كشف مسؤول القوة الإيزيدية المنشقة عن قوات البيشمركة أن قواته تدرس مجموعة من الخيارات، في حال لم تتجاوب الحكومة العراقية مع مطلبهم بالانضمام إلى وزارة الدفاع.
وقال العقيد لقمان كلي، لموقع “الحرة”، إن الحكومة المركزية لم تبت بعد في طلبهم، رغم مرور أكثر من 10 أيام على انفصالهم عن قوات البيشمركة التابعة لحكومة إقليم كردستان.
وفي مطلع مارس، عقد كلي، وهو مدير حركات في اللواء الرابع في إقليم كردستان، مؤتمرًا صحفيًا في ساحة التحرير وسط بغداد، أعلن فيه، وهو محاط بمجموعة من الضباط والعسكريين، الاستقالة.
وعزا القرار إلى ما وصفه بالتهميش “والإقصاء”، وطالب بالانضمام كقوة عسكرية لوزارة الدفاع العراقية. وتجاوز تعدادهم 1200 مقاتل، بينهم 75 ضابطًا، كانوا يتمركزون في معسكر في قرية (جم باهيف) على مقربة من الحدود السورية.
وأشار كلي إلى أن مجموعات أخرى من المقاتلين الإيزيديين التحقت بهم بعد إعلان الانشقاق، مؤكدًا أن العدد تجاوز 3100 مقاتل، وهم ينتظرون قرار الحكومة الاتحادية.
وتواصل موقع “الحرة” مع المتحدث باسم الوزارة، اللواء محمد عثمان، للتعليق على هذه القضية، لكنه لم يرد على الاتصالات الهاتفية والرسائل النصية.
مهلة وانتظار
وقال كلي إن بغداد طلبت “الانتظار” لمدة عشرة أيام للبت في قضيتهم، مؤكدًا وجود “مفاوضات” مع ممثلي وزارة الدفاع وقيادة عمليات نينوى.
وذكر العقيد أن هناك “نية” لاستيعابهم داخل منظومة وزارة الدفاع العراقية، مشيرًا إلى أنه في حال لم يتم البت في مصيرهم، فإنهم سيضطرون لاتخاذ مواقف أخرى آثر عدم ذكرها.
وأوضح أن أطرافًا من الإقليم بدأت بكيل “الاتهامات” لهم بعد إعلان الانشقاق عن قوات البيشمركة، مضيفًا أن مسؤولين من الحزب الديمقراطي قد “تواصلوا معي للعودة إلى مواقعنا، لكنني رفضت عرضهم”.
وسعى موقع “الحرة” للحصول على تعليق من الحزب الديمقراطي الكردستاني على هذه المعلومات، إلا أن المتحدث باسم الحزب، محمود محمد، لم يرد على الاتصالات الهاتفية والرسائل النصية.
وعن خياراتهم، قال كلي إن “الانضمام إلى هيئة الحشد الشعبي أو أي جهة أخرى يبقى من الخيارات المفتوحة أمام هذه القوة”، في حال لم تستجب الحكومة الاتحادية لمطلبهم.
ولفت إلى أنهم يسعون لتشكيل قوة نظامية مهمتها الدفاع عن سنجار، وحماية الحدود التي تفصل بين العراق وسوريا في القضاء الواقع في محافظة نينوى.
وقال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، صباح النعمان، في تصريح مقتضب لموقع “الحرة”، إنه لم يصدر أي تعليق عن الجيش بشأن هذه القضية “ولم يتم تداوله”.
وكان كلي قد رفض الاتهامات بأن جهات خارجية أو داخلية أو حتى أيادٍ “خفية” تقف وراء انشقاقهم، مؤكدًا أنهم لا يحملون أي “أجندات دولية أو إقليمية”.
وعبر عن “تفاؤله” باللقاءات التي جمعت بينهم وبين ممثلين لأطراف تابعة لوزارة الدفاع العراقية وقيادة عمليات نينوى، مؤكدًا أن “مهلة” 10 أيام أوشكت على الانتهاء، وسيعلنون عن موقفهم بشكل رسمي.
في المقابل، قال قاسم ششو خلف، آمر فرقة سنجار (قوات إيزيدية قوامها 2000 مقاتل تتبع وزارة البيشمركة)، لموقع “الحرة”، إن أعداد المنشقين “مبالغ فيها”، وهي لا تتعدى 200 شخص على أعلى تقدير، بحسب تعبيره.
صعوبة قبولهم
وقال آمر فرقة سنجار، المتمركزة منذ 2014 في مزار “شرف الدين” على سفح جبل سنجار، إن “الامتيازات المالية” هي التي دفعت بأولئك المقاتلين الإيزيديين إلى الانشقاق عن قوات البيشمركة.
