
أشخاص وحوارات مع الله
لم يعد هناك شهود على كلامنا. ماتوا كلّهم. يُستحسن أن لا نتكلّم بعد اليوم.
(2)
لا أعرفك، لكنّني أعرف نسخة عنك
فأنت كتلك الغرفة الزائدة في البيت التي لا يدخلها أحد
تدفن جزءاً منكَ في نفسك
ويقال أنّك تتنفّس من رئة غيرك
(3)
تستحضر ذكرياتك ثمّ تتلاعب بها قبل أن تقدّمها للعالم بوصفها ذاكرة، بوصفها الذاكرة
هكذا غدت جنسيّتك مترجمة عن لغات منسيّة
(4)
رتّبْ نفسك، قيل له
رتّبَها حتّى صار مثل الموت ليلة رأس السنة
وفرحَ مثلما فرح التيس الذي أكل جذور الأشجار ثمّ جاع في العام التالي
(5)
في اليوم الأوّل بعد موته قيل له سوف تولد
سار صعوداً فانتهت به الطريق إلى سجن معتم تحت الأرض
الحكمة التي تعلّمها في تلك الغضون هي التالية: أن ترحل من مكان إلى مكان يعني أن تموت وأن تحيا، أن تفارق وأن تلتقي، وهذا كلّه في وقت واحد وفي حركة واحدة
(6)
عينه بلا جفن وبلا بؤبؤ
بلا حياة وبلا لون
لكنّها تتلوّن حين يقتل
تتلوّن؟ تصبح بيضاء!
(7)
قال إنّه جاء من دم فاسد
لكنّه رمي في مكان طاهر
فدخّن علب “جيتان” كثيرة وراح يكافح الإمبرياليّة
لقد أراد أن يصبح غيمة ويطير، وحين لم يُفلح ادّعى وجود أشياء غير موجودة ثمّ عاملها كأنّها موجودة
(

ودَّعوا بؤر الحنين وراحوا يتمنّون…
تحدّثوا مع الموتى عن موتهم
ثمّ تحدّثوا باسم الموتى
وأقاموا لهم حركة تحرّر وطنيّ أو شيئاً من هذا القبيل
ما حصل لهم مشهد شاهدوه ولم يفعلوه
لقد كانوا كمن يفتح حنفيّة الماء ويقف أمامها منتظراً حصول التاريخ
(9)
الأطفال لا ينسون
ولأنّهم أطفال لن ينسوا، فإذا كبروا فعلوا
قد يرغبون في العيش وحدهم مع بضع أسماك في بحر بعيد،
وفي آخر النهار يعود الجميع إلى البيت
(10)
التحليل نوجّهه نحوهم. نحلّلهم ويحلّلونا ثمّ نتبادل القصف
إنّه التعاطف الملتبس بين الطبيب والمريض
وكلٌّ منهما يجادل الآخر لكنّه يكون يجادل نفسه
(11)
حين نقاضي الله ونستدعيه إلى المحكمة بوصفه يعيش دائماً في بلد أجنبيّ، سائحاً أو لاجئاً
حين نفعل ذلك يردّ علينا الله نفسه بكلام اتّهاميّ. يقول: من أنتم؟ مَن الذي أنجبكم فيما كنت أغطّ في النوم؟ من الذي سمع شخيري فنفّذ هذا الانقلاب؟ أنتم تبقون أطفالاً ما بقي أهلكم حولكم فحين يموتون تَبكون، وتصرخون، ظانّين أنّكم تغنّون.
وأضاف الله كما لو كان يفكّر بالاستقالة:
عبءٌ ثقيل على الأطفال أن يُكلَّفوا الاهتمام بأهلهم
لكنْ فجأة، وخلال ثانية واحدة، استولى الشيب على شَعر رأس الله الذي ابيضّ
اعتذرْ، يا ألله، عن تماسُك فيك لا يملكه غيرك، لا يملكه البشر
(12)
من صفاته النبيلة أنّ جبران خليل جبران يثير فيه ضجراً شديداً
فيروح يتحرّك مثل كرسيّ هزّاز
(13)
إنّه لا يرى الحائط المقابل لكنّه يثقبه بنظرة من عينه بحيث يرى ما وراءه
وينتظر كوابيس حياته أن تتحقّق حتّى يغدو سعيداً
معترفاً بأنّه لا يملك من الحبّ ما يكفي لأمّ وأب معاً
(14)
لن تصبحوا أغنياء في أيّ غدٍ لأنّكم سوف ترثون عالماً تنفقون كلّ ما ادّخرتموه
أنتم/ نحن شخص واحد يزدوج في الحلم ولا يعود واحداً إلاّ في الواقع
أمّا في النهاية فلا يبقى إلاّ الصمت
(15)
يؤذيه المطر ويؤذيه الصحو
ولا يريد إلاّ أن يتنفّس
فكأنّ المعبد يسقط ويدعوه إلى البحث عن آلهة جدد
لقد تمنّى لو كان مُتَبنّى ولم يكن ابناً
فلمّا حامت حوله أسماك القرش عقاباً على ما قاله، أضاف بصوت مرتفع:
لن أشتاق له لأنّ الشوق شرطُه الموت وهو حيّ جدّاً. إنّه صعب كمثل مقاومة حبّ قديم. لكنّه بالغٌ وفضائحيٌّ تردّه صورة أبيه طفلاً. إنّه يعاتبنا مثل ميّت مات ولم نكن معه في تلك اللحظة.
(16)
كما لو كنّا نُغري أنفسنا بالمعنى رحنا نردّد:
الأشياء لا تراودنا، تراودنا الأفكار
فنحن نستطيع أن نبكي ساعة نشاء وأن نوقف بكاءنا ساعة نشاء
لقد نضجنا باكراً فرمونا عقاباً لنا من الطابق السابع ومتنا متخبّطين بنضجنا وبِتنا مثل أغراض ميّتٍ سُلّمت لنجله بعد وفاته
ها هو المكان الفارغ يبدو وحده أليفاً
ها هو تاريخي يبدأ يوم بكائي الأوّل
(17)
وأهانني بقوله: أنت إطار من دون صورة في داخله، أو جسد من دون دم فيه
صحيحٌ أنّك أنتَ الموضوع، لكنّ هذا يجعلك في جلسة علاج نفسيّ منعقدة بصورة دائمة
لا تُصَب بالغرور إذاً. قف خارج حياتك، وعندها فحسب تمشي في اتّجاه القمر
كل التفاعلات:
أنت، وAziza Issa، وZiad Malki و٥٥ شخصًا آخر
٨ تعليقات
٣ مشاركات
أعجبني
تعليق
مشاركة