ملخص
لم تعد مسألة تهجير الغزيين من أرضهم وقطاعهم حديث القرية في المنطقة، فقد غطى على هذا الأمر اللقاء الأميركي – الروسي التحضيري في الرياض للقاء القمة المرتقبة في السعودية بين الرئيسين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين.
هو بلا أدنى شك نجاح كبير للدبلوماسية السعودية، ولا أقصد فقط استضافة الوفدين رفيعي المستوى برئاسة وزيري خارجية الولايات المتحدة الأميركية ماركو روبيو وروسيا سيرغي لافروف، كما لا أقصد الدور السعودي في نجاح المفاوضات الروسية – الأميركية حول الحرب في أوكرانيا كما صرح بذلك الوفدان، لكن المقصود هنا هو النجاح السعودي بالعمل على تلاشي الهلوسة الترمبية بتهجير الشعب الفلسطيني من غزة إلى مصر والأردن، واستحواذ الولايات المتحدة الأميركية على القطاع لتحويله إلى ريفييرا شرق أوسطية.
لم تعد مسألة تهجير الغزيين من أرضهم وقطاعهم حديث القرية في المنطقة، فقد غطى على هذا الأمر اللقاء الأميركي – الروسي التحضيري في الرياض للقاء القمة المرتقبة في السعودية بين الرئيسين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين، فقد نجحت الدبلوماسية السعودية في تحويل التركيز من تهجير أهل غزة إلى إنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية بتنسيق واستضافة وجهود سعودية لإنجاح المفاوضات، فضربت بذلك أكثر من عصفور بحجر دبلوماسي واحد، فلم يعد الحديث عن تهجير أهل غزة هو الطاغي على مانشيتات الأخبار، وهو جهد دبلوماسي هادئ ومضن لإجهاض مخطط التهجير إن وجد، وتصدرت القمة المرتقبة بين الرئيسين الروسي والأميركي نشرات الأخبار بدلاً من أخبار التهجير التي كان يريد بنيامين نتنياهو بقاءها كعنوان رئيس، وتسلطت الأضواء العالمية من موسكو حتى واشنطن مروراً بالعواصم الأوروبية على الدولة العربية المركزية في الرياض ودورها العالمي المهم في استضافة مفاوضات السلام الروسي – الأوكراني ومن ثم القمة الروسية – الأميركية، وكذلك تعززت المكانة الدولية للرياض ودورها القيادي في المنطقة العربية والإسلامية، لكن هاجس التهجير لا يفارق العقل والتفكير، فماذا لو عاد ترمب لأسطوانة تهجير أهل غزة وتوزيعهم على مصر والأردن؟
هذا الموقف اصطدم بالموقف المصري بالرفض الصلب الذي تمثل في إلغاء زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لواشنطن ودعوة القاهرة إلى قمة عربية لمناقشة تطورات الأوضاع الغزية والفلسطينية بصورة عامة، وحشد التأييد برفض هذه الهلوسة السياسية بطرد شعب من أرضه لتحويلها إلى منتجع سياحي، ويبقى السؤال: هل أطروحة دونالد ترمب بطرد شعب غزة جادة وحقيقية أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟
يرى بعض المحللين السياسيين أن دعوة ترمب اللامنطقية بتهجير سكان غزة ما هي إلا للتغطية على ما يقوم به من تجفيف لمستنقع الدولة العميقة، كما يسميها، داخل الولايات المتحدة نفسها، ويتبنى هذا الرأي معارضو ترمب ومؤيدو الحزب الديمقراطي في الغالب، ويرى آخرون أن ترمب بالدعوة إلى التهجير إنما يحاول رفع سقف المطالب لطرح خطة سلام جديدة أو محاولة إحياء “صفقة القرن” التي بشر بها خلال ولايته الرئاسية الأولى، لكن الأخطر هو أن ترمب ربما يطرح تهجير سكان غزة ليتراجع عنه في مقابل اعترافه بضم الضفة الغربية التي بدأت محاولات تفريغها من سكانها منذ عملية أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
المتابعون يرون حُمى إسرائيلية لبناء المستوطنات في الضفة الغربية ومصادرة الأراضي وارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين وإطلاق يد المستوطنين بقتل الفلسطينيين واعتقالهم والتضييق عليهم وهدم بيوتهم وتجريف مزارعهم، ضمن مخطط يستهدف ضم الضفة الغربية المحتلة، فهل هذا ما يهدف إليه ترمب؟ أي أنه غطى على شأن كييف بغزة، فهل يغطي ضم الضفة على التهجير من غزة؟