رووداو ديجيتال
يرى مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، أن المواجهة المباشرة بين أمريكا وإيران “انتهت” بعد الهجوم على قطر، لكنه يحذر من خطر استخدام إيران للفصائل التابعة لها، مثل الحشد الشعبي، لضرب المصالح الأمريكية.
في حوار مع شاهيان تحسين في نشرة أخبار الساعة منتصف الليل على شبكة رووداو الإعلامية، أعلن شينكر أن ترمب قال إنه يريد العودة إلى المفاوضات “نحو 100 مرة”.
بعد أن قصفت إيران القاعدة العسكرية الأمريكية في قطر انتقاماً لهجمات أمريكا وإسرائيل، قال ديفيد شينكر إن الوضع مشابه لما حدث بعد مقتل قاسم سليماني: “أعتقد أن الهجمات ستتوقف. أراد الإيرانيون الرد بطريقة ما، لكنهم لم يريدوا إصابة أو قتل أي شخص. الإدارة الأمريكية تريد أيضاً تجاوز هذا الأمر”.
وعند إجابته على سؤال حول ما إذا كان ترمب سيرد على هجوم إيران، قال: “أعتقد أن من الواضح جداً أن أمريكا لا تريد الرد، لأنه لم يصب أي شخص. القطريون أيضاً اعترضوا الصواريخ. لذلك أعتقد أن ترمب مرتاح الآن وليس لديه مشكلة”.
يأتي هذا الوضع بعد سلسلة من التطورات. في البداية، هاجمت أمريكا وإسرائيل ثلاث قواعد نووية إيرانية في نطنز وفوردو وأصفهان، ويوم الاثنين (23 حزيران 2025)، واجهت طهران وكرج سلسلة من الهجمات الواسعة. في المقابل، هدد المسؤولون الإيرانيون الكبار برد “مؤلم”، لكنهم اقتصروا في ردهم العسكري على استهداف قاعدة عسكرية في قطر.
يعتقد شينكر أن إيران اختارت قطر لأنها “كانت تعلم أن تلك الصواريخ لن تصل إلى أي هدف وسيتم اعتراضها”.
رغم التوترات، يعتقد شينكر أن باب الدبلوماسية لم يغلق: “قال ترمب إنه يريد العودة إلى المفاوضات، نحو 100 مرة. أعتقد أن هجمات إسرائيل في الأيام الأخيرة وهجوم أمريكا قد شكلا ضغطاً كاملاً على إيران يرغمه على الجلوس على طاولة الحوار”.
لكن شينكر وضع شرطاً للمفاوضات الناجحة: “هذا يعتمد على مدى جدية إيران في التوقف عن تخصيب اليورانيوم. إذا كانوا جادين، فسوف يتحدث ترمب مع إسرائيل ويطلب منهم التوقف، وإلا فإن حل هذه المشكلة صعب جداً”.
وحذر مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق من أن إيران قد تستخدم الفصائل التابعة لها في العراق للهجوم: “إذا استمر الحشد الشعبي في هجماته بالطائرات المسيرة، فإن أمريكا وإسرائيل ستردان بلا شك، كما رأينا في 2024، وهذا لن يساعد العراق.”
وعن إقليم كوردستان، قال شينكر: “لا أعتقد أن هذه الحرب سيكون لها تأثير مباشر على إقليم كوردستان. إضعاف إيران جيد لحكومة إقليم كوردستان. يسعدني أن الإيرانيين لم يهاجموا أربيل وعين الأسد، لكن ليس واضحاً ما إذا كانوا سيفعلون ذلك في المستقبل أم لا”.
وأدناه نص حوار شبكة رووداو الإعلامية مع مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر:
رووداو: انتقاماً لهجوم 22 حزيران، قصفت إيران القواعد العسكرية الأمريكية في قطر، هل ستتوقف هنا، أم ستشن أمريكا هجمات أكثر في المقابل؟
ديفيد شينكر: أعتقد أن الهجمات ستتوقف. هذا الوضع مشابه لما حدث بعد مقتل قاسم سليماني. قال الإيرانيون لأمريكا: سنهاجم. طلبوا من الأمريكيين إخلاء المنطقة؛ لم يريدوا إصابة أو قتل أي شخص. الإدارة الأمريكية تريد تجاوز هذا، لكن لا تعرف أبداً ما إذا كان الإيرانيون سيعهدون إلى فصائل مثل الحشد الشعبي بمهاجمة عين الأسد أو أربيل، أو الدبلوماسيين الأمريكيين. لكنني أعتقد أن هذا انتهى الآن وأننا بعيدون عن ذلك.
رووداو: هذا يعني أنه لا يوجد خطر على أي قاعدة أمريكية في العراق وسوريا وقطر والبحرين وعموماً في الشرق الأوسط؟
ديفيد شينكر: أعتقد أن الإيرانيين أرادوا الرد بطريقة ما على الهجوم الأمريكي على القواعد النووية في نطنز وفةردو وإصفهان. لكن كان هناك قلق من أن هجمات إيران ستصبح أوسع، مثل ما رأيناه بعد مقتل قاسم سليماني عندما هوجمت عين الأسد وأربيل. لكن لا يبدو أن نفس الشيء سيحدث الآن. قد تفعل إيران ذلك، لكن يبدو أنهم راضون الآن عن هذه الهجمات وسيتوقفون.
