Skip to content

السفينة

alsafina.net

Primary Menu
  • الرئيسية
  • الأخبار
  • افتتاحية
  • حوارات
  • أدب وفن
  • مقالات رأي
  • منوعات
  • دراسات وبحوث
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • الأرشيف
  • Home
  • فاروق الشرع: بشّار الأسد اعتبر إلغاء بيان الإصلاح العربي في قمّة تونس إنجازاً سورياًً (4) سيرة سياسية فاروق الشرع.المصدر :العربي الجديد
  • مقالات رأي

فاروق الشرع: بشّار الأسد اعتبر إلغاء بيان الإصلاح العربي في قمّة تونس إنجازاً سورياًً (4) سيرة سياسية فاروق الشرع.المصدر :العربي الجديد

khalil المحرر مايو 1, 2025

يصدر كتاب “مذكرات فاروق الشرع … الجزء الثاني 2000 – 2015” عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. ويغطي الكتاب فترةً من رئاسة بشّار الأسد (2005 – 2015) استمرّ فيها فاروق الشرع في منصبه وزيراً للخارجية، ثمّ في منصب نائب رئيس الجمهورية، قبل أن يضطرّ إلى الاعتكاف بمنزله في 2013، وإصدار الأسد تعليمات بعدم التواصل معه. وبينما اعتُبر الجزء الأول من الكتاب شهادةً تاريخيةً مهمةً على مسار من الأحداث التي شهدتها سورية في تفاعلاتها الإقليمية والدولية، خصوصاً في ما يتعلّق بالمفاوضات السورية – الإسرائيلية، في عهد الرئيس السوري حافظ الأسد، يقدّم الشرع في هذا الكتاب شهادته على أحداث لا تقلّ أهميةً في عهد بشار الأسد، منها اغتيال رفيق الحريري واتهامات مسؤولين سوريين بالتورّط في اغتياله، ما أسهم في دفع الخروج السوري من لبنان، والأحداث التي عصفت بسورية مع اندلاع الثورة السورية في العام 2011. وتنشر “العربي الجديد” فصولاً من الكتاب. وهنا حلقة رابعة تتناول إجهاض مشروع الإصلاح السياسي العربي في القمّة العربية في تونس (2004).

منذ مطلع عام 2000، اتخذت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية قراراً إصلاحيّاً بعقد القمّة العربية بصورة دورية في شهر مارس/ آذار من كل عام، بحسب الحروف الهجائية لأسماء الدول. في عام 2004، حلّ الدور على تونس لاستضافة القمة، بعد أن عُقدت القمتان السابقتان في بيروت عام 2002، وفي شرم الشيخ عام 2003 بعد اعتذار البحرين عن استضافتها.
عقدنا لقاءً ثلاثيّاً، ضمّني مع (وزيري خارجية السعودية ومصر) سعود الفيصل وأحمد ماهر، قبيل الاجتماع الوزاري التحضيري كما جرت العادة خلال السنوات الأخيرة بين الدول الثلاث سورية ومصر والسعودية، وانضم لاحقاً للاجتماع عمرو موسى.
كان الرأي المرجّح في هذا اللقاء الرباعي المصغر، هو عدم بحث موضوع العراق الساخن، ما دامت دول جوار العراق تجتمع دوريّاً بحضور: سورية والسعودية والأردن والكويت وإيران وتركيا. أما موضوع فلسطين الذي كان يتصدّر عادة جدول أعمال أية قمّة عربية فلن يُبحث جدّياً، لأن الأميركيين، متعهدي عملية السلام، ما زالوا منشغلين بالعراق، فضلاً عن أنهم لا يعيرون المبادرة العربية للسلام التي أُقرّت في قمة بيروت عام 2002 أي اهتمام. انصبّ الاهتمام قي قمّة تونس على مشروع الإصلاح في العالم العربي الذي طرحته الأمانة العامة للجامعة ومصر بناءً على طلب الولايات المتحدة.
عقد الاجتماع الوزاري التحضيري لهذه القمة صباح 27 مارس/ آذار 2004 برئاسة الحبيب بن يحيى وزير خارجية تونس. طرح أحمد ماهر ورقة العمل المصرية لـ”الإصلاح” لمناقشتها وإدراجها على جدول أعمال مؤتمر القمّة، وإصدارها ببيان خاص بحسب رغبة الرئيس حسني مبارك. لم تكن العلاقات يومها جيدة بين مصر وتونس بسبب الخلاف على دور تونس الطموح في الشراكة الأوروبية المتوسّطية، الذي اعتبره مبارك تحدّياً لدور مصر؛ البلد الأفريقي الأكبر.
جاءت ورقة العمل المصرية التي تتحدّث عن الإصلاح لتزيد من حدة الخلاف بين البلدين؛ لأن نظام مبارك من حيث الممارسة السياسية أقل احتكاراً للسلطة في مصر من نظام زين العابدين بن علي في تونس. أما من حيث الشكل، فإن الرئيس جورج بوش قد دعا الرئيس مبارك إلى قمّة الدول الصناعية الثماني في سي آيلاند في يونيو/ حزيران 2004، ولم يوجّه الدعوة إلى الرئيس التونسي، الذي يترأس القمّة العربية الحالية.

