حذر القادة الإيرانيون من أن العالم أقرب إلى حرب إقليمية في الشرق الأوسط، وأن إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء، والتي، على حد تعبير الرئيس إبراهيم رئيسي، «قد تجبر الجميع على اتخاذ إجراءات».
لكن إيران تسير على حبل مشدود، حريصة على تجنب المواجهة المباشرة وبالتالي تطمس خطوطها الحمراء لتجنب السير في فخ. وبدلاً من ذلك، تعتمد على ميليشياتها بالوكالة من «محور المقاومة» في جميع أنحاء المنطقة لشن ضربات محدودة تستهدف إسرائيل والقواعد العسكرية الأمريكية في العراق وسوريا.
كان استخدام القوات بالوكالة، وعلى رأسها حزب الله في لبنان وكذلك حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني في غزة، علامة تجارية للسياسة الخارجية الإيرانية. تقول إيران إنها بينما تدعم «قوى المقاومة» مثل هذه، إلا أنها تعمل بشكل مستقل.
ما مقدار الحكم الذاتي الذي تتمتع به «قوى المقاومة» عن إيران عمليًا؟
عمل أميل الحكيّم، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، على مدى مسيرة حياته لتتبع العلاقة بين إيران ووكلائها. وقال مؤخرًا: «سيستمر هذا النقاش إلى الأبد، لكننا تعلمنا الكثير عن كيفية عمل إيران مع شبكة شركائها».
“ايران تمكّن، وتدعم، وتوجه، لكنه نادرًا ما تأمر. يواجه الغربيون مشكلة بسبب كيفية تصورهم لسلاسل القيادة هذه. شركاء إيران مثل إخوة السلاح قد يكونوا صغاراً ولكن يُوثق بهم. حماس (وحتى حزب الله) لا تتوقع مساعدة إيرانية مباشرة ومستمرة أثناء صراع. يتخذ شركاء إيران قرارهم ويسعون للحصول على موافقة إيران. أظن أنهم لن يفعلوا شيئًا تعارضه إيران، لكن لديهم هامش مناورة كبير”.
ما مدى اعتماد حماس على إيران؟
تكمن أصول حماس في جماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة مسلمة سنية، وكانت تلك الجذور في الماضي بمثابة قيود على العلاقة مع إيران. على سبيل المثال، أدى اندلاع الحرب السورية في عام 2011 إلى توتر العلاقات بين حماس وإيران، حيث دعمت طهران بقيادة الشيعة نظام الأسد ودعمت حماس المعارضة ذات الأغلبية السنية.
بحلول وقت النزاع في غزة عام 2012، كانت حماس تطلق صواريخ فجر-5 الإيرانية بعيدة المدى على تل أبيب والقدس. بعد أزمة غزة 2021، أشاد الرئيس السياسي لحماس إسماعيل هنية بإيران لتمكينها من قصف مكثف، مشيرًا إلى أن طهران «لم تتردد بالمال والأسلحة والدعم الفني». وقالت حماس نفسها إن جنرالا من الفرع الرئيسي للقوات المسلحة الإيرانية، الحرس الثوري الإسلامي، «سلحهم ووجههم». في كانون الثاني/يناير 2021، صرح قائد القوة الجوية التابعة للحرس الثوري الإيراني أمير علي حاجي زاده: «تم إنشاء جميع الصواريخ التي قد تراها في غزة ولبنان بدعم من إيران».
اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إيران بتقديم 90٪ من الأموال لحماس.
هل هناك أي دليل على أن إيران خططت لهجمات 7 أكتوبر؟
كانت الولايات المتحدة دؤوبة في إنكار استحواذها على معلومات استخباراتية لدعم هذا الادعاء. وزعم تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، أن الهجمات تم التخطيط لها في اجتماعات حضرتها حماس وحزب الله في بيروت ، وأن هذه الاجتماعات المنتظمة حضرها مرتين وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان. لكن إيران نفسها أعلنت عن زيارة الوزير لبيروت، ويبدو من غير المرجح أن تعلن وكالات الأنباء الإيرانية عن اجتماع تجري فيه مناقشة الهجوم على إسرائيل.
من هم وكلاء طهران
لبنان
غالبًا ما يوصف حزب الله بأنه جوهرة التاج، بقيادة زعيمه الروحي القديم حسن نصر الله. إن حزب الله لديه حزب سياسي وقوة عسكرية أقامت، على مدى ثلاثة عقود، علاقة مع إيران تقوم على الثقة والمصلحة المشتركة. خدمت حملتها من الهجمات والقصف والاختطاف والمواجهات العسكرية المباشرة مع إسرائيل في التسعينيات وفي العقد الأول من الألفية الجديدة أهداف طهران الاستراتيجية في الشرق الأوسط دون أي مواجهات عسكرية مباشرة مع إسرائيل. منذ 7 أكتوبر زاد إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، وقتل مقاتلو حزب الله. لكن إيران ستكون مترددة في الالتزام بحرب ثانية مثل تلك التي دمرت لبنان في عام 2006.
