ملخص
أكدت الخارجية السورية أن كل الملفات الأمنية والعسكرية، وعلى رأسها مسألة حمل السلاح يجب أن تبقى تحت سلطة الدولة حصراً، وفقاً للدستور والقانون، بما يضمن سيادة الدولة ووحدة أراضيها، ويمنع تحول أي منطقة إلى ساحة للفوضى أو النفوذ الخارجي.
أعلنت السلطات السورية، اليوم الثلاثاء، أن قواتها ستباشر الدخول إلى مركز مدينة السويداء وفق ما أفاد مصدر في وزارة الداخلية، بعد يومين من اشتباكات دامية خلفت نحو 100 قتيل.
وقال قائد الأمن الداخلي في محافظة السويداء العميد أحمد الدالاتي في بيان “ستباشر قوات وزارتي الداخلية والدفاع بالدخول إلى مركز مدينة السويداء” معلنة بشكل متزامن فرض حظر تجول “في شوارع المدينة حتى إشعار آخر”.
ورحبت الرئاسة الروحية الدرزية، من جهتها، بدخول القوات الحكومية داعية الفصائل المسلحة إلى التعاون معها “وعدم مقاومة دخولها، وتسليم سلاحها لوزارة الداخلية”.
حوالى 100 قتيل
تقدمت القوات الحكومية السورية نحو مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية مساء أمس الإثنين بعد معارك أوقعت نحو 100 قتيل، فيما تدخلت إسرائيل بقصفها دبابات سورية محذرة من عدم استهداف الدروز.
وسيطرت القوات الحكومية معززة بدبابات ومعدات على قرية المزرعة الواقعة عند مشارف السويداء وتواصل تقدمها نحو المدينة. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا للتلفزيون الرسمي إن “قوات الجيش والأمن الداخلي اقتربت من مركز محافظة السويداء”.
وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ الأحد مقتل 99 شخصاً. من جانبه أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع السورية العقيد حسين عبدالغني مساء الإثنين سقوط 18 من قوات الجيش في هجمات مسلحة على نقاط عسكرية في محافظة السويداء بجنوب البلاد.
وقال عبدالغني في تسجيل مصور نشره على منصة “إكس” إنه تم الدفع بتعزيزات عسكرية وأمنية إلى المنطقة، بهدف فض الاشتباكات والسيطرة على الوضع. وأضاف أن الجنود الـ18 سقطوا خلال تنفيذ وحدات الجيش لمهامها في فض النزاع وبسط الاستقرار بمحافظة السويداء، مؤكداً عزم الوزارة إنهاء الاشتباكات وملاحقة المجموعات “الخارجة عن القانون”.
وفي وقت لاحق قال عبدالغني لقناة “الإخبارية” التلفزيونية الرسمية إن الوضع العسكري في السويداء هو “حالة اشتباك شديدة، ولكن يتجه نحو السيطرة”، مضيفاً أن القوات تتقدم على عدة محاور “ونحن على مشارف مدينة السويداء”.
وتابع قائلاً إن هناك فصائل من داخل السويداء تقوم بالتنسيق مع وزارة الدفاع، مضيفاً “نحن لا نقاتل أحداً، بل نطارد مجموعات خارجة عن القانون”.
مفاوضات للتوصل إلى وقف إطلاق النار
وأفاد الناطق باسم حركة “رجال الكرامة”، أحد أبرز الفصائل المسلحة الدرزية، وكالة الصحافة الفرنسية الإثنين، بوجود مفاوضات جارية في محافظة السويداء بين السلطات السورية وممثلين عن الدروز في مسعى للتوصل إلى وقف لإطلاق النار عقب الاشتباكات الدامية.
”
وقال باسم فخر “هناك مفاوضات للوصول إلى ووقف لإطلاق النار وحل بين وجهاء مدينة السويداء ومندوبين ممثلين عن الأمن العام ووزارة الدفاع”.
