يتابع أهالي جبل السماق، من أبناء الطائفة الدرزية السوريين القاطنين في ريف إدلب الشمالي الغربي، بقلق بالغ التطورات الأمنية المتسارعة في محافظة السويداء جنوبي البلاد، في ظل تصاعد التوترات المسلحة بين مجموعات درزية محلية ومسلحين من بعض عشائر البدو، وسط حالة من الانقسام السياسي والمجتمعي غير المسبوقة في الجنوب السوري. ورغم البعد الجغرافي، فإن الروابط الطائفية والوجدانية التي تجمع أهالي جبل السماق بأقرانهم في السويداء جعلت مشهد الاشتباكات والانقسامات السياسية والدينية هناك مدعاة للقلق والخوف من امتداد شرارات الاشتباكات إلى مناطقهم الآمنة في شمال البلاد.
وردًا على هذه المخاوف، عززت وزارة الداخلية السورية وجودها الأمني في محيط جبل السماق، من خلال تكثيف الدوريات والحواجز على مداخل المنطقة ومخارجها، إلى جانب عقد اجتماعات ميدانية مع وجهاء القرى الدرزية ومخاتيرها. وأكدت الوزارة أن حماية السكان “واجب وطني لا تمييز فيه، وأن الدولة السورية تنظر إلى أبناء جبل السماق على أنهم مواطنون كاملو الحقوق كباقي أبناء الوطن”.
انتقادات لمواقف الهجري
في خضم هذه التطورات، انقسمت الآراء داخل الطائفة الدرزية بشأن ما يجري في السويداء، خصوصًا حيال تصريحات ومواقف الشيخ حكمت الهجري، المرجع الديني البارز، الذي اتهمته بعض الشخصيات الدرزية في جبل السماق بـ”تأجيج الفتنة والارتهان لقوى خارجية”. وقال مازن فايز رزق، مختار قرية قلب لوزة في جبل السماق، لـ”العربي الجديد”: “طلب الهجري ومن معه من المجرمين الحماية من المحتل الإسرائيلي أو أي قوى خارجية نرفضه رفضًا قاطعًا، فهو سبب الفتنة في السويداء”. وأضاف: “منذ سقوط النظام البائد، تحاول الدولة الجديدة الوصول إلى اتفاق عبر الحوار مع الوطنيين والشرفاء من أهلنا في السويداء، لكن وجود الهجري ومن معه من المجرمين ما زال يبث الفتنة في الجبل”.
دعوات إلى الحوار ورفض التصعيد الطائفي
من جهته، رأى عصام الإبراهيم، أحد وجهاء المنطقة، أن على أهالي السويداء الوطنيين الوقوف في وجه ما وصفه بـ”الفتنة التي يقودها الهجري”. وقال: “طالما سعت الدولة السورية للحوار مع أهلنا في السويداء”. وتابع الإبراهيم: “في السويداء ثلاثة مراجع دينيين، فكيف للهجري أن يستأثر بالقرار؟ أناشد المثقفين والوطنيين من أهلي الذين كانوا في صف الثورة السورية أن يعودوا إلى صوت العقل، لا للفزعات ولا لسفك الدم”.
في ظل تصاعد الأحداث، بدأت بعض الأصوات على منصات التواصل الاجتماعي بالتحريض على استهداف الدروز في الشمال أو العكس، ما أثار موجة استياء ورفض داخل الطائفة. وقال ناصيف أبو فهد، أحد أبناء الطائفة الدرزية في جبل السماق، لـ”العربي الجديد”، إن “الأصوات التي دعت إلى الفتنة أخيرًا هي فلول النظام السابق. نحن لا نريد أن يُنادى علينا بالدروز، نحن مواطنون سوريون، والدولة السورية تقوم بحمايتنا”. وختم بالقول: “لا أعرف ما هي الضغوط التي يتعرض لها الشرفاء في السويداء من الهجري وجماعته، لكنني أتمنى أن يقفوا في وجه هذه الفتنة. لا حل للسويداء إلا بالامتثال للقانون”.