إيران أبلغت أميركا قبل ساعات من شنها هجمات على قطر، وأبلغت الدوحة أيضا
الدوحة/ طهران – لا يعرف السبب الذي جعل إيران تبدأ ردها على الضربات الأميركية من قطر، التي وصفها بيان للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بأنها “صديقة وشقيقة”، وأن الضربات لم تكن موجهة ضدها، ولكن للقوات الأميركية، في الوقت الذي قالت فيه الدوحة إنها تحتفظ بحق الرد، بالتوازي مع سيطرة حالة من القلق والترقب في دول مثل البحرين والكويت تحسبا لهجمات على قواعد أميركية.
ويرى مراقبون أن اختيار قطر لتدشين الرد الإيراني على المواقع الأميركية في الخليج قد يكون لمعرفة إيران المسبقة أن الدوحة، حليف طهران وأذرعها في المنطقة، ستتفهم دواعي الهجوم، وأنها ستخيّر السكوت على تصعيد ليس في صالحها، حيث أن أيّ خطوة قطرية قد تواجه برد إيراني قوي في ظل عدم توازن القوة من حيث العدة والعتاد والقدرات البشرية.
وهنك تأويلات أخرى تفيد بأن الهجوم الإيراني على قطر كان معدا سلفا، وأن قطر على علم به، ولكنها تتحرك بالحد الأدنى وأن ما أظهرته من شجب وتنديد يدخل في إطار لزوم ما يلزم ليشعر القطريون أن بلدهم قد احتج ولوّح بالرد وإن كان قد أجّل ذلك إلى موعد مجهول تعبّر عنه عادة عبارات “الاحتفاظ بحق الرد”، التي تعني عادة أن لا وجود لرد.
الهجوم هدف إلى عدم إلحاق أضرار بالقاعدة الأميركية ولا بمواقع قطرية، ما يؤكد أن الغاية منه استعراض القدرة على الرد
وقال مصدر إقليمي كبير لرويترز إن إيران أبلغت أميركا عبر قناتين دبلوماسيتين قبل ساعات من شنها هجمات على قطر، وأبلغت الدوحة أيضا.
وأكد المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران بأن الجمهورية الإسلامية استهدفت الاثنين قاعدة العديد الأميركية في هجوم شددت على أنه لا يشكّل أيّ تهديد لقطر ويأتي للرد على ضربات واشنطن ضد منشآتها النووية.
وأعربت قطر عن إدانتها للهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة العديد الجوية الأميركية، وهي الأكبر في الشرق الأوسط، معتبرة أنه “انتهاك صارخ” لسيادتها ومؤكدة أنها “تحتفظ بحق الرد المباشر” عليه.
وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في بيان “نعرب عن إدانة دولة قطر الشديدة للهجوم الذي استهدف قاعدة العديد الجوية من قبل الحرس الثوري الإيراني، ونعتبره انتهاكا صارخا لسيادة دولة قطر ومجالها الجوي، وللقانون الدولي،” مضيفا “قطر تحتفظ بحق الرد المباشر بما يتناسب مع شكل وحجم هذا الاعتداء السافر.”
وأعلنت وزارة الدفاع في بيان أن الدفاعات الجوية القطرية نجحت في اعتراض هجمة صاروخية استهدفت قاعدة العديد الجوية. وقال البيان “بفضل الله ويقظة عناصر القوات المسلحة والإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها، لم ينتج عن الحادث أيّ وفيات أو إصابات.”
وما يلاحظ أن الهجوم قد هدف إلى عدم إلحاق أضرار بالقاعدة الأميركية ولا بمواقع قطرية، ما يؤكد أن الغاية منه استعراض القدرة على الرد، وأن الأميركيين قد يكونون سهلوا ذلك لامتصاص الغضب الإيراني وإعطاء طهران الفرصة للعودة إلى التفاوض.
وأكد مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية “يمكنني التأكيد بأن قاعدة العديد الجوية تعرضت إلى هجوم بصواريخ باليستية قصيرة ومتوسطة المدى مصدرها إيران. في الوقت الحالي، لا توجد تقارير عن سقوط ضحايا أميركيين.”
كان ردا من أجل الرد، وهو ما يفسر ما قاله بيان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني من أن الهجوم كان “ردّا على العدوان والتحرك الأميركي الوقح ضد مواقع ومنشآت إيران النووية قبل عدة ساعات، هاجمت القوات المسلحة الباسلة للجمهورية الإسلامية الإيرانية قاعدة العديد الأميركية في قطر،” مضيفا بأن عدد الصواريخ المستخدمة “يعادل عدد القنابل التي استخدمتها الولايات المتحدة في مهاجمة منشآت إيران النووية.” وشدد على أن “هذا التحرك لا يشكّل أيّ تهديد لدولة قطر الشقيقة والصديقة.”
ويبدو أن التحرك الإيراني كان مضبوطا بألا يتجاوز استهداف قطر لسهولة المهمة من جهة ولاختبار الرد الأميركي على استهداف إحدى أهم القواعد الأميركية في الخليج.
وقال مسؤول عسكري أميركي إنه لم يتم رصد أيّ هجوم إيراني على قواعد أميركية أخرى باستثناء التي في قطر.
وفي أول رد خليجي، أدانت الإمارات استهداف إيران لقاعدة العديد واعتبرته “انتهاكًا صارخًا لسيادة قطر ومجالها الجوي.” وطالبت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان بـ”الوقف الفوري للتصعيد العسكري.”
وأدانت السعودية بأشد العبارات هجوم إيران على قاعدة أميركية في قطر ووصفته بـ”انتهاك صارخ” للقانون الدولي ومبادئ حسن الجوار. وأكد بيان لوزارة الخارجية الأميركية أنه أمر مرفوض ولا يمكن تبريره.
وأغلقت البحرين والكويت مجالهما الجوي مؤقتا كإجراء احترازي بانتظار من سيكون الطرف الموالي للهجمات الإيرانية.
وكانت السفارة الأميركية في قطر قد دعت قبل الهجوم بساعات رعاياها إلى “الاحتماء في أماكنهم،” تبعتها بعثات غربية أخرى، بعد تهديد إيران بالرد على الضربات الأميركية التي استهدفت منشآتها النووية.
حح
وقالت السفارة الأميركية عبر موقعها الإلكتروني إنه “من باب الحذر الشديد، نوصي المواطنين الأميركيين بالاحتماء في أماكنهم حتى إشعار آخر.” واستندت بريطانيا وكندا إلى التحذير الأميركي في توصياتهما لمواطنيهما.
وكانت القوات المسلحة الإيرانية قد توعّدت الولايات المتحدة الاثنين بـ”عواقب وخيمة” ردا على الضربات التي طالت ثلاثة مواقع نووية في إيران.
وتضم قطر الواقعة على بعد 190 كيلومترا إلى جنوب إيران عبر الخليج، قاعدة العديد الجوية، وهي أكبر قاعدة أميركية في المنطقة.
وفي البحرين التي تستضيف الأسطول الخامس الأميركي، أفادت السفارة الأميركية بأنها “نقلت مؤقتا جزءا من موظفيها للعمل عن بُعد،” في منشور على منصة إكس.
وكانت السلطات البحرينية قد أوعزت مسبقا إلى غالبية الموظفين الحكوميين بالعمل من المنزل حتى إشعار آخر، مشيرة إلى “ظروف إقليمية.”