ملخص
وحدات عدة معلنة وأخرى سرية عملت على مدار أكثر من 21 شهراً منذ اندلاع الحرب، في جمع المعلومات وإعداد التقارير ورصد تحركات كيانات لضمان تنفيذ عمليات محددة، لا سيما الاغتيالات التي تنفذها إسرائيل.
كشف عن أن هذه الوحدة تسهم أيضاً في عمليات الاقتحامات السرية وجمع الوثائق في مواقع وأماكن في غاية الحساسية خارج إسرائيل، تبقى تفاصيلها في ملف “سري للغاية” لدى الاستخبارات العسكرية.
لم تترك إسرائيل منذ اليوم الأول من حرب “طوفان الأقصى” وسيلة عسكرية واستخبارية إلا وعززت نشاطها، خصوصاً في جانب الاستخبارات، بعد أن سجلت أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 فشلاً استخبارياً ذريعاً لم يمنع اختراق أكثر الحدود أمناً، بحسب ما هو معروف في إسرائيل، جنوباً تجاه غزة وما تلاه من اندلاع حرب لم تنته بعد.
منذ مطلع هذا العام، وبعد اتفاق وقف النار مع لبنان، من جهة، وانهيار نظام الأسد، من جهة أخرى، باتت هاتان المنطقتان المحاذيتان لإسرائيل شمالاً، نصب عين أجهزة الاستخبارات لضمان تحقيق الأهداف الإسرائيلية بكل ما يتعلق بتصفية قيادات عسكرية وتقويض وتدمير قدرات التنظيمات التي تعتبرها إسرائيل معادية لها، وتشكل خطراً أمنياً على أمن سكانها وحدودها.
وحدات عدة معلنة وأخرى سرية عملت على مدار أكثر من 21 شهراً منذ اندلاع الحرب، في جمع المعلومات وإعداد التقارير ورصد تحركات كيانات لضمان تنفيذ عمليات محددة، لا سيما الاغتيالات التي تنفذها إسرائيل. أبرز هذه الوحدات المعروفة بـ”وحدة التحقيقات البشرية والاستخبارية – الوحدة 504″، التي أطلق عليها على مدار أعوام نشاطها تسميات عدة بينها “الوحدة 154″ و”استخبارات 10″ و”وحدة الكتم” و”تشكيلة الاستخبارات البشرية”، وتعتبر وحدة النخبة في شعبة الاستخبارات العسكرية، وضمن مهماتها أيضاً تجنيد وتشغيل عملاء سريين خارج إسرائيل.
خلال الشهرين الأخيرين، أوكلت بأكثر من عملية اعتبرتها إسرائيل في غاية النجاح، آخرها عملية ليل الإثنين في سوريا حين اعتقل الجيش الإسرائيلي خلية قال إنها تابعة لإيران وقد جرى توجيهها من “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني.
في بحث التفاصيل تبين أن “الوحدة 504″، عملت منذ فترة في مختلف مناطق الجنوب السوري، بعدما أعلن الجيش أنه لن يسمح بنشر تنظيمات معادية في هذه المنطقة السورية خشية تهديد الحدود الإسرائيلية من جهة، ولحماية الأقليات وتحديداً الدروز من جهة أخرى.
الالا.png
أسهمت باعتقال 300 فلسطيني وفروا خلال التحقيق معهم معلومات عن أنفاق ومستودعات وأساليب العمل العسكري (موقع الجيش الإسرائيلي)
الوحدة تمكنت ضمن مهماتها، سواء من خلال نشر محققيها الميدانيين في جنوب سوريا أم تشغيل عملاء لها، من رصد معلومات وتفاصيل حول هذه الخلية، وبحسب ما هو متبع تجمع الوحدة المعلومات من مختلف المصادر وتحولها للجيش لمساعدة الفرق العسكرية أو الألوية التي ستنفذ عمليات، سواء في سوريا أم لبنان أم غيرهما من الدول.
في عملية “ليل الإثنين” عملت قوات لواء “ألكسندروني”، تحت قيادة الفرقة 210، وفق معلومات جمعها عناصر هذه الوحدة وعملاؤها على مدار أكثر من شهرين، وبحسب الجيش تمكنت القوات من الوصول إلى الخلية بناء على المعلومات الاستخبارية الدقيقة، واعتقالها.
هذه العملية واحدة من عشرات العمليات التي تقف خلفها الوحدة الاستخبارية، غير المعروفة كبقية الوحدات. ويقول الجيش إنها قدمت المعلومات الأكثر دقة، واعترفت أن تفعيل العملاء لعب دوراً كبيراً في نجاح المهمة.
جذور “الهاغاناة”
اعتقال الخلية جنوب سوريا هي العملية الثانية في أقل من أسبوع، واعتمدت على تقارير استخبارات الوحدة “504”، وهذه هي المرة الثانية خلال أسبوع تعمل الوحدة “504”، في تقديم معلومات دقيقة حول أشخاص مطلوبين لإسرائيل بتهمة تشكيل خطر عليها، من دون أن يفصح الجيش عن عدد السوريين المعتقلين لديه جراء هذه العمليات، التي تسهم في تنفيذها الوحدة “504”، ضمن هدف الوصول إلى أكبر عدد من نشطاء التنظيمات المختلفة. وبحسب الجيش، دائماً ما يتخلل العمليات ضبط وسائل قتالية وأسلحة من نوعيات مختلفة بينها قنابل يدوية، وكلها ذخيرة تهدد أمن إسرائيل.
