فجّر الإعلان عن تخريج أول دفعة من المرشحين للعمل في السلك الدبلوماسي السوري، بعد خضوعهم لدورة تدريبية في المعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية والمغتربين، موجة من الجدل في الأوساط السورية، التي انتقدت في غالبيتها إجراءات القبول في العمل الدبلوماسي.
علاقات شخصية
ووجّه سوريون انتقادات لوزارة الخارجية والمغتربين السورية، وتحدثوا عن غياب “الشفافية” في اختيار المرشحين، وقالوا إن “الاختيار جرى على أساس العلاقات الشخصية، والولاء”، لا وفق معايير أكاديمية”.
وعبّر السفير السوري السابق في السويد بسام العمادي، في حديث لـ”المدن”، عن أسفه لإجراءات وزارة الخارجية، وقال إن “ما جرى خارج عن عرف وأصول بناء الدولة”.
وأضاف العمادي أن “تعيين موظفين بدون خبرة في مناصب حساسة، يعني تخريب المؤسسات، وعلى سبيل المثال لم أصل لمنصب مدير إدارة (زمن النظام البائد) إلا بعد أكثر من 20 عاماً على التحاقي بالعمل الدبلوماسي”.
وأكد ضرورة وجود عامل الخبرة في الدبلوماسيين، إلى جانب الولاء. وقال: “نستطيع أن نجمع ما سبق من خلال اختيار الموظف المؤهل، والأهم أن نتلافى الأخطاء لأن ضررها سينعكس على الشعب والدولة”.
الاختيار جرى على أساس مهني
الهيكلة الجديدة للسفارات
ويؤشر تخريج أول دفعة من المرشحين للعمل في المجال الدبلوماسي، إلى قرب الإعلان عن الهيكلة الجديدة للسفارات والبعثات الدبلوماسية من قبل وزارة الخارجية السورية، وذلك في خطوة تبدو ضرورية للانتهاء من التمثيل الخارجي الذي كان زمن النظام البائد.
من جهتها، أكدت وزارة الخارجية والمغتربين في تصريح لـ”المدن”، أن اختيار المرشحين جاء بعد الإعلان عن مسابقة في مطلع العام الحالي، موضحة أنها فتحت باب استقبال طلبات أصحاب المؤهلات والكفاءات، وقامت إدارة التنمية الإدارية بفرز الطلبات وفق معايير علمية تشمل المؤهل العلمي، والخبرة العملية، وإتقان اللغات الأجنبية.
وقالت إن “اجتياز الدورة لا يعني توظيفاً مباشراً، بل يُعدّ أحد شروط القبول النهائي في الوظيفة، مع الإشارة إلى أن المعهد مستمر بتقديم الدورات التدريبية منذ الفترة الأولى لتحرير دمشق ولم ينقطع سواء لوزارة الخارجية أو باقي الجهات العامة”.
وأضافت الوزارة، “نؤكد أن عمل اللجنة مستمر بشكل مهني وموضوعي وشامل ولا يقتصر على الأسماء المتداولة أو الصور المنتشرة، بل يشمل كل من يمتلك الكفاءة والرغبة في خدمة وطنه ممن تقدموا بطلبات للعمل وتمثيل وطنهم”.
خلل في الإعلان
ورداً على حديث الوزارة، أشارت مصادر إلى “خلل في الإعلان عن المسابقة”، موضحة أن “الرابط الإلكتروني كان مُعطلاً، ما يعني أن باب التقدم لم يكن متاحاً لكل السوريين”.
وهو ما أكد عليه الدبلوماسي السوري السابق بشار الحاج، الذي تحدث لـ”المدن”، عن غياب المعايير، وتجاهل أصحاب الكفاءة الفعلية، في اختيار المرشحين للعمل الدبلوماسي، وقال: “لم يتم الإعلان عن آلية الانتقاء، ولا الجهة التي تولّت التقييم، ولا ما الذي أهل هؤلاء للتخريج أصلاً، والصورة بدت أقرب إلى توزيع أدوار محسوبة سلفاً، لا إلى بناء سلك دبلوماسي فعلي”.
وأضاف أن هناك حالة من الإقصاء المنهجي للمنشقين والدبلوماسيين السابقين ممن يملكون خبرة ومعرفة حقيقية، وأيضاً تم إيكال العملية إلى جهة تفتقر أصلاً إلى الخبرة الدبلوماسية، ما أفقدها المصداقية وجعلها أقرب إلى تمرين علاقات عامة، لا تأسيس مؤسسة تمثيلية محترمة. وقال: “الوزارة تقول لسنا معنيين بالكفاءة ولا بالتاريخ المهني، وهذا خطير، لأنه يُعيد إنتاج منطق التهميش الذي ثار السوريون ضده، ما الفائدة من ثورة تُقصي من انشقوا عن النظام لأجلها”.
وأشار الحاج إلى مخاطر التعيينات غير المؤسسية قائلاً: “نحن أمام تفريغ التمثيل الخارجي من مضمونه، وسيتحول السفراء والممثلون إلى أسماء شكلية، لا يعرفون كيف يُديرون موقفا، ولا كيف يقنعون طرفا دوليا بمطالب السوريين”.
وبحسب موقع الخارجية السورية، يوجد 60 سفارة موزعة على 60 دولة، بجانب عدد أكبر من القنصليات، وتتوزع على قارات أستراليا وآسيا وأوروبا وأفريقيا وأميركا الشمالية والجنوبية.