اليمن
وبتكلفة قليلة على نفسها، تقدم إيران أسلحة لقوات المتمردين الحوثيين الشيعة المعروفة باسم «أنصار الله» التي قيدت المملكة العربية السعودية، وبدرجة أقل الإمارات العربية المتحدة، لسنوات.
سوريا
يرجع بقاء الرئيس السوري، بشار الأسد، في منصبه، لإيران. منذ أن زودت طهران قوات برية – ما يقارب 80,000 رجل، والعديد منهم من حزب الله – التي سحقت الانتفاضة بالاشتراك مع القوات الجوية الروسية. أظهرت دراسة أجراها مركز جسور، أن إيران لديها 98 موقعًا عسكريًا في شرقي سوريا.
العراق
انتقدت حركة النجباء الشيعية القوية المدعومة من إيران معارضة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للهجمات على القواعد العسكرية الأمريكية في البلاد – زاعمة أن هناك «تفويضًا قانونيًا ودينيًا كافيًا للمقاومة.» لكن هناك دائرة انتخابية قوية داخل العراق – معظمها من جيل الشباب – تريد إنهاء النفوذ الإيراني.
هل «محور المقاومة» مهتم بالحرب الشاملة؟
سيكون بمثابة انقطاع تام في الاستراتيجية. قال مايكل نايتس من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن الجانبين لعبا لعبة مميتة منذ حوالي عام 2019 عندما زودت طهران الميليشيات الشيعية العراقية بطائرات بدون طيار، طالما أنها لا تقتل الكثير من الأمريكيين. «ما فعله الإيرانيون هو طريقة مثالية لوخز الأمريكيين وإظهار مقاومة لوجودهم الإقليمي دون إثارة انتقام عسكري أمريكي شديد». الحرب الشاملة ستنهي هذه الاستراتيجية.
كيف تعتقد إيران أن حماس يمكن أن تفوز ؟
وقال وزير الخارجية الإيراني السابق، جواد ظريف، في حديث الأسبوع الماضي، إن إسرائيل خسرت بالفعل، إلى درجة ما، منذ تم تدمير أسطورة أنها لا تقهر. مع تحالف إيران مع العالم العربي المنقسم سابقًا، أصبحت إيران في وضع أقوى من ذي قبل، مدعية أن الولايات المتحدة وإسرائيل هما اللتان فقدتا الدعم الشعبي. سواء كانت تلك هي النية، أو نتيجة ثانوية، فإن التطبيع المخطط للعلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل أصبح معلقا. يعتقد ظريف أن الأولوية الأولى لإسرائيل الآن هي محاولة جذب الولايات المتحدة إلى حرب ضد إيران، لكن الولايات المتحدة لا تريد ذلك.
هل إيران منحازة إلى الأنظمة الملكية القوية في الخليج ؟
ليس قبل الأسابيع القليلة الماضية. تنظر العديد من الأنظمة الملكية السنية في الخليج إلى إيران الشيعية بمشاعر مختلطة من الخوف والشك. إنهم لا يشاركون إيران رغبتها في طرد جميع القوات الأمريكية من المنطقة. لكن جهود الولايات المتحدة لإقناع مجلس التعاون الخليجي بأن يصبح قوة أمنية أكثر تماسكًا فشلت. على الرغم من أن الدول العربية تحث على حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إلا أن إيران تميل نحو دولة فلسطينية واحدة.
هل ينظر جميع الإيرانيين إلى إسرائيل بنفس الطريقة التي تنظر بها قيادتهم؟
لا. أدت الجهود التي تقودها الدولة للتلويح بالأعلام الفلسطينية في مباراة كرة قدم أخيرة إلى صيحات استهجان واسعة النطاق. أثار ابن شاه إيران المخلوع محمد رضا بهلوي جدلاً بالسفر إلى القدس قبل ستة أشهر. وقد أثار ذلك غضب منتقدي النظام المخضرمين مثل صادق زیباکلام، الذي سأل لماذا غيّر المعارضون المعاصرون للنظام الإيراني موقفهم تجاه إسرائيل. قال زيباكلام «العديد من شخصيات المعارضة، وخاصة الملكيين وأنصار فخامة الأمير، متأثرون كثيراً بالكراهية للنظام الإيراني لدرجة أنهم لا يرون آلام ومعاناة ملايين الفلسطينيين وهم أكثر صهيونية من الصهاينة».