شهدت مختلف المدن التركية ليل الأحد تظاهرات غاضبة على قرار اعتقال رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو وعزله من منصبه بشكل موقت، بالتزامن مع أحكام اعتقال وعزل نهائي بحق العديد من رؤساء البلديات الأخرى ومعاونيه والشخصيات المقرّبة منه والفاعلة ضمن فريقه الإداري.
لكن الاعتقال لم يردع حزب الشعب الجمهوري والمعارضة عن اختيار إمام أوغلو مرشّحاً للانتخابات الرئاسية المقبلة، والمقرر إجراؤها وفق الجدول السياسي عام 2028، في ظل دعوات المعارضة ومطالبها بالذهاب إلى انتخابات مبكرة.
وأمام حشد من المحتجّين وصل عددهم إلى قرابة مليون بحسب مصادر المعارضة، أعلن زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل تصويت 1.653 مليون عضو في الحزب لصالح ترشّح إمام أوغلو، في مقابل 13.211 مليون صوت من مواطنين أعلنوا تضامنهم معه في صندوق آخر مخصص لهذا الغرض.
ونشر إمام أوغلو بياناً عبر حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي من داخل سجن سيليفري، معرباً عن سعادته “بالمشاركة القياسية التي شهدتها الانتخابات التمهيدية لرئاسة الجمهورية” لحزبه، مرجعاً ذلك إلى وجود “ملايين الذين يعانون من ظلم السلطة، والاقتصاد المدمر، وانعدام الكفاءة، وغياب القانون، الذين هرعوا إلى صناديق الاقتراع وقالوا لأردوغان كفى”.
وتم إنشاء 5,600 صندوق اقتراع في 81 محافظة و973 مقاطعة، ضمن المراكز التي فتحت أبوابها للتصويت في الساعة 08:00 صباحاً. وكان من المقرر أن تنتهي العملية الانتخابية الخامسة مساء، قبل أن يتم تمديدها حتى السابعة، لتبدأ بعدها عملية فرز الأصوات.
وبحسب أوزيل، فإن عدد المشاركين كان ليبلغ أكثر من المعلن، لولا النقص الذي حصل في عدد أوراق الاقتراع وقصر مدة التصويت مقارنة بالطوابير المصطفة أمام المراكز.
وقال في خطاب أمام مبنى بلدية إسطنبول الكبرى إن نتائج الانتخابات التمهيدية جعلت الانتخابات المبكرة “حتمية”، مضيفاً: “اليوم وضعت شرعية أردوغان موضع شك تام، وجعلت صندوق الانتخابات المبكرة أمراً لا مفر منه. أخاطب أردوغان وشركاء تحالفه: هيا إلى التحدّي”.
وتفتقد المعارضة التركية مجتمعة إلى النسبة البرلمانية الدستورية التي تخوّلها فرض الانتخابات المبكرة على السلطة الحاكمة، لذلك تأمل في أن يؤدي الضغط الشعبي في الشارع إلى اسقاط الحكومة أو إجبارها على خيار تقديم موعد الانتخابات.
لكن وجود إمام أوغلو في السجن، إلى جانب قرار إلغاء شهادته، يعقّد من المشهد السياسي وينتقص من حقّه الدستوري في الترشح لخوض الانتخابات منافساً للرئيس رجب طيب أردوغان أو من يختاره لخلافته.
اعتقال صحافيين
وفي سياق متّصل، أعلنت نقابة الصحافيين في تركيا الاثنين اعتقال السلطات التركية تسعة صحافيين، بينهم مصور وكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب)، أثناء تغطيتهم للاحتجاجات التي نُظّمت في مدن عدة مساء الأحد لليوم الخامس على التوالي، رغم فرض حظر على التجمعات في العديد من المدن.
وأشارت البيانات الرسمية لوزارة الداخلية التركية إلى توقيف 215 شخصاً خلال تظاهرات الأحد، والبحث عن 74 آخرين مطلوبين، بتهمة مخالفة قرارات منع التجمع والحشود الصادرة مؤخّراً عن الحكومة.
كذلك، بدأت السلطات التركية بإجراءات قضائية في حق مئات حسابات مواقع التواصل الاجتماعي التي اتّهم أصحابها بالتحريض وبث خطاب الكراهية، في وقت عانى الأتراك من صعوبات كبيرة في الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي حتى منتصف الليل، موعد انتهاء الاحتجاجات.
بالتزامن، أعلنت السلطات التركية تمديد حظر التجمّعات والتظاهرات في إسطنبول حتى تاريخ 25 آذار/مارس بعدما كان من المفترض أن ينتهي الأحد الماضي.
وتؤكد المعارضة على استمرارية التظاهرات في الشوارع إلى حين “إحقاق العدالة” بإطلاق مرشّحها الرئاسي.
بالإضافة إلى ذلك، تم الإعلان عن حظر التجمّعات في أنقرة العاصمة، والمدينة الثالثة في البلاد إزمير، حتى التاريخ نفسه، مع إغلاق محطات المترو ومواقف الحافلات الواقعة أو المؤدية إلى مركز المدينة، إلى جانب إغلاق بعض الطرق الرئيسية في المدن الثلاث.