يقلّل النائب في البرلمان اللبناني والوزير السابق مروان حمادة من جدوى المحاولات الحالية التي يُراد منها إخماد اضطرام النار الحربيّ المحتدم في الجنوب اللبناني وتسريع عجلة الحلول منعاً للتفاقم القتاليّ نحو حرب أكثر ضراوة. ويتبيّن أنّ حذره المتأجّج لا يخفت طالما لم تنحسر شظايا المناوشات التي تحول دون تطبيق القرار الدولي 1701 واسترجاع الدولة اللبنانية سيادتها على أراضيها، رغم الحديث عن هدنة.
ماذا في ترجيحات الحلّ الممكن حدودياً، والحال هذه؟ ينطلق حديث “النهار العربي” مع النائب حمادة من استفهامات حول مرحلة الحطام الحدوديّ وما بعدها.
إنّه بمثابة “خطر محدق على لبنان” يسهم في مضاعفة قلق حمادة، ذلك أنّ “البلد الآن خارج إطار وحدة الساحات، بل في ظلّ انفراد الجبهة الحدودية الجنوبية اللبنانية، فإذا بها تصبح قبل أو بعد أو خلال حرب غزّة، الجبهة الوحيدة المشتعلة على صعيد الصراع العربي- الإسرائيلي”. ما يحصل اليوم وفق انطباعاته السياسية، هو “نتيجة تقاعس الدولة اللبنانية عن تحمّل مسؤولياتها قولاً وفعلاً، بل أيضاً بسبب اعترافها بعجزها عن امتلاك قرار الحرب والسلم، فيما “حزب الله” والجيش الإسرائيلي يصلان نحو نقطة اللارجوع”.
ويضمحلّ إمكان الحلّ السريع في تأكيد حمادة، حتى أنّه يعبّر عن “استحالة تطبيق القرار 1701 حالياً الذي تحوّل ركاماً مثل مستوطنات شمال إسرائيل وقرى جنوب لبنان، وسط فقدان المرجعية السياسية لقرار استعمال وحيازة السلاح الذي انتقل كلّياً من بيروت إلى طهران ومن كريات شمونة إلى قلب المؤسسة اليمينيّة الإسرائيلية”. ويشجب غياب الدولة اللبنانية “التي ليس في استطاعتها حلّ إضراب للموظّفين والمتقاعدين أو تطبيق أي بندٍ قانونيّ أو اتخاذ أي إجراء ماليّ، فكيف بها وهي دولة بلا رأس أو إدارة أو قضاء أن تلتقط خيوط الحلّ، إما مع أصحاب القرار الإقليميين وإما مع الدول الوسيطة مثل فرنسا والولايات المتحدة أو حتى مجلس الأمن والأمم المتحدة التي لم تعد تمتلك هوامش المناورة الديبلوماسية؟”.
ولا يحيّد غضب حمادة الحكومة اللبنانية في اعتباره أنّها “سلّمت مقاليد السلطة لـ”حزب الله” واستسلمت سلفاً للعدوّ الإسرائيلي، واضعةً نفسها خارج الصراع. حتى في موضوع الأجوبة عن الرسائل الفرنسية أو مناقشتها مع الديبلوماسيين الغربيين أو الردّ على المذكّرة الهجينة للنظام السوريّ في موضوع الأبراج الحدوديّة، علماً أنّها موجودة من دون فعالية، ما يجعلنا نتساءل، ماذا فعلت هذه الأبراج للحدّ من النزوح وتهريب السلاح أو منعاً لتصدير الكبتاغون نحو الداخل اللبناني؟ إنّ ما يحصل يفاقم هشاشة قدرة لبنان على التحكّم بمصيره”.
وهل ثمة متغيّرات رئاسية ممكنة رغم حدّة القصف بعد الأفكار التي طرحها تكتل “الاعتدال الوطنيّ”؟ لا يرجّح النائب حمادة أنّ “المبادرات المحلية قادرة على خرق الجمود، ولا المساعي الديبلوماسية نضجت لمساعدة اللبنانيين في اختيار رئيس جامع يقود بوسطيته وحكمته ومناقبيّته عملية استعادة الدولة اللبنانية، عبر حكومة جديّة وإحياء الإدارة والعدالة والتحريك الحقيقي للحياة البرلمانية. نحن الآن تحت وابل من القنابل، لا نملك سوى حرّية التحذير من المزيد، لأنّ ما حذّرنا منه في الأساس يكمن في أهمية عدم زجّ لبنان في حرب مدمّرة لم تعد منتفية. إنّ الأعمال بالنيات ولا أشعر أنّ هناك تحسّناً في نوايا المتصارعين”.
وأين يتموضع “اللقاء الديموقراطي” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” من الانتخابات الرئاسية، بعدما دعم وليد جنبلاط سليمان فرنجية؟ بحسب حمادة، “يجب عدم اعتبار الايجابية والامتناع عن إصدار الفيتوات على أحد المرشحين بمثابة انحياز لأي من المرشحين الرئاسيين. إنّه كان بمثابة موقفنا من الأساس عندما دعونا للالتفاف حول رئيس يكمل المؤهلات الإنقاذية للبنان، ولا يزال الموقف نفسه حتى يتخذ “اللقاء الديموقراطي” قراره عند اتضاح مواقع الترشيحات الجديّة ومسافتها من المكوّنات المتصارعة وقدرتها على الجمع لا الفصل. نحن ضدّ كلّ نزعات الهيمنة من جهة والانكفاء من جهة أخرى”.
وعن هواجس البعض من تسوية رئاسية حدودية تسهم في وصول مرشّح قوى “الممانعة”، يقول عضو “اللقاء الديموقراطي” إنّ “محور “حزب الله” ناخب أساسيّ لكنه ليس الناخب الوحيد، فيما لا يستطيع أي فريق فرض مرشّح لا يحظى أقلّه بأوسع تأييد لبنانيّ وبصدقية عربية ودولية ويحمل بشخصه وماضيه صورة مشرقة للبنان الغد”.
وعن إمكان حصول متغيّرات رئاسية على نطاق قوى “الممانعة” من عدمها، يحبّذ حمادة الوصول إلى تحوّلات سريعة، “لكن في رأيي أنّ الظروف لم تنضج بعد للتوصل إلى تسوية”.