خرج آلاف السوريين في مدينة حمص وريفها، اليوم الخميس، في سلسلة من الاعتصامات الشعبية تنديداً بعمليات القتل والتعذيب والتنكيل المتكررة بحق المدنيين، وسط مطالبات واسعة بمحاسبة الجناة وإنزال القصاص العادل بحقهم. واندلعت الاحتجاجات في عدد من أحياء مدينة حمص، أبرزها حي كرم اللوز، وامتدت إلى بلدات وقرى في الريف، من بينها الغسانية، العقربية، شين، مريمين، الصويري، جن كمرة، نزهة العاليات، البهلونية، بيدر الرفيع.
ورفع المحتجون شعارات تندد بـ”الصمت الرسمي” حيال الجرائم المستمرة، مطالبين الإدارة السورية الجديدة والجهات القضائية والأمنية باتخاذ خطوات عاجلة لملاحقة المتورطين، وتوضيح آليات المحاسبة عبر الإعلام الرسمي، بما يضمن العدالة ويحقق الردع.
وقال عمار اليوسف، أحد المشاركين في اعتصام كرم اللوز، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن “استمرار الجرائم دون محاسبة أو حماية حقيقية للمواطنين يشكل تهديداً مباشراً للاستقرار والسلم الأهلي”، مشدداً على ضرورة تحرك فوري من كل الجهات الرسمية.
هذه الاحتجاجات ليست الأولى من نوعها، إذ سبقتها تحركات مماثلة خلال الأسابيع الماضية في أحياء وبلدات عدة من ريف حمص، إضافة إلى احتجاجات واسعة في شطحة بريف حماة الشمالي الغربي والحفة بريف اللاذقية، ضد تردي الوضع الأمني وتزايد الانتهاكات، ولا سيما ممارسات الخطف والقتل والتدخل في الحياة اليومية وتهديد الحريات الشخصية.
وفجّرت حادثة مقتل المهندس محمود غصّة (59 عاماً) موجة الغضب الحالية، بعد اختطافه من وسط أحد أسواق حمص يوم الثلاثاء الماضي أمام عدد كبير من المارة، قبل العثور على جثته مصفّاة على يد عصابة مسلحة. كما سبقتها حادثة مشابهة تمثلت في اختطاف شابين من مكتب الأمبيرات في حي العدوية، عُثر على جثتيهما لاحقاً خلف مستوصف الخالدية وقد قُتلا بدم بارد.
قوات الأمن في منطقة تلكلخ بريف حمص الغربي، 10 6 2025 (تليغرام)
تقارير عربية
مقتل مدنيين بهجوم مسلح في ريف حمص والأمن السوري يعلن ضبط أسلحة
وقفة احتجاجية في حماة للمطالبة بكشف مصير يوسف الأصفر
وفي مدينة حماة، نظّم عشرات الأهالي وقفة احتجاجية في ساحة العاصي للمطالبة بكشف مصير يوسف الأصفر، أحد أبرز وجهاء المدينة، الذي فُقد في ظروف غامضة منذ أيام.
ورفع المحتجون لافتات تندد بتدهور الوضع الأمني، مطالبين بعودة الأصفر سالماً، ووصفوه بأنه “رمز من رموز المدينة وصاحب أيادٍ بيضاء”.
تقول زهرة محمد (65 عاماً)، إحدى المشاركات في الوقفة، لـ”العربي الجديد”: “جوزي راح، وصهري راح، وابني راح. لبين ما لوين بدنا نضل هيك؟ نحنا طالعين نطلب الأمان. حاج يوسف رمز، ومن أول الثورة وهو يساعد الكل”.
أما آمال محمد، فأكدت لـ” العربي الجديد”، أن يوسف لا يزال يساعد المحتاجين حتى اليوم، قائلة، لـ”العربي الجديد”: “بنتي محروقة، ولسا بيساعدنا برواتب شهرية. والله يفك أسره ونرجعو. طالبين من رئيسنا أحمد الشرع التدخل”.
وقال عيسى جابر، لـ”العربي الجديد”، إن الأصفر معروف على مستوى سورية، ليس فقط في حماة، واصفاً إياه بأنه “عضو مستقل وإيد خير للجميع”. بينما شددت ماجدة عبد العزيز على أن مساعداته الشهرية كانت مصدر رزق لعشرات العائلات، وأضافت: “هو أبو الفقراء بحماة، والله يفتحها بوجهه”.
اعتقال قائد إحدى المجموعات المتورطة باستهداف حواجز أمنية
في سياق منفصل، أعلنت وزارة الداخلية السورية، مساء الخميس، أن قوى الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية ألقت القبض على عمار شقيرة، الملقب بـ”أبو حيدر”، أحد “قادة العصابات المسلحة الخارجة عن القانون، والمتورط في استهداف حواجز تابعة للأمن الداخلي ونقاط للجيش السوري في السادس من آذار/ مارس الماضي”.
