اتفق ممثلون عن عدد من عشائر البدو في محافظتي درعا والسويداء، جنوبي سورية، على تشكيل مجلس موحد لأبناء العشائر في المحافظتين، لـ”متابعة شؤون أبنائها وفض النزاعات في حال حدوثها”، في خطوة يبدو أن أجهزة النظام الأمنية ليست بعيدة عنها لمحاصرة أي حراك مناهض لها، ولا سيما مع استمرار الانتفاضة
وقالت مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، إن اجتماعاً عقد السبت في قرية حامر وسط منطقة اللجاة الواقعة إلى الشمال من محافظتي السويداء ودرعا، وضم أكثر من 70 شخصاً من أبناء العشائر، اتفقوا على تشكيل مجلس مكون من عشرة أشخاص.
وأكد الناشط المدني في حراك السويداء الشعبي مفلح الصبرا، في حديث مع “العربي الجديد”، أنه “لا أحد ينكر تبعية هذا المجلس بشكل أو بآخر للسلطة السورية”، مضيفا: “لا أحد يمكنه الوصول إلى المكان الذي عقد فيه الاجتماع من دون موافقة الأجهزة الأمنية”. وأشار إلى أن “من بين المجتمعين من يحمل بطاقات أمنية تسهّل عليه التحرك”، مضيفا: “مهمة هذا المجلس الضغط على أبناء العشائر المشاركين بانتفاضة السويداء وخلق فتنة بين مكونات المجتمع تؤدي إلى الإجهاض على الحراك الشعبي السلمي”.
ويبدو أن النظام يحاول قطع محاولات فعاليات دينية واجتماعية في محافظة السويداء لعقد مصالحات أهلية فيها، تتيح لأبناء عشائر البدو العودة الآمنة إلى بيوتهم في المحافظة. وفي هذا الصدد، أشار الناشط المدني فيصل داوود، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن “شيخ العقل في السويداء حكمت الهجري يسعى للمصالحة بين أبناء البلدات والقرى التي شهدت نزاعات أهلية”، مضيفا: “الحراك الشعبي يؤيد هذه المساعي للقضاء على النزاعات بين أهالي المحافظة”.
من جهته، يرى الناشط المدني منيف رشيد، في حديث مع “العربي الجديد”، أن هدف النظام من إنشاء مجلس للعشائر في جنوب سورية هو “الضغط على المشاركين في الحراك الشعبي ومحاولة خلق شرخ داخل الانتفاضة”. واعتبر رشيد أن “هذا المجلس لن يستمر طويلاً، لأنه غير قادر على جمع كلمة العشائر وتحقيق الأمن والسلام في ظل سلطة عملت طوال الأعوام السابقة على تفريقهم وتخوينهم وترهيبهم”، مضيفا: “سيكتشف العديد من المشاركين في المجلس أن هذا النظام لا يقدم شيئا لا يخدم مصالحه”.
وتناقلت مواقع إخبارية محلية مقاطع فيديوهات للمجتمعين أكدوا فيها أنهم لا يتبعون لأية جهة ولم يدفعهم إلى هذا الاجتماع سوى المصلحة العامة لأبناء العشائر، مشيرين إلى أنهم “يمثلون جزءاً من أبناء الوطن الأم سورية، لهم حقوقهم التي نص عليها الدستور”. وأكدوا أنهم “تحت سقف القانون وسيرفعون الغطاء العشائري عن كل من يسيء للعادات والتقاليد، وكل من يُخطئ أو يرتكب فعلاً مخلاً بالقانون”.
ووصف أحد المتابعين من أبناء العشائر في جنوب سورية، فضّل عدم ذكر اسمه، في حديث مع “العربي الجديد”، الاجتماع بأنه “خطوة إيجابية في طريق توحيد الصف ولم الشمل، بعد معاناة أكثر من عشر سنوات تحمل فيها أبناء العشائر الظلم من كل مكونات المجتمع المحلي في المحافظتين”. وتابع: “تتعرض العشائر للضغط من السلطة الحاكمة، كما يعاني أغلب أفرادها من الهجرة والتشرد، منذ سنوات، في مناطق ريف درعا واللجاة ويسكن الخيام. نحن محرومون من أدنى حقوقنا وهو العودة إلى منازلنا وأرضنا”. ولم يستبعد المصدر تبعية المجلس للنظام، إلا أنه أشار إلى أن ذلك “غير مهم إذا استطاع المجلس تحقيق جزء من حقوق الناس”.
ونزحت معظم العشائر العربية من محافظة السويداء عقب قيام الثورة السورية في مارس/ آذار 2011، نتيجة الاحتقان الطائفي الذي يغذيه النظام بشكل مستمر، بعد تشكيل ما يسمى بالفصائل المسلحة الرديفة لجيش النظام، مثل “الدفاع الوطني” و”كتائب البعث” و”حماة الديار” وغيرها. وتعتبر عشائر البدو من السكان الأصليين لمحافظة السويداء، لكن النظام كان يعمل على تأجيج الصراع بينها وبين طائفة الموحدين الدروز الذين يشكلون غالبية سكان هذه المحافظة، التي لطالما شهدت مشاحنات على أساس طائفي بدفع من النظام، قبل الثورة السورية وأثناءها، أبرزها ما جرى في العام 2000 الذي شهد اقتتالاً دامياً بين الدروز والبدو.