لم يترك بن علي أي دور للمعارضة التونسية، وهدّد بقطع العلاقات مع سورية إذا استمرت باستقبال راشد الغنّوشي

تمتع وزير خارجية تونس الحبيب بن يحيى بحسٍّ واقعي، وكانت له مواقف توفيقية في الاجتماعات العربية، تمكّنه من التكيف معها. فاقترح، بوصفه رئيس الاجتماع التحضيري، أن ما جاء في ورقة العمل المصرية يحتاج إلى نقاش بين الوزراء وإخضاع بنودها للتحرير، وهو مصطلحٌ تونسي يعني التعديل. لم تحاول مصر أو الدول العربية الأخرى الاعتراض على اقتراح بن يحيى، الذي يعرف أن رئيسه بن علي لم يترك أي دور فعلي للمعارضة التونسية، إلى درجة أنه هدّد بقطع العلاقات مع سورية إذا استمرت باستقبال المعارض التونسي المبعد راشد الغنوشي، الذي كان يتردّد على دمشق للمشاركة في المؤتمرات العربية التي تعقد فيها تحت شعارات قومية وإسلامية.
لم يكن الأمير سعود الفيصل يتحفّظ شخصيّاً على فكرة الإصلاح، لأن تفكيره ما زال متمحوراً حول هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي هزّت العالم، وكانت بلاده متّهمة بها، لكنه كان يعرف أن المؤسّسة الدينية هي عماد الحكم في المملكة، وهي لا تريد الإصلاح بتاتاً. من جهة ثانية، يأتي طلب الإصلاح، بالنسبة إلى الفيصل، من الرئيس المصري الذي تربطه علاقة استراتيجية بالولايات المتحدة، التي تضغط على حلفائها لإجراء إصلاحات، ما يجعله أكثر تطميناً للمملكة وللفيصل، الذي وافق على مناقشة ورقة العمل المصرية، وإن على مضض.
كان موقف سورية منفتحاً، فرئيسها طرح مبكّراً وعلناً هذه الأفكار الإصلاحية، وحظيت باهتمام دول جامعة الدول العربية، ولكن سورية لا ترى أن يأتي طلب برنامجها الإصلاحي من الولايات المتحدة، لا سيما أن الأميركيين لم يكفّوا عن تهديداتهم لها بعد غزو العراق عام 2003، فأصدروا قانون “محاسبة سورية” بعد غزو العراق عام 2003، ومن ثمّ، الموافقة السورية على برنامج إصلاحي لن تلقى رفض سورية إذا جرى التعامل العربي بمواقف غير ممالئة للأميركيين.

