يسود هدوء حذر منذ ساعات الصباح الحدود اللبنانية السورية، بعد اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري ومسلّحين لبنانيين سُجِّلت عقب مقتل ثلاثة عناصر من وزارة الدفاع السورية في منطقة القصر، أمس الأحد، واتهام مجموعة تتبع لحزب الله بتصفيتهم، وذلك في وقتٍ نفى الأخير علاقته بأي أحداث تجري داخل الأراضي السورية. وقال رئيس بلدية القصر محمد زعيتر لـ”العربي الجديد”، إنّ “الوضع حالياً هادئ على الحدود، والجيش اللبناني ردّ ليلاً على مصادر النيران، كما استقدم تعزيزات عسكرية على الحدود ويعمل على تهدئة الوضع”، لافتاً إلى أنّ “بعض العشائر ردّت من الجانب اللبناني أيضاً على مصادر النيران”.

وأشار زعيتر إلى أنّه “سُجِّل نزوح للمواطنين إلى مناطق مجاورة نتيجة الاشتباكات ومقتل طفل وسقوط عدد من الجرحى إصاباتهم طفيفة”.

وفي بيان أصدره صباح اليوم الاثنين، أفاد الجيش اللبناني بأنه “بتاريخ أمس، بعد مقتل سوريَّين وإصابة آخر عند الحدود اللبنانية السورية في محيط منطقة القصر – الهرمل، نُقل الجريح إلى أحد المستشفيات للمعالجة وما لبث أن فارق الحياة. على أثر ذلك، نفذ الجيش تدابير أمنية استثنائية، وأجرى اتصالات مكثفة منذ ليل الأحد – الاثنين حتى ساعات الصباح الأولى، وسلم بنتيجتها الجثامين الثلاثة إلى الجانب السوري”.

وأضاف “في موازاة ذلك، تعرضت قرى وبلدات لبنانية في المنطقة للقصف من جهة الأراضي السورية، فردّت الوحدات العسكرية على مصادر النيران بالأسلحة المناسبة، وعمدت إلى تعزيز انتشارها وضبط الوضع الأمني”، مشدداً على أنّ “الاتصالات مستمرّة بين قيادة الجيش والسلطات السورية لضبط الأمن والحفاظ على الاستقرار في المنطقة الحدودية”.

 

وأشارت مصادر رسمية لبنانية لـ”العربي الجديد”، إلى أنّ “التنسيق مستمرّ منذ الأمس مع الأجهزة العسكرية من أجل إعادة ضبط الوضع الأمني على الحدود مع سورية، وكذلك الاتصالات مع الجانب السوري لضبط الأمن، والجيش اللبناني يقوم بدوره، ومهامه، وسيقوم بكل ما يلزم من أجل إعادة الاستقرار إلى المنطقة”.

ولفتت المصادر إلى أنّ “الجيش اللبناني عزّز انتشاره على الحدود وكثّف من دورياته واتخذ جملة تدابير من أجل ضبط الأمن، وهو على جهوزية تامة للتصدّي لأي خطر، والتحديات أمامه كبيرة سواء على الحدود السورية اللبنانية وكذلك الجنوبية مع فلسطين المحتلة التي شهدت أمس تمادياً إسرائيلياً في انتهاكاته لاتفاق وقف إطلاق النار، والسلطات اللبنانية تواصل اتصالاتها مع الجانب الأميركي بالدرجة الأولى من أجل الضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها والانسحاب الكامل من لبنان”.

من جهته، قال مصدر نيابي في حزب الله لـ”العربي الجديد”، إنّ “حزب الله لم يقتد أي عناصر سورية إلى داخل الأراضي اللبنانية، ولم يقم بتصفية أحد، ويجدد تأكيده أن لا علاقة له بالأحداث التي جرت على الحدود أمس”، محذراً من أي محاولة لجرّ لبنان إلى أي أحداث أمنية سيكون لها تداعيات خطرة جداً.

وأشار المصدر إلى أنّ “الجيش اللبناني والدولة اللبنانية مطالبون اليوم بتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على سيادة الأرض والعمل على إبعاد أي خطر عنها”.

على الجانب الآخر، تتواصل الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد تنفيذ جيش الاحتلال سلسلة هجمات أمس الأحد، على الجنوب اللبناني، أسفرت عن استشهاد 4 أشخاص.

وفجر اليوم الاثنين، خرقت قوة إسرائيلية الأراضي اللبنانية في بلدة عيتا الشعب في محيط خلة وردة وحدب عيتا، وذلك في وقت استمرّ تحليق طيران الاحتلال على علو منخفض في أجواء الجنوب وكذلك العاصمة بيروت حتى ساعات الصباح.

في الإطار، قال قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل إن “مسؤولية الجيش في المرحلة الراهنة شديدة الأهمية، من خلال عمله على تطبيق القرار 1701 بالتعاون مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل فضلاً عن تحصين ساحتنا الداخلية من خطر الإرهاب”.

وأضاف هيكل اليوم بمناسبة تسلّمه قيادة الجيش أنّ “التحديات التاريخية التي تواجهنا، وعلى رأسها التهديدات والاعتداءات المستمرة من جانب العدو الإسرائيلي، تبقي رهان العهد الجديد كما رهان اللبنانيين كافة على صمودنا واستمرارنا ونجاحنا في توفير الأمن والاستقرار، اللازمين لانطلاق بلدنا في طريق التعافي الاقتصادي والاجتماعي والإنمائي”.

وتوجه هيكل إلى الجيش بالقول إن “مواصلة الجيش أداء دوره الضامن للوطن، تستلزم تضافر جهودنا جميعاً كإخوة سلاح، ضباطاً ورتباء وأفراداً، وتمسُّكنا بالثّوابت الوطنيّة، وإيماننا الثابت برسالة الجندية وقدسية الواجب، وإرادتنا الصلبة التي لا تلين”.