وأوضح أن الظروف الاقتصادية السيئة لإقليم كردستان قد “تدفع آخرين” للالتحاق بهم.
وذكر قاسم أن الحكومة العراقية لم تمنح المنشقين أي “موافقة” حتى الآن، موضحًا أن هناك “اتفاقية” وتفاهمًا بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم مفادها: “إذا انشقت مجموعة فلن يدافع عنها أي من الطرفين”.
واستبعد آمر فرقة سنجار أن ينضم المنشقون إلى هيئة الحشد الشعبي، لأن الحشد “غير مرغوب فيه” حاليًا، قائلًا: “هناك ضغوط تُمارس على فصائل الحشد من قبل الحكومة العراقية والولايات المتحدة لا تسمح لها باستقبال هؤلاء المنشقين”.
وبيّن قاسم أن قوات البيشمركة تعاني من تأخير صرف الرواتب، شأنها في ذلك شأن بقية موظفي الإقليم، مشيرًا إلى “فرق كبير بين الرواتب التي يتقاضاها البيشمركة والجندي العراقي..”.
وأوضح أن عنصر البيشمركة يتقاضى راتبًا شهريًا قدره 500 ألف دينار (340 دولارًا)، في حين أن “أقل راتب في الجيش العراقي يتجاوز مليون دينار (700 دولار)”.
أهداف شخصية وأيادٍ خفية
واعتبر رئيس الحزب الإيزيدي الديمقراطي، حيدر ششو، في حديث لموقع “الحرة”، أن المنشقين كانوا قد انسحبوا مع قوات البيشمركة في 2017 إلى إقليم كردستان، حيث استقروا في دهوك.
وأوضح أن الكثير منهم قد “أحيلوا للتقاعد”، وبالتالي ليس لديهم أي ارتباط رسمي بوزارة البيشمركة.
وأضاف أن انشقاق هؤلاء المقاتلين عن البيشمركة، سواء انضموا إلى الجيش العراقي أو لم ينضموا، “لن يؤثر على الوضع العام في قضاء سنجار”.
وعزا ششو ذلك إلى أن “الكثير من الذين انضموا إلى المنشقين هم من العاطلين عن العمل”، وأقدموا على هذه الخطوة “بهدف الحصول على راتب شهري فقط”.
في المقابل، أشار الكاتب الإيزيدي، خلف شنكالي، إلى أن أهدافًا “شخصية” تقف وراء انشقاق هؤلاء، مؤكدًا أنهم لن يقدموا شيئًا لقضاء سنجار والإيزيديين.
وأوضح أن عددًا كبيرًا من القوات منتشرة في سنجار، على غرار قوات “إيزديخان” و”البيشمركة” وقطعات الجيش العراقي وفصائل الحشد الشعبي وقوات “اليبشة” وحرس الحدود، فضلًا عن وجود الشرطة الاتحادية و”الأسايش”.
ولم يستبعد الكاتب الإيزيدي أن وراء هذا الانشقاق أيادٍ “خفية” وأطرافًا من خارج العراق تسعى لأن يكون لها “موطئ قدم” في سنجار.
واستبعد شنكالي أن يتم استيعابهم ضمن قطعات الجيش العراقي، موضحًا أن “هناك فرقتين عسكريتين من الجيش العراقي متواجدتان الآن في تلعفر وسنجار”.
وأضاف أنه من غير الممكن للمنطقة أن تستوعب المزيد من القوات، فبحسب قوله، هناك أكثر من 30 ألف مقاتل في سنجار ينتمون إلى قوات مختلفة.
استثمار سياسي
وقال الخبير العسكري، أحمد الشريفي، إن لقضية الانشقاق أبعادًا سياسية، وقد يتم “استثمارها” من الناحية السياسية لتقليل نفوذ قوات البيشمركة من جهة وإضعاف قوة الحزب الديمقراطي المتمثلة بشخصية مسعود بارزاني، المقرب من تركيا، من جهة ثانية.
وبيّن لموقع “الحرة” أن تعامل الحكومة الاتحادية كان “خاطئًا” مع هؤلاء المنشقين.
وبحسب قوله، لا يجوز للحكومة أن تستوعب الجماعات التي تنشق عن مؤسسات حكومية رسمية، لأن هؤلاء هم مقاتلون “متمردون”، فكان الأولى بالحكومة أن ترسلهم إلى مواقعهم، ثم تتابع قضيتهم بالتنسيق مع حكومة الإقليم لإيجاد حل لمظلوميتهم.
وأشار الشريفي إلى أن التغيرات الإقليمية في المنطقة ساهمت في زيادة النفوذ التركي، خاصة في سوريا، معتبرًا أن هذا الانشقاق قد يكون “مرتبطًا بالصراع” على النفوذ بين تركيا وإيران، وهو صراع يمتد تأثيره إلى العراق برمته.