سعود الفيصل في أثناء أعمال القمة العربية السادسة عشرة في العصمة تونس (23/5/2004فرانس برس)
سعود الفيصل مشاركاُ في أثناء أعمال القمّة العربية السادسة عشرة في تونس (23/5/2004 فرانس برس)
قمّة إلى أجل غير مسمى
بدأنا المناقشات بعد توزيع ورقة العمل المصرية خلال الجلسة التحضيرية للقمّة العربية في تونس على جميع الوزراء العرب، وبدأنا في المناقشات فقرةً فقرة. تجاوز الوقت منتصف الليل، بتوقيت تونس، من دون أن تحظى التعديلات التي كانت تأتي من الوزراء بموافقة الجميع، لكن الرغبة عند الوزراء كانت واضحة في استمرار المناقشات الطويلة والساخنة إلى الساعة الثانية بعد منتصف الليل. اقتربنا إلى حدٍ ما من إنجاز بنود الورقة وتعديلاتها، ولم يبق داخل الأقواس لاجتماع القمّة إلا القليل من الكلمات والعبارات.
فجأة سمعنا، ومن دون سابق إنذار، ونحن منهمكون بوضع النقاط على حروف المناقشات النهائية، صدور إعلان عن الرئاسة التونسية يفيد بإلغاء مؤتمر القمة إلى أجل غير مسمى؛ أي قبل ساعات فقط من انطلاق أي رئيس دولة عربية بطائرته صوب تونس للمشاركة في مؤتمر القمة. فتوقف النقاش وشعرنا بالإحباط بعد إهدار كل هذا الوقت، وبدأنا بالتساؤل عن أسباب الإلغاء.
أُلغيت القمة العربية من دون تحديد موعد جديد لانعقادها؛ فلم تُذكر في البيان التونسي الرئاسي أية تفصيلات أو تبريرات. لا نعرف شيئًا عن اتصالات الرئيس بن علي غير المعلنة مع القادة العرب، ولا نعرف السبب الحقيقي وراء الإلغاء المفاجئ، ولم يطلعنا وزير خارجية تونس، رئيس الاجتماع التحضيري، على أسباب التأجيل. ربما كان هو لا يعرف أيضاً ما الذي يجري خلف الستار. سألني بعض الصحافيين الذين سهروا معنا حتى الفجر عن أسباب التأجيل، فاكتفيتُ بالتعبير عن الأسف لا أكثر ولا أقل، ثمّ اتصلت بالرئيس الأسد؛ لأنه يستيقظ عادة باكراً، وأبلغته ما يمكن أن يقال على الهاتف حول التأجيل وإيقاف ترتيبات السفر، أما التفاصيل فكان سيسمعها بعد عودتي إلى دمشق.
لا بد من إلقاء الضوء على اللقاءات والاتصالات التفصيلية، التي سبقت وصولنا إلى تونس من أجل التحضير للقمّة، ولو كانت مملة؛ لأنها قد تساعد في معرفة سبب الإلغاء من خلال الاتصالات بين العواصم العربية. لقد تكثّفت الاتصالات بين الوزراء العرب منذ مطلع السنة؛ إذ كان بعضُهم يسأل: ماذا نريد من القمّة؟ وماذا سيخرج منها؟ كان أول المتصلين سعود الفيصل، الذي سألني عن جدول أعمال قمة تونس، وما إن كان قد وصل إليّ شيء حوله. بعد هذا الاتصال بثلاثة أيام، زارنا الرئيس حسني مبارك، ورغب في أن تكون الزيارة قصيرة جدّاً، وأن يكون اللقاء في مطار دمشق لمعرفة ما إن كان انعقاد القمّة سيتم في الموعد المتفق عليه عربيّاً في نهاية مارس/ آذار 2004.

لم يكفّ الأميركيون عن تهديداتهم لسورية بعد غزو العراق (2003)، فأصدروا قانون “محاسبة سورية”

اتصل عمرو موسى يسأل عن آخر المستجدّات في المنطقة؛ أي عن آخر ما جرى خلال زيارة مبارك إلى دمشق؛ فقد كان حريصاً دائماً بوصفه أمين عام الجامعة أن يعرف موقف مصر أولاً. بعدها بأيام قليلة، زار الرئيس بشار الرياض ورافقته يومها من أجل التباحث مع الأمير عبد الله بن عبد العزيز حول جدول أعمال القمة الدورية. كان موقف السعودية ملتبساً وغامضاً؛ فقد كانت تؤيد الإصلاح لأنها لا تريد إغضاب الولايات المتحدة من جهة، وتخشى “ردّة فعل” المؤسّسة الدينية من جهة أخرى.
بعد عودتنا من السعودية مباشرة، أي في 20 آذار/ مارس، زارنا أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ووزير خارجيته حمد بن جاسم، لمعرفة موقف السعودية. وصل في أعقابهما إلى دمشق الشيخ محمد بن مبارك، وزير خارجية مملكة البحرين، يسأل عن تحضيرات القمّة ومصيرها. ثم زارنا مبعوث الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وزير الثقافة يحيى يخلف، في 24 آذار/ مارس، قادماً من رام الله ليتحدّث عن القصف الإسرائيلي أمس، والذي استهدف حياة الشيخ أحمد ياسين، زعيم حركة حماس، وهو خارج من المسجد بعد صلاة الفجر، ومطالب عرفات من القمة.
أخيراً، وبحماس غير معهود وبعد انتظار طويل، تلقّيت اتصالين هاتفيين متتاليين في يوم واحد من الحبيب بن يحيى يبشّرنا بموافقة تونس على موعد جديد لانعقاد القمّة، مقترحاً يومي 22 و23 أيار/ مايو 2004 في تونس وليس في أي مكان آخر، وطلب اعتبار تأجيل الشهرين كأنه لم يكن. وكان الرئيس المصري مبارك خلال فترة الصمت يلمح في أحاديثه، بعد تلقيه دعوة من الرئيس بوش لحضور قمة الدول الصناعية الثماني، إلى أن الرئيس التونسي بن علي إذا كان لا يود عقد القمّة العربية المؤجلة في تونس، فإنه سيدعو إلى عقدها في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة أو في شرم الشيخ الأكثر أماناً وهدوءاً.

