أربيل – نورث برس
قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في تقرير، إنه مع تصميم إسرائيل على القضاء على حركة حماس، أمام طهران أن تقرر ما إذا كانت هي والميليشيات التابعة لها التي تسلحها وتدربها سوف ترقى إلى مستوى خطابها الناري، أو أنها لن تتمكن من حفظ ماء وجهها بعد كل السنوات التي حملت فيها شعار “تحرير القدس”.
وأشار تقرير الصحيفة إلى أن طهران تواجه ما أشبه بالمعضلة بين خطر توسيع نطاق الحرب أم فقدان الثقة في وسطها الإسلامي.
فعلى مدى أكثر من أربعة عقود من الزمن، تعهد حكام إيران بتدمير إسرائيل. ونادراً ما يظهر المرشد الأعلى علي خامنئي، في الأماكن العامة دون ارتداء الكوفية الفلسطينية ذات المربعات باللونين الأبيض والأسود.
وعندما نفذت حماس الهجوم على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول والذي أشاد المسؤولون الإيرانيون به باعتباره إنجازاً بالغ الأهمية، تواجه إيران الآن معضلة، إذ تفكر في كيفية الرد هي والميليشيات التابعة لها – المعروفة باسم محور المقاومة – على الهجوم الإسرائيلي المضاد لغزة.
و ذكرت الصحيفة أن إيران تفكر ما إذا كان عليها تعزيز أوراق اعتمادها الثورية على حساب خطر إشعال حرب إقليمية أوسع نطاقاً.
ونقلت عن ناصر إيماني، المحلل المقرب من الحكومة (طهران)، في تصريح صحفي: “لا داعي لتورط إيران بشكل مباشر في الحرب ومهاجمة إسرائيل نفسها، لأن لديها حلفاء في محور المقاومة التي تتبع سياسات إيران واستراتيجياتها وتتصرف نيابة عنها”.
وأضاف “في الوقت الحالي، إيران في وضع السيطرة، فهي تطلب منهم جميعاً، بما في ذلك حزب الله، أن يبقوا الأمور في حالة غليان ولكن يجب عليهم ضبط النفس”.
بالرغم من أن واشنطن تؤكد على دور حرس الثوري الإيراني في الصراع، إلا أن المسؤولين الإيرانيين يعلنون أنهم لا يريدون حرباً واسعة النطاق.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في مقابلة أجريت معه مؤخراً في بعثة إيران لدى الأمم المتحدة: “أريد أن أؤكد من جديد أننا لا نسعى إلى نشر هذه الحرب”.
لكنه أضاف أن “المنطقة وصلت إلى نقطة الغليان وفي أي لحظة قد تنفجر وهذا قد لا مفر منه. إذا حدث هذا، فسوف تفقد جميع الأطراف السيطرة”.
وحذّر من أن فصائل المقاومة في لبنان واليمن والعراق وسوريا التي قال إنها تتصرف بشكل مستقل، يمكن أن تفتح جبهات متعددة ضد إسرائيل، مع احتمال كبير “أن تكون النتيجة أن الأمور لن تسير بالطريقة التي يريدها نظام إسرائيل”.
ومع ذلك، لا تريد إيران حرباً إقليمية، الأمر الذي يحمل مخاطر على الأمة وحكامها الدينيين، وفقاً لما نقلته الصحيفة الأميركية عن ثلاثة إيرانيين مرتبطين بالحكومة ومطلعين على المداولات الداخلية وأصروا على عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة المسائل الأمنية الحساسة.
ومن الممكن أن تتضاءل القدرات العسكرية لحلفاء إيران بشكل كبير من خلال معركة مطولة مع إسرائيل، بل وأكثر من ذلك إذا دخل الجيش الأميركي في المعركة.
وتنظر الجمهورية الإسلامية إلى وكلائها باعتبارها أذرع نفوذها الممتدة، القادرة على توجيه الضربات، بينما تمنح طهران قدراً من الإنكار.
وهذه القوى الإقليمية الموالية لإيران تمنح إيران نفوذاً في المفاوضات الدولية ووسيلة لإمالة ميزان القوى في الشرق الأوسط بعيداً عن خصومها مثل إسرائيل والولايات المتحدة، والمنافسين مثل السعودية.
ولكن إذا لم تفعل إيران شيئاً، فإن قادتها قد يخاطرون بخسارة مصداقيتهم بين الناخبين والحلفاء.
وقد تساءل بعض المحافظين المتشددين في إيران عن السبب وراء عدم تطابق تصرفات إيران مع خطابها مع شعار “تحرير القدس” من الحكم الإسرائيلي. بل أن العديد من أنصار الحكومة الإيرانية قاموا بشكل رمزي بالتسجيل كمتطوعين للانتشار في غزة ومحاربة إسرائيل.
بحسب الصحيفة فأنه ثمة سيناريو بأن تخاطر إيران بخسارة ذراعها، أو أن تخاطر “بفقدان ماء وجهها”، لذا قد تحاول حل هذه الدائرة من خلال السماح لحلفائها بتصعيد هجماتهم ضد إسرائيل والولايات المتحدة بطريقة محسوبة.
وشن حزب الله في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن هجمات مؤخراً على إسرائيل، لكنها كانت محدودة النطاق.
وقال الأشخاص المطلعون على الاستراتيجية الإيرانية إن الهدف في الوقت الحالي ليس حرباً شاملة، بل إبقاء الجيش الإسرائيلي تحت الضغط، مما قد يحد من قدرته على شن حرب ضد حماس.
وأثار خطر انتشار الحرب قلق الولايات المتحدة وإسرائيل. وحذرت إدارة بايدن إيران ووكلائها علناً من توسيع الصراع، مشيرة إلى أنها لا تسعى إلى الحرب مع إيران، وحثت طهران على كبح جماح حلفائها.