لقاء غير رسمي
الرياض – تحولت القمة التي عقدت في الرياض بشكل مقتضب وبحضور قادة دول الخليج العربي الست ومصر والأردن، الجمعة، إلى ما يشبه لقاء دردشة سياسية بشأن إيجاد بديل لمقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخاص بتوطين سكان قطاع غزة في كل من مصر والأردن، ومناقشة خطة عربية لإعادة إعمار القطاع.
ومهدت المملكة العربية السعودية للنتيجة المتواضعة لقمة الرياض قبل يوم من انعقادها، عندما نشرت وسائل إعلام تابعة لها على لسان مصادر مسؤولة ما يؤكد أن القمة “ودية وغير رسمية”، وهو ما انعكس ليس فقط على مضمون القمة بل أيضا على أزياء بعض القادة الذين حضروها.
ويفسُّر نزع السعوديةِ الدسمَ السياسي للقمة قبيل انعقادها بأنه تعبير عن رغبة في خفض سقف التوقعات العربية، لعدم اكتمال ملامح الخطة التي قيل إن مصر تعدها بالتعاون والتنسيق مع بعض الدول العربية بديلا عن مقترح ترامب.
وتعتمد الخطة على تفاصيل عديدة، وركيزتين أساسيتين. الأولى: توفير جهات لتمويل سخي لعملية إعادة إعمار غزة التي تقدر بنحو 50 مليار دولار. والثانية: إقناع حركة حماس بنزع سلاحها تماما، والتخلي عن أي دور لها في إدارة القطاع بعد وقف إطلاق النار النهائي فيه، ولا يزال هناك أخذ ورد حول النقطتين.
◙ نزع السعوديةِ الدسمَ السياسي للقمة قبيل انعقادها يفسُّر بأنه تعبير عن رغبة في خفض سقف التوقعات العربية لعدم اكتمال ملامح الخطة
ولم تتضح معالم القمة بوضوح، فدول الخليج التي يعول عليها في تحمل جزء معتبر من تمويل إعادة الإعمار لا تريد دفع أموال ثم تجد أن الحرب في غزة قد عادت مثل ما حصل في مرات سابقة، ولا بد من توافر ضمانات تحول دون ذلك، ما يعني الحاجة الماسة إلى رؤية شاملة لتحديد مصير القضية الفلسطينية، وتوفير دعم دولي لها.
كما أن ازدواجية حماس وإرسال إشارات متناقضة حول دورها في غزة يمثلان إشكالية كبيرة. فتارة تبدي تخليا عن إدارة القطاع، وتارة أخرى تصمم على وجودها والاحتفاظ بسلاحها، وكلاهما يتناقض مع شروط إسرائيل والولايات المتحدة لقبول خطة عربية بديلة، ويمنح دعما لمقترح ترامب، وترويجه باعتباره خطة وحيدة.
ونشرت وسائل إعلام سعودية صورة تجمع كلا من رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد.
اقرأ أيضا: مستقبل غزة والدور العربي لما بعد الحرب
وضمت الصورة أيضا ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله، والشيخ طحنون بن زايد بن سلطان آل نهيان مستشار الأمن الوطني لدولة الإمارات.
ويبدو أن السعودية لم ترد أن تتحول قمة على أرضها إلى رأس حربة في مواجهة ترامب وإسرائيل، وهي التي يعول عليها الطرفان للدخول في عملية تطبيع شاملة ذات أهداف إقليمية ودولية، وموقفها المعلن يرفض فكرة التوطين.
ويقول مراقبون إن قادة الدول العربية الذين شاركوا في قمة توافقوا على صفة “التشاورية” كي لا يتحملوا لاحقا وحدهم تبعات فشل ما يمكن أن تخرج به القمة وصعوبة تطبيقه، ولا يقللون من أهمية القمة العربية الطارئة بالقاهرة في الرابع من مارس المقبل، فإذا قدمت قمة الرياض مخرجات، مهما كانت أهميتها، فهذا يعني أن من سيحضرون قمة القاهرة الموسعة مطالبون بالتصديق على مخرجات قمة الرياض بلا مناقشات.
ويضيف هؤلاء أن الإلزام بمخرجات قمة الرياض قد يربك قمة القاهرة ويثير حساسيات بعض الدول العربية التي لم تشارك في وضع الخطة البديلة أو لم تحضر قمة الرياض، وهو ما جعل الميل نحو تحويل مخرجات قمة الجمعة إلى “دردشة” خيارا عمليا صائبا، لمنح القمة الطارئة في القاهرة زخما.
كما أن الخطة العربية لا تبدو معبرة عن عدد محدود من الدول، والتأييد الكبير عبر قمة موسعة سيوفر لها دعما لمنع تمرير مخطط التوطين ويضع حواجز قوية أمامه، ويوصل رسالة عربية جماعية إلى واشنطن.
◙ قادة الدول العربية الذين شاركوا في قمة توافقوا على صفة “التشاورية” كي لا يتحملوا لاحقا وحدهم تبعات فشل ما يمكن أن تخرج به القمة
وأوضحت الرئاسة المصرية على حساب الناطق باسمها على فيسبوك بعد ظهر الجمعة أن الرئيس عبدالفتاح السيسي غادر الرياض عائدا إلى أرض الوطن بعد مشاركته في اجتماع غير رسمي حول القضية الفلسطينية، بمشاركة قادة كل من مصر والسعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين والأردن.
ونشر الديوان الملكي الأردني على حسابه بمنصة إكس الصورة الجماعية للقادة، لافتا إلى أن الملك عبدالله الثاني، وولي عهده الأمير الحسين، إلى جانب قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر، “في لقاء أخوي بالرياض، بدعوة من سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بالسعودية.”
وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية الخميس إن اللقاء يأتي في سياق “اللقاءات الودية الخاصة التي جرت العادة على عقدها بشكل دوري منذ سنوات عديدة” بين قادة مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن.
وأشارت إلى أنه يأتي في إطار العلاقات الأخوية الوثيقة التي تجمع القادة وتسهم في تعزز التعاون والتنسيق بين دول المجلس والأردن ومصر، وأن أي قرارات تخص العمل العربي المشترك ستصدر “ضمن جدول أعمال القمة العربية الطارئة القادمة.”