تصدرت الوحدة “504” العناوين الإسرائيلية خلال الأشهر الأخيرة بعد تكثيف العمليات في لبنان وسوريا، وأعلنت خلالها إسرائيل اغتيال شخصيات أوكلوا بمهمات عسكرية بارزة، وكذلك خلايا مقاتلة ضد الجيش الإسرائيلي.
فهذه الوحدة تأسست في الـ30 من يونيو (حزيران) من عام 1948 ضمن استخبارات الجيش، ثم بعد أقل من عام أصبحت تابعة مباشرة لشعبة الاستخبارات العسكرية، وأطلق عليها اسم “مخابرات 10″، ونجحت في جمع معلومات استخبارية مهمة للغاية.
تعتبر الوحدة جذور منظمة “الهاغاناة” (وتعني بالعبرية الدفاع) التي نشطت قبل قيام إسرائيل، وجندت شباناً يهوداً لمقاتلة الفلسطينيين والثوار، الذين حاولوا التصدي لمشروع إقامة إسرائيل. على مدار عشرات الأعوام اكتسبت الوحدة أكثر من تسمية تغيرت بعد كل حرب خاضتها إسرائيل، إذ كان يجري دمجها مع فرق وألوية.
النشاطات السرية لوحدة 504 تصوير الجيش الاسرائيلي.jpg
أدخل الجيش الإسرائيلي بداية العام الحالي مجندات نساء للعمل في هذه الوحدة عقب الضغوط التي تعرض لها الجنود (موقع الجيش الإسرائيلي)
تعمل الوحدة بتنسيق مع بقية أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وإلى جانب نشاط من سماهم الإسرائيليون “المحققين الميدانيين للوحدة”، فهي تجند وتدير عملاء في دول محيطة وفي الضفة الغربية.
وبحسب الجيش، تجند الوحدة العملاء السريين بحيث يلتقيهم عناصرها ويدربونهم على كيفية الحصول على معلومات. العلاقة بين الضابط في هذه الوحدة والعميل، بحسب الجيش، مبنية على الثقة التي تدوم لأعوام، وهو جانب أكد أكثر من ضابط إسرائيلي أنه أسهم في تحقيق إنجازات استخبارية غير مسبوقة دعمت العمليات الميدانية للجيش.
عشرات الجنود الذي يتقدمون بطلب الانضمام لهذه الوحدة يجري رفضهم في الجيش، الذي اعتبر أن اختيار عناصرها يكون بمنتهى العناية والاهتمام، وبحسبه “من يدخل إلى هذه الوحدة يخضع بداية إلى تدريب أولي في لواء النخبة ’غولاني‘، وضمن تدريباتهم ما يطلق عليه الجيش ’مكافحة الإرهاب والعمليات السرية داخل إسرائيل وخارجها‘. الأولوية في الوحدة لمن يتقن العربية وضليع في ثقافة الشرق الأوسط، كون نشاطهم داخل دول الجوار”.
إلى جانب عملهم الاستخباري والتحقيقات الميدانية، يشكل عناصر الوحدة المرحلة الأولى من كل عملية استخبارية في الميدان. بداية يبحثون عن العملاء الأكثر نجاحاً في جمع المعلومات المطلوبة للعملية، ثم يرافقهم الضباط لضمان تحديد الموقع وتنسيق وسائل الاتصال منذ انطلاق الجيش لتنفيذ العملية حتى نهايتها.
بداية العام الحالي وإزاء الضغوط التي تعرض لها الجنود جراء استمرار الحرب لأشهر طويلة لم تشهدها إسرائيل من قبل، أدخل الجيش للمرة الأولى مجندات نساء للعمل في هذه الوحدة، إذ يشاركن مع الضباط في توزيع المعلومات على وحدات القتال وأقسام البحث في شعبة الاستخبارات العسكرية وجهاز “الشاباك” وفرق الاستخبارات في القوات الجوية والبحرية.
الكوماندوز البحري الإسرائيلي “شايطيت 13″… وحدة بعمر دولة
واشنطن: 5 وحدات إسرائيلية مسؤولة عن انتهاكات حقوقية جسيمة
الجيش الإسرائيلي يلغي الإجازات بجميع وحداته و”حماس” تتمسك بإنهاء الحرب
منظومة إسرائيل العسكرية… وحدات قتالية وأجهزة استخباراتية و”فرق موت”
اقتحامات وجمع وثائق
إلى جانب العمل الميداني لوحدة “504”، كثفت مجموعة من محققيها نشاطها في تحقيقات مع الأسرى الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين الذين أسروا خلال الحرب، ليكونوا مصدراً حيوياً لأهدافها.
وكشف عن أن هذه الوحدة تسهم أيضاً في عمليات الاقتحامات السرية وجمع الوثائق في مواقع وأماكن في غاية الحساسية خارج إسرائيل، تبقى تفاصيلها في ملف “سري للغاية”، لدى الاستخبارات العسكرية.
أبرز عمليات الوحدة، وفق ادعاء الجيش الإسرائيلي، منذ اندلاع حرب “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023:
– اعتقال وتحقيق مع مقاتلين في “حماس” و”حزب الله” وسوريا.
– إجراء تحقيقات مباشرة في ميدان العمليات أسهمت باعتقال 300 فلسطيني، وفروا خلال التحقيق معهم معلومات عن أنفاق ومستودعات وأساليب العمل.
– أسهمت في تفعيل شبكة عملاء في غزة بعد أكثر من عقد من التوقف، وتوسعت جهود التجنيد والاستخبارات، وجرى تحفيز قيادة هذه الوحدة في الفترة الأخيرة بالترقية إلى رتبة عميد – مساعد.