يتفق سياسيون في مدينة القامشلي، على أن التصعيد الإيراني الأخير في مناطق شمال شرقي سوريا خصوصاً، يهدف إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.

ويشددون على أن استهداف مواقع قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وقواعد عسكرية أميركية هو امتدادٌ للصراع الدائر بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، ومحاولة لإيران استعادة بسط نفوذها من خلال تحريك أذرعها وفصائلها في المنطقة.

وفي 6 شباط/ فبراير الجاري، أعلنت “قسد”، فقدان ستة من مقاتليها لحياتهم، بهجوم طائرة مسيّرة انتحارية استهدف مركز تدريب بحقل العمر شرقي دير الزور، شرقي سوريا، بعد ساعات من إعلان فصيل موالٍ لإيران مسؤوليته عن الهجوم.

وقال مظلوم عبدي، القائد العام لـ“قسد”، شريك التحالف الدولي في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، إن “استهداف معسكراتنا بهجمات بطائرات مسيرة من قبل الفصائل المدعومة من إيران يعتبر تطوراً خطيراً”.

ويرى نائب الرئاسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية “مسد” علي رحمون، بأن التدخل الإيراني في الوضع السوري ليس جديداً، وهو امتداد للحلم الإيراني في إعادة الامبراطورية الفارسية والتوغل الإيراني في المنطقة بدءاً من العراق ووصولاً إلى سوريا ولبنان وبالتالي تحقيق ما يسمى بـ”الهلال الشيعي”.

ويقول لنورث برس، إن أميركا “عملت على قصقصة أجنحة إيران في التدخل بالمنطقة لمعرفتها بهذا المخطط، وعملت إيران بكل ما تستطيع على خلط الأوراق في سوريا ولبنان وفلسطين”، مشيراً إلى أحداث دير الزور الأخيرة.

وقبل قرابة خمسة أشهر بدأ التصعيد في مناطق شمال شرقي سوريا في دير الزور، وكان التدخل واضحاً وعلنياً في مواجهة حلفاء أمريكا وكل من يقف إلى جانبها.

وجنّدت إيران وحكومة دمشق مسلحين واجهوا “قسد” إبان اعتقالها أحمد الخبيل “أبو خولة” قائد مجلس دير الزور العسكري السابق، الذي ارتكب مخالفات وانتهاكات بحق سكان دير الزور.

وقال التحالف الدولي خلال تقرير الربع الأخير للعام 2023 للمفتش العام لعملية “العزم الصلب” روبرت ستروش، إن “قوات العشائر التي تهاجم قوات سوريا الديمقراطية بريف الدير الزور، تتلقى دعماً صريحاً من النظام السوري وحلفائه الإيرانيين”.

ويعتبر “رحمون”، أنه رغم أن هذه هي المواجهة الحقيقية والمباشرة الأولى، إلا أنه منذ أحداث دير الزور كان هناك مواجهة حقيقية بما يتعلق بقوات “قسد”.

ونتيجة لأن قوات سوريا الديمقراطية شريكة لأمريكا في مكافحة “داعش”، ووصول مناطق الإدارة الذاتية إلى مرحلة الأمن والاستقرار، يجزم “رحمون” بأن إيران “تعمل على خلط الأوراق وزعزعة الاستقرار في المنطقة من خلال تحريك أذرعها من مجموعات الدفاع الوطني السورية وغيرها من الميليشيات”.

ويشدد نائب الرئاسة المشتركة لـ”مسد”، على أن محاولات إيران “ستبوء بالفشل، لأن هناك موقف موحد ضمن المنطقة لمواجهة أي عوامل قد تؤثر على استقرارها”.

وعلى الرغم من أن إيران هي حليف حقيقي لدمشق وهي أهم ركائز ودعائم استمرارها في الحكم، لكن، “ليس لديها حليف حقيقي وقاعدة شعبية أو اجتماعية أو سياسية في المنطقة”.

ومن جانبه يشدد مسؤول المنظمة الآثورية الديمقراطية وعضو في اللجنة الدستورية الموسعة عن هيئة التفاوض السورية كابرييل موشي كورية، على أن “التصعيد الإيراني على مناطق شمال شرقي سوريا وقوات سوريا الديمقراطية بشكل خاص يندرج في إطار حرب الوكالة أو الصراع الدائر ما بين إيران والولايات المتحدة الأميركية”.

ويقول لنورث برس: “تحرك إيران أذرعها وميليشياتها في المنطقة، من أجل استهداف القواعد الأميركية في شمال شرقي سوريا والتي هي شريكة قسد بذريعة دعم المطالب الفلسطينية وحرب غزة”.

ويشير إلى أن إيران لا تخفي مطامعها في السيطرة على المنطقة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، “لتقوية موقفها التفاوضي في مشروعها النووي ولتحصل على اعتراف الدول الكبرى بهيمنتها ونفوذها على الصعيد الإقليمي”.

وأعلنت إيران ودول مجموعة أستانا من ضمنها روسيا وتركيا، عن موقفها من أميركا، وتجلى ذلك في لقاء القمة الذي أجري في طهران في شهر حزيران/ يونيو عام 2023 ، حيث أعلن البيان الختامي لهذا اللقاء عن مهمة إخراج الأميركان من المنطقة.

ويرى “عضو اللجنة الدستورية”، أن إخراج الأميركان من المنطقة يوفر لإيران القدرة على مد نفوذها وزيادة هيمنتها على دول المنطقة بكافة المجالات باستخدام أذرعها وفصائلها التي استقدمتها من باكستان وأفغانستان والعراق وغيرها.

وتعتمد إيران على الروح المذهبية “الشيعية” لهذه الفصائل بقصد فرض هيمنتها والتحكم بمقدرات المنطقة وشعوبها.

ويشدد سكرتير حزب الوفاق الكردي السوري، فوزي شنكالي، على أن التصعيد الإيراني في سوريا والعراق هو امتداد لمشروعها الفكري والايديولوجي التاريخي تحت مسمى “الهلال الشيعي”، ويشير إلى وجود أجنحة ومجموعات لها في عدد من الدول.

وتعمل إيران منذ عام 2012 بكافة الوسائل والجوانب العسكرية والاقتصادية والثقافية والسياسية في المنطقة، وهي حريصة بحسب “شنكالي”، “على حماية النظام السوري في دمشق واستطاعت السيطرة إلى حد كبير على القرار في سوريا وإدارة الكثير من الملفات”.

وينوه “شنكالي” إلى أن التصعيد الأخير “تزامن” مع الاستهداف التركي للبنى التحتية والمنشآت الخدمية في مناطق شمال شرقي سوريا، وهو “يؤثر على أمن واستقرار الشعب”.

ويعتبر ذلك “محاولة لكسب رأي الشارع العربي وإظهار أميركا كدولة محتلة”، و”محاولة للضغط على قسد لاتخاذ موقف من حليفتها أميركا ضد داعش”.

ويشير “سكرتير حزب الوفاق” إلى أن الادارة الذاتية وقسد تتخذان “موقفاً صحيحاً” بعدم الانجرار إلى الصراع الدائر بين أميركا وإيران، لأن “لديهم أهداف واضحة في حماية وحدة سوريا وإحلال الديمقراطية والحفاظ على العيش المشترك بين مكونات المنطقة”.

تحرير: معاذ المحمد