صحافيون يستمعون إلى خطاب عرفات في القمة العربية الـ16 يلقيها عبر الفيديو من رام الله (22/5/2004/فرانس برس)
صحافيون يستمعون إلى خطاب عرفات في القمة العربية الـ16 يلقيها عبر الفيديو من رام الله (22/5/2004 فرانس برس)
العرب والإصلاح السياسي
كنا قد اتفقنا في مطلع مارس، نحن وزراء خارجية سورية ومصر والسعودية، على اجتماع غير معلن في القاهرة لتقييم ما سوف ينتج من مؤتمر القمّة المؤجل بعد أن قرّرت تونس الإفراج عنه. جرت مناقشاتنا على غداء عمل، دعانا إليه أحمد ماهر في 20 أيار/ مايو 2004. كانت نقطة الالتقاء بيننا في النقاش تتمحور حول أن العرب، قادةً وشعوباً، في مأزق كبير بعد غزو العراق، وإلا لما أُجّل مؤتمر القمّة المقرر عقده في تونس في مارس إلى مايو/ أيار على نحو مفاجئ. في القاهرة، أرجع أحمد ماهر سوء الوضع العربي إلى احتلال الكويت عام 1990، واعتبر سعود الفيصل أن تردّي الوضع العربي يعود إلى غزو العراق عام 2003 وامتناع جورج بوش قبل ذلك عن استقبال الوفد العربي للاستماع إلى شرح لمبادرة السلام العربية. وأعدت أنا سوء الوضع إلى مرحلة تسبق ذلك، وهي زيارة السادات إلى القدس عام 1977، وقلت إننا في مأزق تاريخي كبير؛ جذوره الرئيسة في الزيارة المشؤومة، من دون أي اكتراث بالوضع العربي وقضية فلسطين.
ساد صمت غريب طويل، فنظرت إلى أحمد ماهر، فوجدتُ أنه يفضّل عدم الكلام. في حين اعتبر سعود الفيصل كأن الكلام موجه إليه شخصيّاً. بدأ الفيصل يدافع عن دور بلاده في دعم العرب والمسلمين وقضية فلسطين، وأخذ يعدّد الدول المستفيدة، ومنها في الطليعة سورية ومصر. توتّر الوضع ونحن نتناول الطعام على ضفاف النيل الهادئ. قلت نحن على الغداء ولسنا في اجتماع رسمي، ونستطيع أن نقول بصراحة بين أشقاء ما يخطر في بالنا من دون قيود. لنعد إلى ما كنّا بصدده في البداية؛ إذ لا يمكننا قبول كل ما تطلبه أميركا من دون مناقشته، لا سيما بعد غزوها العراق وحلّ جيشه وتفكيك مؤسّساته، ورفضها مبادرة السلام العربية. لكننا نؤمن بالإصلاح الذي هو مطلبنا في سورية، قبل أن يكون مطلب الأميركيين والغرب.