وقالت الوزارة، في بيان رسمي، إن العملية تأتي ضمن سلسلة من العمليات الأمنية الهادفة إلى ملاحقة مجرمي الحرب وتقديمهم للعدالة، مشيرةً إلى أنه تم ضبط أسلحة وكاميرات تصوير كانت بحوزة شقيرة، قبل أن يتم تحويله إلى الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه.
ويأتي ذلك بعد إعلان وزارة الداخلية، يوم الأربعاء، اعتقال العميد دعاس حسن علي، الرئيس السابق لفرع أمن الدولة في محافظة دير الزور إبان حكم النظام السابق، بتهم تتعلق بارتكابه جرائم حرب وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين، إضافة إلى قضايا فساد وسرقة للنفط وبيعه لمصالح شخصية. وأوضحت الوزارة أن عملية القبض عليه جرت بعد متابعة دقيقة ورصد مكثف، وتمت إحالته إلى القضاء المختص.
وتواصل قوات الأمن الداخلي وجهاز الأمن العام حملاتهما الأمنية في مختلف المحافظات السورية ضد من وصفتهم الوزارة بـ”العناصر الخارجة عن القانون”، وهم في غالبيتهم من ضباط وعناصر أمنية وعسكرية تابعة لفلول نظام بشار الأسد المخلوع.
وبحسب مصدر من وزارة الداخلية لـ”العربي الجديد”، فقد أسفرت هذه الحملات، منذ سقوط النظام في كانون الأول/ ديسمبر الماضي وحتى اليوم، عن اعتقال مئات المطلوبين، بينهم ضباط كبار وقادة ميدانيون متهمون بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، في حين فرّ عدد آخر من المتهمين إلى وجهات مجهولة خارج البلاد.
مؤتمر صحافي للجنة السلم الأهلي (العربي الجديد)
أخبار
لجنة انتخابات مجلس الشعب في سورية تبدأ تحضيرات المرحلة الانتقالية
اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب تعقد أولى جلساتها
من جانب آخر، عقدت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب في سورية اجتماعاً تمثيلياً لمحافظة ريف دمشق، حضره عدد من الشخصيات المؤثرة، لمناقشة نظام الانتخابات والبرنامج الزمني لها وآليات توزيع المقاعد على المحافظات والمناطق السورية.
وقال الصحافي مجد أمين، المنحدر من ريف دمشق، والذي حضر الجلسة الخميس لـ”العربي الجديد”، إن “الجلسة التي عقدت كانت الأولى من قبل اللجنة العليا للانتخابات، وجاءت بدعوة خاصة لحوالى 300 شخص من فعاليات ريف دمشق، بينهم أعضاء وشخصيات مؤثرة وفاعلة”.
وأوضح أمين أن “اللقاء كان قصيراً نسبياً، لكن تخلله طرح أسئلة فعالة وأخرى عامة، وتم الحديث عن تشكيل لجان فرعية في محافظة ريف دمشق، بحيث تكون هناك 10 لجان تتولى إدارة الانتخابات في مختلف المناطق، وتُجرى الانتخابات وفق عدد محدد لكل محافظة”.
وبيّن الصحافي السوري أن “كل منطقة سيكون لها هيئة انتخابية مكونة من 30 إلى 50 شخصاً، يتفقون على ترشيح أحدهم لتمثيلهم”. وأضاف: “شارك في الجلسة عدد من المسؤولين، من بينهم حسن الدغيم أحد الأعضاء، ومحمد الأحمد رئيس اللجنة، ومحافظ ريف دمشق، ومدير أمن المحافظة، ومدير تربية دمشق، وعدد من المسؤولين المحليين”.
وأشار أمين إلى أن “الجلسة كانت مفتوحة، وطُرح خلالها نحو 15 سؤالاً، لكن الوقت لم يكن كافياً، ما يستدعي عقد جلسات لاحقة، وقد سجلت ملاحظات ومداخلات من الحضور تمحورت حول حجم التمثيل وآلياته، والجهات الرقابية المحتملة التي قد تشرف على الانتخابات، سواء من الداخل أو الخارج، كذلك طرحت تساؤلات عن آلية تشكيل اللجان الفرعية”.
ولفت أمين إلى أن “اللجنة تطرقت خلال الجلسة إلى الشروط الأولية للترشح، التي تشمل شرط العمر، وحسن السيرة والسلوك، والقبول الشعبي، مع تأكيد ضرورة مراعاة التنوع بين الذكور والإناث، بحيث لا تقلّ نسبة النساء عن 20%، بالإضافة إلى تخصيص 70% من المقاعد لأصحاب الكفاءات، و30% للأعيان”.