كشف موقع سوري معارض عن زيارات عدّة قام بها رئيس الاستخبارات السورية العامة اللواء حسام لوقا للأردن، بهدف المقايضة بين مساعدة أردنية في تهدئة الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء، مقابل تجاوب العاصمة السورية مع الجهود الإقليمية الرامية لمكافحة تهريب المخدرات. كما كشف عن وساطة روسية مع إسرائيل للهدف ذاته. وجاء الكشف غداة الإعلان عن سقوط أول قتيل في الاحتجاجات التي تشهدها المحافظة الجنوبية منذ ما يزيد عن 6 أشهر.
ويعوّل النظام السوري منذ انطلاق الاحتجاجات في السويداء على دور أردني لضبط الشارع المنتفض في المحافظة الجنوبية بحكم علاقات مسؤولين أردنيين مع وجهاء وشخصيات دينية في السويداء.
وفي هذا الإطار، كشفت المصادر أنّ النظام السوري أوفد مرات عدة اللواء لوقا إلى الأردن لمطالبته بالتدخّل والتوسط لضبط الاحتجاجات في السويداء مقابل التجاوب بشكل أكبر مع مطالب الأردن المتعلقة بمكافحة تهريب المخدرات والأسلحة، وفق ما ذكر تقرير لموقع “العاصمة” السوري المعارض.
وأبدى لوقا خلال اجتماعاته مع الأردنيين استعداد النظام السوري لمناقشة فكرة افتتاح معبر لمحافظة السويداء مع الأردن، من أجل تسهيل مرور المساعدات الإنسانية، وتسهيل التبادل التجاري لتنشيط الوضع الاقتصادي في المحافظة.
وتزامن تصعيد النظام السوري ضدّ المتظاهرين في السويداء الذي تمثل بمقتل أول متظاهر يوم الأربعاء، مع عودة النشاط الروسي الفعّال إلى ملف الجنوب السوري، بعدما قلّصت موسكو نشاطها في أعقاب اندلاع الحرب مع أوكرانيا، وفقاً لموقع تلفزيون سوريا.
وذكرت مصادر خاصة أنّ روسيا تركّز، منذ اندلاع الحرب على غزة، على استعادة دور الوساطة في الجنوب السوري، إذ بدأت بنشر نقاط مراقبة في ريف القنيطرة قرب الجولان، ثم شرعت بتنفيذ دوريات جوية، والآن تقوم بالإعداد لتسيير دوريات برية بالتنسيق مع إسرائيل.
وأعلمت موسكو تل أبيب بأنّها ستكثف جهودها لإبعاد الميليشيات المدعومة من إيران عن الحدود مع إسرائيل، ولن تعارض التوغل البري المحدود للقوات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية عند وجود دواعٍ أمنية.
وتهدف روسيا من وساطتها الى تجديد التنسيق مع إسرائيل وتحييد سوريا عن أي تصعيد على خلفية الحرب الجارية في غزة، وقد تعمل لاحقاً على جمع ضباط من النظام السوري مع ضباط إسرائيليين لمناقشة مخاوف تل أبيب.
ويعتقد النظام السوري وروسيا معاً أنّ إسرائيل تمتلك التأثير على الحراك في السويداء لو أرادت ذلك، بحكم امتلاكها علاقات مؤثرة مع رجال دين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة لهم وزن في الشارع السوري، مثل الشيخ موفق طريف.
ودخلت الاحتجاجات في محافظة السويداء مرحلة جديدة يوم الأربعاء الماضي، بعد مقتل أحد المحتجين أثناء تفريق قوات الأمن التابعة للنظام السوري تظاهرة في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء بالقوة.
وتُعتبر الحادثة الأولى من نوعها منذ أن اندلعت الاحتجاجات الشعبية في السويداء في 19 آب (أغسطس) 2023، وقد تعاطى النظام السوري بحساسية بالغة مع المتظاهرين في المحافظة الذين ينتمون في غالبيتهم الى الطائفة الدرزية.
وشيّع أهالي السويداء بمشاركة كثيفة من الحراك الشعبي، الخميس، جثمان المواطن جواد الباروكي، أول قتيل في احتجاجات السويداء، وحضر شيخا عقل طائفة الموحّدين يوسف جربوع وحمود الحناوي التشييع، ووفد كبير من المشايخ يمثلون الشيخ حكمت الهجري.
وشدّد الشيخ جربوع على “وأد الفتنة التي تلوح في الأفق”، فيما تحدث الشيخ الحناوي عن سلمية الحراك والمطالب المحقّة للشعب السوري.
وركّزت كلمات المشايخ أثناء التشييع على ضرورة التهدئة. ونقلت شبكة “السويداء 24” المحلية عن الشيخ الحناوي دعوته إلى ضبط النفس في هذه “الظروف الحرجة”، مشيداً بموقف آل الباروكي بتحمّل هذا الموقف الذي راح ضحيته شخص بريء، ومراعاته بالعقل والحكمة، لوأد الفتنة وحقن الدماء.
وأضافت أنّ الحناوي يرى أنّ ما حصل “لا يجوز”، وأنّ على جميع الأطراف تحمّل مسؤولياتهم، مؤكّداً ضرورة الحفاظ على أمن السويداء.
وكان الرئيس الروحي للطائفة الشيخ حكمت الهجري وصف قاتلي الباروكي بأيدي الغدر، مشدّداً على ضرورة الحفاظ على المسار السلمي للحراك، وأن “الفاعل بما فعل”.
وتتخوف جهات سورية معارضة من وجود خطة سرية لها امتداد إقليمي من أجل احتواء احتجاجات السويداء والتخلّص من العبء الذي تمثله على العاصمة السورية. ويرى هؤلاء أنّ ما جرى الكشف عنه من وساطات قد يكون الهدف منه هو اختبار مدى تقبّل الدول المجاورة للجنوب السوري لموجة جديدة من التصعيد، وتغاضيها عن استخدام الحل الأمني في السويداء، بعد أن عاد لفتح قنوات الاتصال مع هذه الدول، مستفيداً من أحداث غزة وما تبعها من وساطة إماراتية وروسية بينه وبين إسرائيل، بالإضافة إلى الرغبة باستغلال حاجة الأردن لضبط عمليات التهريب عبر الحدود.