة إلى أن كثيراين من النواب يستغلون الإدارة الضعيفة لمجلس النواب الحالي.
وتقول حمدون، لـ”النهار”، إن مقاطعة الجلسات ستظل مستمرة إلّا إذا أجريت مناقشة قانون العفو العام وإدرج ضمن جلسات المجلس التشريعي.
وكان عدد من أعضاء مجلس النواب أعلنوا تأسيس تشكيل نيابي جديد باسم “جبهة نواب الوسط والجنوب”، بهدف الدفاع عن استحقاقات المحافظات الوسطى والجنوبية ومتابعة تنفيذ مشاريع استراتيجية فيها، تشمل قطاعات المياه، الزراعة والكهرباء.
وفشل مجلس النواب، الأسبوع الجاري، مرتين في عقد جلسته الاعتيادية، على خلفية مقاطعة غالب الكتل السياسية الجلسات.
أسباب الفشل قائمة
ورأى عضو الحزب الديموقراطي الكردستاني النائب جياي تيمور أن وضع الجلسات الحالي “لا يبشر بخير”، معتبراً أنه يمثل حالة “فشل مستمر”.
وقال في تصريح صحافي، إن أسباب فشل الدورات النيابية السابقة لا تزال قائمة، الأمر الذي أدّى إلى فشل عمل الدورة الحالية لمجلس النواب حيث تسعى كل كتلة الى تحقيق مصالحها الخاصة، ما أدى إلى انعدام الثقة بينها.
وتعقيباً على آلية “السلة الواحدة”، لفت تيمور إلى “أنهم يخشون تأجيل التصويت أو تعطيله إذا أُدرجت القوانين الخلافية بشكل منفصل: عندما يكون قانوناً ما في ذيل قائمة التصويت، يتوجس الداعمون له من مغادرة النواب قاعة الجلسة قبل التصويت، ما يؤدي إلى عدم إقراره. لذلك يلجأون إلى جمع القوانين الجدلية في سلة واحدة لضمان التصويت عليها”.
كائن برلماني مشوّه
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور عصام فيلي أن القوى السياسية في العراق لم تفكر، منذ عام 2003، في وضع أسس برلمانية حقيقية أسوة بكل النظم الديموقراطية حول العالم، ففي تلك النظم تكون هناك “كتلة حكومة” و”كتلة معارضة”.
ويلخص فيلي، في حديث الى “النهار”، الوضع الراهن في مجلس النواب، بأن القوى السياسية تعتمد ما تطرحه المطابخ السياسية لكبار تلك الكتل، الأمر الذي خلق إشكالية في موضوع التوافقات السياسية، مشيراً إلى أن التعهدات التي طرحتها الكتلة الكبرى – الكتلة الشيعية – لمصلحة الكتل السنية والكردية، قبل تشكيل الحكومة، لم تنجح في تنفيذها.
ويلفت إلى أن البرلمان الحالي، بدلاً من أن يذهب إلى قوانين مهمة تمس جوهر المعاناة وهموم المواطن، راح باتجاه قوانين هي من الناحية العملية لا تخدم المواطن، فهو لم يحرص على تشريع قانون حماية المستهلك، ولا قانون ما يُعرف بالحد الأدنى للأجور، ولا قانون تجريم الطائفية، وغيرها.
ويختم حديثه قالاً إن “التوافقية السياسية هي التي أخّرت إقرار الكثير من القوانين في البرلمان الذي لم ينجح حتى الآن في استجواب وزير واحد في حكومة السوداني أو محاسبته”، واصفاً الأداء النيابي الرقابي بـأنه “ضعيف جداً”.