رووداو: كتب ترمب في منشور أنه “حان وقت السلام”. هل هذا يعني أن أمريكا لن ترد على ذلك الهجوم؟
ديفيد شينكر: نعم، أعتقد أن من الواضح جداً أن أمريكا لا تريد الرد، لأنه لم يصب أي شخص. ثم أن القطريين اعترضوا الصواريخ أيضاً. لذلك أعتقد أن ترمب مرتاح الآن وليس لديه مشكلة.
رووداو: عندما يقول ترمب “الإيرانيون أبلغونا أنهم سيهاجمون”، هل هذا يعني أيضاً أن الأمريكيين طلبوا من الإيرانيين إخلاء قواعدهم النووية؟
شينكر: لا، لا أعتقد أن أمريكا أعطت أي تحذير بإخلاء فوردو، ولم تقل سأهاجم. لكن اليوم كان هناك شيء للمواطنين الأمريكيين والموظفين في قطر، وقد أخلوا مواقعهم. كان واضحاً أن هناك تحذيراً وأن شيئاً قد يحدث. لكن لا أعتقد أن أمريكا في هجومها على إيران أعطت أي معلومات لإيران بأن دفاعهم الجوي محدود لإعطائهم فرصة للرد على أمريكا. لذلك أعتقد أنه لم يحدث شيء كهذا.
رووداو: الآن بعد هذه المرحلة وبعد هذه الهجمات، هل ترمب مستعد للتفاوض مع إيران؟
شينكر: نعم، قال ترمب إنه يريد العودة إلى المفاوضات نحو مئة مرة. قال هذا بعد شهرين من المفاوضات من خلال مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف. لكنني أعتقد أن ترمب كان غاضباً من أن إيران لا تريد التفاوض والتوقف عن تخصيب اليورانيوم. عندما يرى ترمب أن الإيرانيين لا يزالون ملتزمين بذلك المشروع، يواجه سؤال لماذا يريدون تخصيب اليورانيوم حتى 60٪. قال دائماً إن بابي مفتوح للدبلوماسية. لكنني أعتقد أن ذلك كان تكتيكاً لجعل الإسرائيليين يستمرون وترمب يرد عليهم.
رووداو: يقول ترمب الآن، إننا دمرنا البرنامج النووي الإيراني والقواعد النووية دمرت من قبل أمريكا. هل ستتفاوض أمريكا مع إيران على ما بعد تلك المرحلة؟
شينكر: أولاً، لا أعتقد أننا نعرف بيقين ما إذا كان فوردو قد دمر أم لا. نعم، يمكننا أن نعرف أنه تعرض لضرر كبير، لكننا لا نعرف ما إذا كان قد دمر أم لا. لا نعرف هذا قبل إجراء تحقيق جيد. لكن يبدو أن قاعدتي نطنز وأصفهان النوويتين دمرتا بالكامل. كما قلت، يريد ترمب حل هذا من خلال المفاوضات. أعتقد أن هجمات إسرائيل في الأيام الأخيرة على إيران وهذا الهجوم الأمريكي على فوردو شكلا ضغطاً كاملاً على إيران للجلوس على طاولة الحوار. لكن لا أعتقد أن ترمب سيذهب إلى مفاوضات تعطي الإيرانيين المزيد من الفرص والوقت لوضع أنظمة مضادة للصواريخ ومضادة للطائرات وتقويتها. إذا كان الإيرانيون جادين بشأن التفاوض، يمكنهم الاتصال بويتكوف والقول نريد إيقاف البرنامج والتحدث. إذا سمع ترمب شيئاً كهذا، سيكون سعيداً جداً.
رووداو: تقول إنه لم يبق سوى مرحلة تقدير الأضرار في فوردو وإذا تأكدت أمريكا من أنه دمر أيضاً، فستكون مستعدة للحوار الدبلوماسي. هل ستطلب حينها من إسرائيل التوقف عن هجماتها والركون إلى محاولة دبلوماسية أخرى؟
شينكر: أعتقد أن هذا يعتمد على مدى جدية إيران في التوقف عن تخصيب اليورانيوم أم لا. إذا كانوا جادين، فسوف يتحدث ترمب مع إسرائيل ويطلب منهم التوقف. على أي حال، تريد إسرائيل إلحاق ضرر كبير بإيران. سمعنا أيضاً أن إسرائيل تستنزف نظامها المضاد للصواريخ وتناقص. لذلك يريدون معرفة ما إذا كانت إيران تريد إيقاف برنامجها النووي أم لا.
