يعاني مخيم “الركبان”، الذي يقع ضمن ما يُعرف بمنطقة الـ55 كيلومتراً في ريف حمص الشرقي بسورية عند المثلث الحدودي بين الأردن والعراق وسورية، من أوضاع إنسانية صعبة في ظل استمرار الحصار الخانق المفروض عليه من قبل قوات النظام  وتلك الروسية والمليشيات الإيرانية، ما جعل المستوى المعيشي والطبي  والتعليمي يتدنى بدرجة كبيرة وبشكل خطر داخل المخيم.
ومع إطلاق القاطنين في مخيم الركبان  والوجهاء الذين يشرفون عليه مناشدات عدة للتدخل في معالجة المشاكل الكثيرة التي تزداد يوماً بعد يوم وسط انعدام إمكانات إيجاد حلول جذرية لها، زار وفد من منطمة “غلوبال جستس” الأميركية غير الحكومية المخيم، الأسبوع الماضي، واجتمعوا مع وجهاء المنطقة بهدف مناقشة حلول تحسين الواقع التعليمي بالدرجة الأولى.

يقول عبد الرزاق المحمد، وهو ناشط إعلامي في مخيم “الركبان”، لـ”العربي الجديد”: “زار وفد من منظمة غلوبال جستس المخيم، وانضم إليه مدير المنظمة السورية للطوارئ معاذ مصطفى. واعتبرت هذه الزيارة الأولى من نوعها لوفد المنظمة في ظل الحصار المفروض على المخيم”.
يتابع: “التقى الوفد مدنيين ووجهاء عشائر ومدرسين ناقش معهم المشاكل، وأبلغهم تمسكه بدعم قطاع التعليم من خلال منح المدرسين البالغ عددهم 60 رواتب شهرية، علماً أن المنظمة كانت قد تكفلت ببناء مدرستين في المخيم، الأولى في منطقة الخفية والثانية في منطقة الماهوبية، كما موّلت إنشاء مشروع لتربية الأبقار، وتعهدت بشراء 10 أبقار ذات مواصفات ممتازة”.
ويُخبر عبد الرزاق أيضاً أن “وفد المنظمة قرر تمويل توزيع الحليب يومياً على الأطفال في المدارس، ودعم القطاع الطبي عبر توفير استشارات عن بعد، أو عبر جلب أطباء إلى المنطقة من الخارج. وهو باشر تنفيذ أولى وعوده عبر توزيع منح مالية على المدرسين الذين لم تكفلهم أي جهة طوال 5 سنوات من عملهم التطوعي من دون الحصول على أي مقابل مادي”.
من جهته، يقول مدير مكتب التعليم في مخيم “الركبان” أحمد زغيرة، لـ”العربي الجديد”: “يواجه التعليم في مخيم الركبان واقعاً سيئاً جداً في ظل انعدام الدعم والاهتمام الذي دفع مجموعة من المعلمين والمعلمات إلى التطوّع لتدريس أطفال المخيم باستخدام وسائل بدائية جداً، وضمن خيام لا تقي من أي حر أو برد، وباستخدام وسائل كتابة هي فعلياً أوراق مرمية على الأرض أو قصاصات من كراتين. ورغم ذلك صمدوا وصبروا وحصلوا على نتائج جيدة في تعليم هؤلاء الأطفال الذين زاد عددهم مع مرور الوقت. وحالياً أصبح عدد المدارس 8 في المخيم إضافة إلى مدرستين في أماكن البدو. والآن باشرت منظمة غلوبال جستس دعم قطاع التعليم بالمخيم عبر دفع 100 دولار لكل معلم ومعلمة، ووعد مديرها بأن تستمر هذه الرواتب الشهرية”.

الصورة
تعليم أطفال مخيم الركبان مهمة صعبة وسط الحصار (العربي الجديد)

ويشير إلى أن “قسماً من مستلزمات المنهاج الدراسي وصل إلى المنطقة بعدما زار وفد المنظمة مخيم الركبان، علماً أن معلمي الكادر التعليمي لم يحصلوا على أي رواتب سابقاً من هذه المنظمة أو أي جهة أخرى، باستثناء المنظمة السورية للطوارئ التي منحت لمرة واحدة مبلغ 50 دولاراً لكل معلم ومعلمة، إضافة إلى مبلغ بسيط لم يتجاوز 200 ألف ليرة سورية (13 دولاراً) كل ستة أشهر”.
ويلفت زغيرة إلى أن “أبرز مشاكل التعليم حالياً تشمل توفير القرطاسية للتلاميذ، وتوفير صيانة دورية للمباني وأيضاً مقاعد دراسية للتلاميذ كي يستندوا إليها خلال الكتابة، وخزانات مياه”.
بدوره، يقول خالد الأحمد، وهو والد الطفل محمد الذي يتابع تعليمه في مدرسة الحي التدمري، لـ”العربي الجديد”: “يعتبر عمل منظمة غلوبال جستس الأول لتشجيع المدرسين على أداء مهماتهم بفعّالية، وجعل الأطفال يدركون أنهم موضع اهتمام على صعيد تلبية الاحتياجات التعليمية وتوفير رعاية مناسبة لهم. من هنا يمكن وصف عمل المنظمة بأنه خطوة جيدة تجاه قطاع التعليم الذي يهتم بالأطفال باعتبارهم بناة سورية المستقبل”.

ويتمنى الأحمد أن يتوفر دعم أكبر لقطاع التعليم وقطاعات أخرى، أبرزها الصحة، بهدف تحسين مقومات الحياة في مخيم “الركبان”، ويطالب بـ”تحسين ظروف الحياة، لأن سكان المخيم يعيشون في ظل معاناة حياتية كبيرة بعدما تقطعت بهم كل السبل في ظل مواجهتهم الحصار. ونحن نريد أن يتعلم أبناؤنا ويبنوا سورية من جديد، كما نطالب بدعم المدارس بالقرطاسية لأن الواقع المعيشي متدنٍ في المنطقة، والمصاريف مرتفعة جداً”.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، وفرت المنظمة السورية للطوارئ، بالتنسيق مع التحالف الدولي وقواته الموجودة ضمن قاعدة التنف، قافلة مساعدات إنسانية لمخيم “الركبان” للمساهمة في تخفيف معاناة سكانه، وشملت 16 ألف كتاب مدرسي وكميات من حليب الأطفال و1800 سلة غذائية، وفيتامينات، وبذور خضار، وبذور القمح، وبذور فاكهة، وأسمدة، وخراطيم مياه، إضافة إلى 26 لوحاً مدرسياً.