اعتبر وزراء عرب ربط احترام حقوق الإنسان في العالم العربي باحترام إسرائيل لها مقاربةً عقلانية تفتح عيون الدول الصناعية لترى وجود مشكلة فلسطينية لا تقل أهمية عن المشاكل العالمية الأخرى

بعد أن هدأت النفوس، غادرنا إلى مطار القاهرة، وعقدنا الاجتماع الوزاري التحضيري في تونس، وبحثنا هناك عن موقف توافقي بين وزراء الخارجية العرب، تضمّن الكثير من النقاط الواردة في ورقة الإصلاح المصرية، مضافاً إليها، بربط مقنع وباقتراح مني، أن حقوق الإنسان كلٌ لا يتجزأ، ويجب أن تُحترم عالميّاً، لا سيما من إسرائيل التي تحتل أراضينا العربية وتحرم اللاجئين الفلسطينيين من حق العودة إلى وطنهم. تولّد لدي شعور قوي أن تمرير هذه النقاط في القمة غداً سيكون بمنزلة ربط لحقوق الإنسان بقضية فلسطين. رغم اعتقادي واعتقاد كثيرين من زملائي أن الدول الصناعية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، لن تستجيب لهذه المطالب المتعلقة بانتهاكات إسرائيل القانون الدولي واحتلالها الأرض العربية.
يعتبر الأميركيون غزو العراق هزيمة لكل العرب، وأن سقوط بغداد إنذار بسقوط عواصم عربية أخرى. لكن التفاهم العربي هنا هو الأساس، فضلًا عن أن بعض الوزراء اعتبر ربط احترام حقوق الإنسان في العالم العربي باحترام إسرائيل لها مقاربةً عقلانية من شأنها أن تفتح عيون الدول الصناعية لترى أيضًا، وهي تواجه مشاكل العالم، وجود مشكلة فلسطينية لا تقل أهمية عن المشاكل العالمية الأخرى.

فاروق الشرع في اجتماع وزراء الخارجية العرب المنعقد في تونس استعدادا للقمة العربية السادسة عشرة بتونس (25/3/2004/فرانس برس)
فاروق الشرع في اجتماع وزراء الخارجية العرب في تونس استعدادا للقمة العربية السادسة عشرة (25/3/2004 فرانس برس)

مبارك القلِق منذ مقتل السادات
كان الرئيس حسني مبارك قلقاً بعد تعديل الورقة المصرية؛ إذ طلب رؤيتي فور وصوله صباح 21 مايو 2004 في قاعة المؤتمر بوجود الوزير أحمد ماهر، ليسأل عن الهدف من إدخال إسرائيل في الموضوع. شرحت له الأسباب التي رأينا في مقدّمتها ضرورة تطبيق عالمية حقوق الإنسان، وأن لا دولة فوق القانون الدولي، أي إن لدى الدول العربية أيضاً رأياً عاماً ضاغطاً يرى إسرائيل في حالة انتهاك دائم لحقوق الإنسان الفلسطيني والعربي. أوضحت للرئيس مبارك أن مسألة حقّ العودة للفلسطينيين بحسب القانون الدولي لا تحرّمه غير إسرائيل.
افتتحت القمّة العربية ليوم واحد صباح 21 مايو 2004. وكنت قد وضعت الرئيس بشّار بعد وصوله إلى تونس قبل يوم بصورة المناقشات والنتائج التي وصلنا إليها في الاجتماع الوزاري التحضيري على ورقة الإصلاح العربية وعملية ربطه تحقيق الإصلاح بتطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذي يشكل أساس حقوق الإنسان العربي والفلسطيني. علّق عبد الحليم خدّام نائب الرئيس بقوله: هذه أفكار أميركية.
وجد الرئيس بشّار نفسَه في حيرة من أمره؛ لأنه لا يريد أن يرى أحداً يزايد على موقفه. أوضحتُ بوصفي وزير خارجية أسباب تمسّكي بالورقة الإصلاحية: أولاً، لأنها أخذت ببرنامج الإصلاح والتحديث الذي نتبنّاه في سورية. وثانياً، لأنها أصبحت ورقة إصلاح عربية رسميّاً الآن. وثالثاً، لأننا سنحرج الدول الصناعية، رغم أننا لا نعوّل على قبولها لأنها لا تريد إزعاج إسرائيل.
منذ مطلع مارس 2004 تاريخ القمة الدورية في تونس، وحتى 22 مايو يوم اختتام القمّة العربية المؤجلة، يمكن وضع كل الجهود الدبلوماسية التي قمنا بها في كفّة وما سمعته من الرئيس بشار قبل أن نغادر تونس في الكفّة الثانية. اندفع الرئيس كالسهم باتجاه رئيس القمّة زين العابدين بن علي الذي لم يغادر المنصّة بعد، وكأنه أسرّ له بشيء نال رضاه. وعاد بابتسامة وبهجة تراهما في كل ملامح وجهه ولم تغادراه حتى ونحن نهمّ بالخروج من قاعة المؤتمر. وأبلغنا بأنه نجح في الحصول على موافقة رئيس القمّة على شطب كامل البيان المتعلق بـ “الإصلاح”، الذي كانت قد وافقت القمّة العربية عليه بالإجماع (كان عمرو موسى قد قرأ مشروع البيان الختامي وصفّق جميع القادة بمن فيهم الرئيس السوري نفسه). وقال الرئيس لنا إن هذا الجهد الذي بذله مع رئيس القمّة هو أهم إنجاز حققته سورية في مؤتمر قمة تونس.
تبيّن، بعد عودتنا إلى دمشق، أن ما حدث من إلغاء للبيان الختامي من مقرّرات القمة العربية المتعلق بالإصلاح لم يكن نزوة؛ إذ صدرت توجيهات بن علي، بعد اتصالات هاتفية مع بعض الزعماء العرب، فاستبدل البيان الختامي حول الإصلاح بعبارات إنشائية وبلاغية لفظية أفرغته من محتواه ومضمونه. كما أن هذا الإلغاء لم يثر حفيظة الدول العربية الأخرى.