رووداو: لأمريكا وإيران هيمنة كبيرة على العراق. هل هجمات أمريكا على إيران قد تعمق الانقسام السياسي داخل العراق؟ أم تقوي الفصائل التي تدعمها إيران؟ برأيك هل سيحدث ذلك أم العكس؟
شينكر: لا أعرف ما ستكون تأثيرات هذه الحرب على العراق. أعتقد أن إضعاف الفصائل التابعة لإيران سيؤدي إلى إضعاف إيران. على سبيل المثال، إضعاف حزب الله وحماس وسقوط نظام بشار الأسد، كل هذا أضعف إيران. لكنني أعتقد أن لديهم حليفين كبيرين هما ميليشيات العراق مثل الحشد الشعبي وكذلك الحوثيين في اليمن. لذلك أعتقد أن إيران اعتمدت كثيراً على العراق واليمن، وقال نائب إيراني إنهم سيفعلون الحشد الشعبي لمهاجمة أمريكا أو إسرائيل مرة أخرى. لا أعرف ماذا يعني هذا للعراق، لكن يمكنني القول إن هذا يعني أننا سنرى هجمات رد أمريكية وإسرائيلية على الحشد إذا استمروا في هجماتهم بالطائرات المسيرة، كما رأينا في 2024 عندما شنوا حوالي 150 هجوماً على إسرائيل. بلا شك هذا لن يكون مفيداً للعراق، لأن العراق يحاول الآن تطوير اقتصاده وبناء دولة ناجحة، لكنني لا أعرف إلى أين الاتجاه وما إذا كان الحشد الشعبي سيدخل هذه الحرب ويهاجم أم سيقف وينتظر.
رووداو: بالنظر إلى عملكم على صياغة استراتيجية أمريكا تجاه الصين في المنطقة، كيف أثرت هجمات أمريكا على المنشآت النووية الإيرانية على المصالح الاستراتيجية الصينية في الشرق الأوسط؟
شينكر: أعتقد أن الصين قلقة جداً بشأن النفط القادم من الخليج. يقلقون من أن إيران ستغلق مضيق هرمز. لكن لا أعتقد أن إيران ستغلق هذا المضيق، خاصة بالنسبة للغاز، لأن إيران لا تريد الإضرار بالصين. هذه الهجمات تشير إلى أن أمريكا لديها موقف ضامن السلام.
رووداو: بالنظر إلى العلاقة الخاصة لإقليم كوردستان مع بغداد والأطراف الدولية المختلفة، وكذلك حسب تعاملكم السابق مع القيادة الكوردية، ما توقعاتكم عن التأثيرات الاقتصادية والأمنية والإنسانية على إقليم كوردستان كنتيجة مباشرة لهجمات أمريكا على البرنامج النووي الإيراني وأي تصعيد لاحق؟
شينكر: لا أعتقد أن هذه الحرب سيكون لها تأثير مباشر على إقليم كوردستان. الآن، إيران لديها صواريخ أقل. لذلك إضعاف إيران جيد لحكومة إقليم كوردستان. يسعدني أن الإيرانيين لم يهاجموا أربيل وعين الأسد، لكن بلا شك ليس واضحاً ما إذا كانوا سيفعلون ذلك في المستقبل أم لا.
رووداو: ألم تتساءلوا أنتم أيضاً لماذا اختارت إيران مهاجمة قطر، بينما كان الجميع يتوقعون أن تهاجم العراق؟
شينكر: ربما اختاروا قطر لأن لديهم أنظمة مضادة للصواريخ كثيرة هناك. ربما اختار الإيرانيون ذلك المكان لأنهم كانوا يعلمون أن تلك الصواريخ لن تصل إلى الهدف وسيعترض سبيلها. لا أعرف لماذا اختاروا قطر تحديداً، لكنهم اختاروا قاعدة واحدة ولم يصب أي شخص.
رووداو: برأيك، هل باب الدبلوماسية مفتوح لحل هذه الحرب؟ هل هناك أي أمل في أن يتوسط طرف ما لوقف هذه الحرب؟ أم أن إسرائيل مصرة على الحرب ولن تتوقف؟
شينكر: بلا شك هناك دائماً فرصة للعمل الدبلوماسي. بالتأكيد لم تبدأ هذه الحرب قبل 12 يوماً، بدأت الحرب منذ وقت مبكر؛ عندما قتلوا رئيس وزراء لبنان في لبنان، عندما شجعوا الأسد في سوريا لقتل حوالي نصف مليون شخص وتشريد 12 مليون شخص معظمهم من السنة والمسيحيين، عندما جلبوا عدم الاستقرار إلى اليمن، عندما قوضوا سيادة العراق وأنشأوا عدة ميليشيات لا تنصاع للحكومة العراقية، لقد بدأوا الحرب ضد المنطقة منذ 1979. قلق أمريكا وإسرائيل الكبير والوحيد، يتمثل في أن إيران تريد الحصول على أسلحة نووية. إذا أرادت إيران التفاوض على وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة عالية جداً، فقد تكون هناك فرصة دبلوماسية، وإلا فإن حل هذه المشكلة سيصبح صعباً ومعقداً جداً.