يحظى الصومال بمكانة خاصة في السياسة الخارجية لتركيا، حيث شهدت العلاقات بين الجانبين تطوّراً بعد الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (كرئيس للوزراء آنذاك) للصومال في 19 آب (أغسطس) عام 2011، وذلك لدعم البلاد التي واجهت أسوأ كارثة إنسانية متفاقمة بسبب الجفاف الشديد والحرب الأهلية.
هذه الخصوصية أصبحت أكثر بروزاً مع إعلان الصومال عن اتّفاق دفاعي مع تركيا يتضمن دعم أصولها البحرية، فيما يؤكد الخبراء والمحللون على كون تقويض جهود إثيوبيا للوصول إلى البحر عن طريق منطقة “أرض الصومال” الانفصالية، هو الأساس الذي مهّد لتوقيع الاتفاق بين أنقرة ومقديشو.
الاتّفاق “التركي” مقابل “الإثيوبي”
اعتبرت أنقرة مذكرة التفاهم الموقّعة بين أديس أبابا و”أرض الصومال” في مطلع كانون الثاني (يناير) الماضي، تهديداً لسلامة الصومال. وجاء في بيان لوزارة الخارجية أن تركيا راقبت الاتفاق بقلق وأكدت “التزام أنقرة بوحدة وسيادة وسلامة أراضي جمهورية الصومال الفدرالية”، مع التشديد على ضرورة حل الخلافات بين الصومال وأرض الصومال من خلال المفاوضات المباشرة.
ويقضي الاتفاق بقيام أرض الصومال بتأجير 20 كيلومتراً (12 ميلاً) من ساحلها لإثيوبيا (غير الساحلية) لاستخدامها كقاعدة عسكرية ولأغراض تجارية عبر ميناء بربرة في أرض الصومال على ساحل خليج عدن، ما يمنحها نفوذاً تجارياً وعسكرياً في المنطقة.
في المقابل، يتوقع رئيس “أرض الصومال” موسى بيهي عبدي أن تعترف إثيوبيا رسمياً بجمهوريته الانفصالية، التي أعلنت من طرف واحد استقلالها عن الصومال في عام 1991، وتعمل منذ ذلك الحين بشكل مستقل. وإذا حدث ذلك، فستصبح إثيوبيا أول دولة تعترف باستقلال “أرض الصومال”.
وإثيوبيا هي ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان بنحو 123 مليون نسمة، يعيش 68.7% منهم على – أو دون – خط الفقر وفقاً لبيانات معهد دراسات السياسات الإثيوبي لعام 2021.
ورفض الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود الاتفاق بين إثيوبيا و”أرض الصومال”، قائلاً إنه لن يتم تقديم أي شيء لإثيوبيا، وشكر مسؤولو الحكومة الصومالية تركيا على دعمها الثابت. وفي 11 كانون الثاني، أجرى القائم بأعمال وزير الخارجية الصومالي علي عمر بلد، محادثات مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة بهذا الخصوص.
وردّت أنقرة على الاتفاقية الإثيوبية بتوقيع اتّفاق تعاون أمني عسكري اقتصادي مطلع شباط (فبراير) الجاري بين وزير الدفاع التركي يشار غولر ونظيره الصومالي عبد القادر محمد نور، علماً أن الأخير تلقّى تعليمه في تركيا. وسبق ذلك أن قرر البرلمان التركي في 14 كانون الثاني تكليف البحرية التركية بمهام مكافحة القرصنة والسطو المسلح والإرهاب قبالة سواحل الصومال والمناطق المجاورة لها لمدة سنة واحدة، وذلك قبل أسبوعين من توقع الاتفاقية.
على الرغم من عدم الإعلان عن بنود الاتّفاق بين أنقرة ومقديشو، إلا أن تصريحات المسؤولين في كلا البلدين – وعلى رأسهم رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي – تركّز على “مكافحة الإرهاب والقرصنة والصيد غير القانوني وإلقاء المواد السامة وأي انتهاكات أو تهديدات خارجية” للساحل الصومالي.