ولفت فخر إلى أنه كانت “هناك تفاهمات تم التوصل اليها مع وزارة الدفاع منذ أشهر تقضي بتشكيل جسم عسكري وأمني من أبناء السويداء لكن التأخير يحصل من جانب الدولة”، مضيفاً “نحن مع الدولة، ولكنها هي من كانت تماطل لتطبيق هذا الاتفاق”.
واتهم فخر ما سماه “فصائل لا تحمل عقيدة وطنية إلى جانب بعض من عشائر البدو التي تساندها” بعمليات قتل ونهب وحرق في بعض القرى الدرزية. وتابع “سيطروا على خمس بلدات على مشارف السويداء”.
وفي بيان منفصل طالبت الرئاسة الروحية للموحدين الدروز المقربة من الشيخ البارز حكمت الهجري بوقف إطلاق نار فوري، وقالت “نحن من البداية طلبنا وقف إطلاق النار والتهدئة. ولم نرغب بسفك الدماء (…) نحن لا نقبل بأية فصائل تكفيرية أو منفلتة أو خارجة عن القانون. ونحن مع القانون ومع سيادة الدولة النظامية القانونية”.
وأشار البيان إلى عدم معارضة “تنظيم المحافظة (السويداء) وترتيب أسسها وشرطتها من أبنائها ومن الشرفاء”. وأضاف “نحن متأكدون أن الحكومة الموقتة في دمشق توافقنا على ذلك، ولم تنقطع ولن تنقطع علاقتنا التوافقية معهم”.
غارات إسرائيلية
قالت وكالة الأنباء السورية “سانا” مساء الإثنين إن الطيران الإسرائيلي شن 3 غارات على محيط بلدتي “المزرعة” و”كناكر” بريف محافظة السويداء جنوب البلاد، فيما دعت وزارة الخارجية جميع الدول المنظمات إلى احترام سيادة سوريا والامتناع عن دعم أي حركات متمردة، مؤكدة أنها ماضية في حماية الطائفة الدرزية.
وذكرت “سانا” أن الطيران الإسرائيلي شن غارتين استهدفتا محيط بلدة “المزرعة”، وغارة ثالثة على محيط بلدة “كناكر” في ريف السويداء، ما أسفر عن وقوع خسائر مادية.
وفي وقت سابق الإثنين قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن “إسرائيل لن تسمح بإلحاق ضرر بالدروز في سوريا”، مؤكداً أن “تل أبيب لن تقف مكتوفة الأيدي في ظل أحداث عنف دامية في السويداء بجنوب سوريا”.
وأعربت الخارجية السورية عن بالغ قلقها إزاء التصعيد الخطر الذي شهدته المحافظة إثر “اندلاع اشتباكات مسلحة بين مجموعات خارجة عن القانون من داخل السويداء ومسلحين من المناطق المجاورة، مما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا والجرحى، بينهم مدنيون، وإثارة الذعر والفوضى بين الأهالي”.
وقالت الوزارة إن قوى الأمن السورية “تعرضت أثناء قيامها بواجبها في حماية الأرواح والممتلكات إلى مكامن مسلحة وعمليات خطف في مشهد يؤكد وجود جهات منظمة تسعى لجر المحافظة إلى فوضى أمنية خطرة، ومنع مؤسسات الدولة من القيام بدورها السيادي في فرض الاستقرار وحماية المواطنين”. كما أكدت التزام الدولة بـ”خيار الحكمة وضبط النفس”، داعية جميع الأطراف المحلية إلى “تحكيم العقل والتوقف الفوري عن أعمال العنف وتسليم السلاح غير المشروع وتفويت الفرصة على من يسعون إلى تفكيك النسيج الوطني السوري وزرع الفتنة والانقسام”.
وأكدت الخارجية السورية مجدداً أن كل الملفات الأمنية والعسكرية وعلى رأسها مسألة حمل السلاح يجب أن تبقى تحت سلطة الدولة حصراً، وفقاً للدستور والقانون، بما يضمن سيادة الدولة ووحدة أراضيها، ويمنع تحول أي منطقة إلى ساحة للفوضى أو النفوذ الخارجي.