يعد الإعلام النسوي إعلاماً شاملاً تحليلياً، يمكن من خلاله النظر لجميع القضايا المجتمعية والثقافية والسياسية المختلفة بعمق، بهدف تحليلها وإيجاد حالة من المقاربة والمساواة لفكر وأيديولوجيا النساء وحقهن في حرية الرأي والتعبير، والتركيز على تشكيل هوية واضحة حول القضايا النسوية المختلفة.
ويعتبر الإعلام بشكل عام حديث النشأة، حيث كانت “تمارس الحكومة السورية سياسة القمع وتقيّد حرية الرأي والتعبير”.
وشهدت مناطق شمال وشرقي سوريا بعد الحرب السورية عام 2011، قفزة نوعية في مجال الإعلام، وتعددت الوسائل الإعلامية في المنطقة، وازداد عدد الإعلاميين والإعلاميات بشكلٍ ملحوظ.
وكان للمرأة دورٌ بارز في الساحة الإعلامية، حيث شكلت نسبة 65% من عدد العاملين في مجال الإعلام. بحسب تقديرات اتحاد الإعلام الحر.
خطوات جادة
ترى محررة قسم اللغة العربية في قناة “JIN TV” سامية كردي، بأن إعلام المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا تقدم بخطوات ثابتة وبارزة في رؤية الحقيقة وإظهارها للرأي العام والعالم، كما سعى إلى التركيز على قضايا المرأة وتمثيل صوتها وصورتها.
وتقول لنورث برس، إنّ “إعلام المرأة وصل بعد تاريخ طويل وسنوات من الكدح والنضال خاصة بعد ثورة روج آفا من خلال مواده المسموعة والمقروءة والمرئية إلى مستويات جيدة، وأصبح منبراً ينير درب كل امرأة تناضل من أجل حقوقها وحريتها”.
وتضيف أن “إعلام المرأة لعب دوراً أساسياً وجوهرياً في تجسيد شخصية المرأة الحرة وتحريرها من كافة أشكال الذهنية الذكورية”.
وتعتقد بأنه يسعى من خلال مواده إلى مناهضة التمييز العنصري وتعزيز دور المرأة في كافة المجالات وتحقيق المساواة بين الجنسين.
وتشير إلى أن الإعلامي ينظر إلى المرأة من وجه نظره أي “نظرة ذكورية” وذلك يجعل بعض المواد “غير مستوفية للمضمون”، بينما تنظر الإعلامية للمادة بنظرة أنثوية متفهمة للنساء الأخريات، ومتحررة من الذهنية السلطوية ما يجعل عملها ذو محتوى غني.
تحديات ومحاولات جادة
وترى الإعلامية سولنار محمد، بأنه من المبكر الحديث عن وجود إعلام نسويّ في مناطق شمال شرقي سوريا.
وتضيف أن هناك محاولات جدّية من قبل بعض الصحفيين والصحفيات لطرح بعض القضايا النسويّة، ولكن ليس بالكم المطلوب لدعم هذه القضايا، والتي هي كثيرة.
وتقول “محمد” لنورث برس، إن “هناك طرح للقضايا، ولكن الأهم هو التنويع في هذه القضايا والقصص الخاصة بالنساء، سواءً كان عن التمييز أو العنف القائم على النوع الاجتماعي أو قضايا أخرى كالتمثيل السياسي والصحة والتعليم والفضاء العام ككل”.
وتعتقد بأن طرح هذه القضايا “يجب أن يكون بطريقة سليمة ومعمّقة” وأن يقدم الحلول التي من شأنها إحداث التغيير المطلوب، وإلا سيكون هذا الطرح سلبياً على القضية ذاتها”.
وتقول معدة ومقدمة البرامج الإذاعية هنا عبد الله من مدينة الرقة، لنورث برس، إنه “كان من الصعب دخولها في مجال الإعلام، رغم أنها تنحدر من عائلة مثقفة ومتعلمة، بسبب ترسخ الأفكار الشرقية في المنطقة”.
وترسخت الصورة النمطية للأعمال التي يمكن للمرأة ممارستها لسنوات طويلة خصوصاً في المناطق العربية ذات الطابع العشائري، وكانت تقتصر على التدريس أو التمريض والطب في أفضل الأحوال.
وترى بأن نسبة النساء الفاعلات في الوسط الإعلامي لا يتجاوز نسبة 20%، وليس لها حرية الرأي والتعبير مثل الرجل، لكنها تعتبر تلك النسبة جيدة مقارنة بالسنوات السابقة.
وتعتقد “عبد الله” بأنه رغم الصعوبات فإن الإعلاميات أثبتن جدارتهن في كافة الأقسام الإعلامية.
وأنهن استطعن تسليط الضوء على القضايا المتعلقة بالنساء، وكان هناك مشاريع إعلامية حقيقية لدعم المرأة.
وتشير إلى الصعوبات التي واجهتها في إعداد الحلقات واستضافة النساء بسبب عدم جرأتهن للمشاركة والخروج إلى الإعلام.
قضايا المرأة ليست حكراً على الصحفيات
وتشدد “محمد” على أن طرح القضايا المتعلقة بالنساء “ليس حكراً على الصحفيات فقط”، وإنما يمكن للصحفيين أيضاً طرح تلك القضايا.
وتضيف، “في النهاية إحداث التغيير الإيجابي بأي قضية تخص النساء يحتاج لعمل جمّعي للوصول إلى النتائج المرجوة”.
كما أنه يفترض على أي صحفي وصحفية فهم المصطلحات المرتبطة بالمساواة بين الجنسين، وتبسيط وشرح هذه المصطلحات في المواد الصحفية للجمهور كونه لايزال استخدام هذه المصطلحات قليلاً في الإعلام، ولم يعتد الجمهور على سماعها.
وتشدد “محمد” بأن فهم المصطلحات “مهم” لتجنب الوقوع في مطب استخدام مصطلحات كرّسها المجتمع والتي لا تنصف المرأة، وتعتقد بأنه يحتاج لتدريبات صحفية مكثفة ومستمرة.
وترى “عبد الله” بأنه يتوجب دعم الفئات المستضعفة ومن ضمنها النساء، وأخذ المساحة الحقيقية الآمنة لإبداء رأيها بشكل عام سياسياً واجتماعيا واقتصادياً وحتى في اختيار الزوج على الصعيد الشخصي.
وترى “عبد الله” بأنه يجب التساؤل أين المرأة في مجال الإعلام، وما مدى تسليط الإعلام الضوء على قضايا المرأة.
وتشير إلى وجود عوائق تتعلق بالوسيلة الإعلامية والمجتمع على حد سواء، وتقول، إن “الوسيلة الإعلامية تعطي المرأة السمكة لكنها لا تعلمها الصيد”.
وترى بأنه يجب تمكين المرأة بشكل حقيقي من جميع النواحي، وأن يتم توعيتها بأنها شخص فاعل بفاعلية الرجل وأكثر.
وما زال المجتمع يعتقد بأن ظهور المرأة في الإعلام هو فضيحة وتمرد على المجتمع، بحسب “عبدالله”، لذلك يجب الانسلاخ من الأفكار والمعتقدات المجتمعية والدينية التي رسخها المجتمع حسب أهواءه.
تحرير: محمد القاضي