حسني مبارك (يسار) ومعمر القذافي في الجلسة الافتتاحية (22/5/2004/فرانس برس)
حسني مبارك (يسار) ومعمّر القذافي في الجلسة الافتتاحية في القمة العربية في تونس (22/5/2004 فرانس برس)
البيان الافتراضي
لم تنشغل الصحافة العربية عموماً بما حل بالبيان الختامي حول الإصلاح الذي وافقت عليه القمّة العربية في تونس، ولا تعرف لماذا شطب البيان، وجرى تحويره بعبارات إنشائية عامة قي مقرّرات القمة. ربما يعود السبب إلى أن الاهتمام بنتائج ذات قيمة من قمّة تونس أو من أية قمّة عربية كان معدوماً من حيث المبدأ على المستوى الشعبي بعد غزو العراق. ثم إن المصريين المطّلعين على بواطن الأمور كانوا في الأساس غير مرتاحين – كما أظهرت بعض الصحف القومية في مصر – لتلبية الرئيس المصري دعوة رئيس أميركي إلى قمّة الدول الصناعية ليطلعها على البيان الذي طلبه بوش من مبارك باسم الدول العربية، في الوقت الذي كانت فيه الطائرات الأميركية تقصف المدن العراقية.

صدرت توجيهات بن علي، بعد اتصالات هاتفية مع بعض الزعماء العرب، فاستبدل البيان الختامي حول الإصلاح بعبارات إنشائية وبلاغية لفظية أفرغته من محتواه ومضمونه
ورغم هذه الأجواء المضطربة، قرّر الرئيس بشّار تعزيز العلاقات السورية – التونسية؛ أي بين الحزب الدستوري الذي يرأسه بن علي وحزب البعث العربي الاشتراكي الذي يرأسه الأسد. فأوفد كبير الحزبيين محمد سعيد بخيتان، الأمين القُطري المساعد، على رأس وفد حزبي عالي المستوى إلى تونس لتعزيز هذه الصورة. فالرئيس بن علي – بحسب رأي بشّار الأسد – يمكن الاعتماد عليه أكثر من غيره من الزعماء العرب. كنتُ من غير المرحبين بزيارة الوفد السوري تونس، فهي لم تُعرض على القيادة القطرية أصلاً، رغم أنها زيارة حزبية بامتياز، فضلاً عن أن بن علي لا يتيح أي هامش للمعارضة في الداخل أو في الخارج، ولكنه يفضّل نفي أعضائها خارج البلاد. ولعل الأهم من ذلك كله أن الرئيس بشّار الذي صبّ اهتمامه خلال السنتين الماضيتين على الإصلاح تراجع عنه، واعتبر إلغاء “البيان” إنجازاً لسورية.

google newsتابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News

Continue Reading

Previous: زيد بن كمي ماذا تريد الرياض من واشنطن؟.المصدر : الشرق الأوسط
Next: هل استوعبت السلطة السورية دروس الساحل؟ أحمد طعمة…..المصدر :العربي الجديد

قصص ذات الصلة

  • مقالات رأي

العنف والنسيان… رحلة في تاريخ الإبادات الجماعية في العالم… محمد تركي الربيعو..المصدر : القدس العربي

khalil المحرر مايو 23, 2025
  • مقالات رأي

ترامب – نتنياهو: هل عادت المياه إلى مجاريها؟ نبيل عمرو….المصدر :اساس ميديا

khalil المحرر مايو 23, 2025
  • مقالات رأي

الشّرع والأسد وجهاً لوجه.. هشام عليوان….المصدر :اساس ميديا

khalil المحرر مايو 23, 2025

Recent Posts

  • العنف والنسيان… رحلة في تاريخ الإبادات الجماعية في العالم… محمد تركي الربيعو..المصدر : القدس العربي
  • ترامب – نتنياهو: هل عادت المياه إلى مجاريها؟ نبيل عمرو….المصدر :اساس ميديا
  • الشّرع والأسد وجهاً لوجه.. هشام عليوان….المصدر :اساس ميديا
  • من التّأهيل إلى الاحتضان: ما علاقة بريطانيا بالشّرع؟ ابراهيم ريحان.المصدر :اساس ميديا
  • 3 مراحل لضبط السلاح الفلسطيني بدعم مصري تركي قطري؟ وليد شُقَير…المصدر :اساس ميديا

Recent Comments

لا توجد تعليقات للعرض.

Archives

  • مايو 2025
  • أبريل 2025
  • مارس 2025
  • فبراير 2025
  • يناير 2025
  • ديسمبر 2024
  • نوفمبر 2024
  • أكتوبر 2024
  • سبتمبر 2024
  • أغسطس 2024
  • يوليو 2024
  • يونيو 2024
  • مايو 2024
  • أبريل 2024
  • مارس 2024
  • فبراير 2024
  • يناير 2024
  • ديسمبر 2023
  • نوفمبر 2023
  • أكتوبر 2023

Categories

  • أدب وفن
  • افتتاحية
  • الأخبار
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • حوارات
  • دراسات وبحوث
  • مقالات رأي
  • منوعات

أحدث المقالات

  • العنف والنسيان… رحلة في تاريخ الإبادات الجماعية في العالم… محمد تركي الربيعو..المصدر : القدس العربي
  • ترامب – نتنياهو: هل عادت المياه إلى مجاريها؟ نبيل عمرو….المصدر :اساس ميديا
  • الشّرع والأسد وجهاً لوجه.. هشام عليوان….المصدر :اساس ميديا
  • من التّأهيل إلى الاحتضان: ما علاقة بريطانيا بالشّرع؟ ابراهيم ريحان.المصدر :اساس ميديا
  • 3 مراحل لضبط السلاح الفلسطيني بدعم مصري تركي قطري؟ وليد شُقَير…المصدر :اساس ميديا

تصنيفات

أدب وفن افتتاحية الأخبار المجتمع المدني الملف الكوردي حوارات دراسات وبحوث مقالات رأي منوعات

منشورات سابقة

  • مقالات رأي

العنف والنسيان… رحلة في تاريخ الإبادات الجماعية في العالم… محمد تركي الربيعو..المصدر : القدس العربي

khalil المحرر مايو 23, 2025
  • مقالات رأي

ترامب – نتنياهو: هل عادت المياه إلى مجاريها؟ نبيل عمرو….المصدر :اساس ميديا

khalil المحرر مايو 23, 2025
  • مقالات رأي

الشّرع والأسد وجهاً لوجه.. هشام عليوان….المصدر :اساس ميديا

khalil المحرر مايو 23, 2025
  • مقالات رأي

من التّأهيل إلى الاحتضان: ما علاقة بريطانيا بالشّرع؟ ابراهيم ريحان.المصدر :اساس ميديا

khalil المحرر مايو 23, 2025

اتصل بنا

  • Facebook
  • Instagram
  • Twitter
  • Youtube
  • Pinterest
  • Linkedin
  • الأرشيف
Copyright © All rights reserved. | MoreNews by AF themes.