مرحبا جميعًا،
في البداية، الرحمة لكل الشهداء الذين سقطوا ضحية الجرائم المرتكبة في سوريا خلال الساعات الماضية، من مدنيين وعسكريين ورجال أمن.
أما أنا، فمثل كل السوريين… لست بخير.
بعد كل ما رأيناه، سمعناه، وقرأناه، يستحيل أن يبقى إنسانٌ عاقل متماسكًا.
لن أعتذر لمن اعتبروا أنني خذلتهم بموقفي الواضح والصريح من المجرمين والقتلة، أيًا كان موقعهم أو الجهة التي يقفون معها. منذ اللحظة الأولى، وصفت الأسد بمجرم حرب، والبغدادي بالإرهابي والمجرم، والجولاني حين كان جولاني بالمجرم أيضًا. وأؤكد، وأنا بكامل قواي العقلية (وأعتقد أنني ما زلت قادرًا على التمييز بين الحق والباطل)، أن ما جرى خلال الساعات الماضية جريمة حرب، والمسؤول الأول عنها رأس السلطة الحالية.
سواء اتفقنا أو اختلفنا على ذلك، هذا هو موقفي. من لا يوافقه، فهو غير مجبر، ومن يريد محاسبتي عليه، فليفعل… فهذا آخر همي. ما زلت مؤمنًا بأنني سأقف يومًا أمام الله، وسأُسأل عن كلمة الحق، التي وصفها نبي الرحمة بأنها أعظم الجهاد.
لماذا أحمّله المسؤولية؟
لأنه صاحب القرار الأول والأخير. لأنه انتهج سياسة التسامح مع المجرمين، فزاد الاحتقان والغضب ضد العلويين. لأنه أطلق العنان للغاضبين، وترك أهالي الساحل رهائن في قبضة فلول الأسد، ثم تخلى عنهم ليُقتلوا بسكاكينهم ورصاصهم.
منذ بدء العملية الأمنية الأخيرة، تحققت من عشرات الصور والمقاطع التي لم تكن مجرد صدمة نفسية، بل جعلت العقل يعجز عن الاستيعاب، والحكيم يضيع في حيرته. مشاهد لجثث هامدة أعادتني إلى مجازر الحولة، كرم الزيتون، حلب، وإدلب. ومشاهد إعدامات ميدانية ذكرتني بـ حفرة التضامن وبكثير من الجرائم التي كنت أعتقد أنني نسيتها.
لكن الأكثر قسوة كان ذلك المقطع الذي يُظهر شخصين يُلقيان القذائف من مروحية تحلق فوق إحدى المدن السورية. حينها، تذكرت حديثًا ساخرًا دار بيني وبين أحد الأصدقاء، حين علّق على انتهاكات بعض المسلحين المحسوبين على الثورة قائلًا:
“لو عندنا براميل، لرميناها على المؤيدين.”
اليوم، تحول هذا الكلام إلى واقع!
تأكدت من صحة المشاهد، لكني لم أتمكن من تحديد هوية القتلة أو تبعيتهم. ما هو مؤكد بالنسبة لي أن المسؤول الأول هو من ذكرته في منشوري السابق، المنشور الذي اضطررت لإخفائه تحت سيل الشتائم والتهديدات التي تلقيتها من “أصدقاء الأمس”، أولئك الذين لم يكتفوا بذلك، بل وزّعوا أرقامي وأرقام عائلتي على الموتورين لشتمي وتهديدي.
أما أيتام الأسد الذين اعتبروا موقفي “صحوة”، خسئتم.
نحن أبناء ثورة الحرية والكرامة، كنا أول من تحدث عن جرائم وانتهاكات المجرمين، وعلى رأسهم سيدكم الأسد وفلوله، من مقداد فتيحة وغياث دلا وأمثالهم، الذين حولوا السوريين إلى ما هم عليه اليوم… مشوّهين، منسلخين عن إنسانيتهم، عن دينهم، عن مبادئهم التي ترفض القتل والظلم.
هذا المنشور ليس اعتذارًا، وليس مزايدة.
هذا المنشور تأكيد لموقفي.
أنا أحمد بريمو، صحفي سوري، نجوتُ من الاعتقال والموت مرارًا، وهُجِّرت قسرًا من أجل الحرية… فهُزِمْتُ.