حذر الخبير في حركات الإسلام السياسي الدكتور عمرو عبد المنعم من تداعيات خطيرة للحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، معتبراً أن ما يحدث في القطاع الفلسطيني المحاصر “يعد أمراً مهيناً”، خصوصاً بالنسبة للحركات الإسلامية المتطرفة، لذا يتوقع من خلال اطلاعه على نشاط تلك الجماعات، بوقوع “حدث كبير” خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة.

وشنت إسرائيل هجمات عسكرية مكثفة على غزة، أودت بحياة آلاف الفلسطينيين، ثم بدأت اجتياحاً برياً للقطاع، تحت ذريعة القضاء على حركة “حماس”، وذلك في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” التي قامت بها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري للحركة، والتي قتلت في غضونها مئات المستوطنين الإسرائيليين، وأسرت العشرات من مستوطنات إسرائيلية متاخمة للقطاع.

الدكتور عمرو عبد المنعم

“شعور بالإهانة”

وقال الخبير الحاصل على دكتوراه متخصصة في فكر الجماعات المتطرفة، في حديث خاص لـ”النهار العربي”: “من خلال متابعتي لنشاط تلك الجماعات، واطلاعي على فكرها، فإنني أتوقع أن العالم سوف يفاجأ بعملية ضخمة، خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة، وربما تكون بحجم تفجيرات 11 أيلول (سبتمبر) 2001” في الولايات المتحدة.

وتستخدم الحركات الإسلامية المتطرفة منتديات سرية، وتطبيقات شديدة التشفير مثل “تليغرام”، كما تلجأ كذلك إلى الإنترنت المظلم (Dark web)، لتأمين التواصل مع عناصرها، وكذلك لنشر الدعاية الخاصة بها، ويقوم خبراء ومتخصصون في شؤون تلك الحركات، بمتابعة نشاطها عبر هذه القنوات الرقمية، ما يساعدهم على فهم اتجاهاتها، والتنبؤ بمخططاتها.

اتجه الآلاف من عناصر التنظيمات الإرهابية إلى أفريقيا بعد سقوط “داعش” في سوريا والعراق.

خطر محدق

على رغم الهزيمة المبرحة التي مني بها تنظيم “داعش”، وانهيار دولته المزعومة التي أعلنها عام 2014، بعد احتلال مساحات شاسعة من سوريا والعراق، إلا أن ذلك التنظيم الذي يعد الأكثر دموية بين الجماعات الإسلامية المعاصرة، لا يزال يشكل تنظيمات أخرى مثل “القاعدة” تهديداً حقيقياً، بمحاولة إعادة بناء قدراتها، ومن ثم ليس مستبعداً أن تقوم بعمليات ضخمة مفاجئة، لتحاول أن تكسب بها تعاطفاً في أوساط العرب والمسلمين الغاضبين مما يحدث في غزة.

وقد رصد باحثون متخصصون، خلال الأعوام الماضية، توجه الآلاف من عناصر تلك الجماعات الإرهابية إلى مناطق عدة في العالم، خصوصا الدول الهشة، التي لا تحظى بسيطرة أمنية كافية، وتأتي أفريقيا في مقدمة الوجهات التي قصدتها تلك الجماعات، حيث تجد بها حركات محلية متطرفة تساندها، أو تدين لها بالولاء.

ويدرك المجتمع الدولي الأخطار المحتملة التي تشكلها تلك الجماعات، وعلى رأسها “داعش”، لذا ثمة تحالفات بين دول عدة لمكافحة تلك التيارات المتطرفة، التي تنتعش في الصراعات، وتتغذى على الفتن.

وربما أوضح مثال على ذلك التحالف الدولي لهزيمة “داعش” الذي تأسس عام 2014، والذي نما بمرور الوقت وبات يضم 86 دولة، تدعم برامج مكافحة الإرهاب في أفريقيا والعراق وسوريا وجنوب ووسط آسيا، حسب بيان مشترك لوزيري خارجية الولايات المتحدة والسعودية، صدر في الرياض، يوم 8 حزيران (يونيو) الماضي.

 الإسلام السياسي

حظيت “حماس” بتعاطف وتأييد ملحوظين في الشارع المصري، منذ اشتعال الأزمة الأخيرة. وعلى رغم أن أغلب المصريين يعرفون أن الحركة تأسست فكرياً على يد “جماعة الإخوان المسلمين” التي تم إسقاط حكمها في مصر إثر تظاهرات شعبية في 30 حزيران (يونيو) 2013، إلا أن أشد معارضي الجماعة التي تصنفها القاهرة تنظيماً إرهابياً، يغضون الطرف عن الجذور الفكرية لـ”حماس”، وينظرون إليها على أنها حركة مقاومة تتصدى لقوى الاحتلال الإسرائيلي.

هذا التعاطف اللافت، يطرح تساؤلات عدة بشأن تأثيرات أحداث غزة على مستقبل حركات الإسلام السياسي في مصر والمنطقة العربية، وهل يمكن أن تكسب حركات مثل “الإخوان” تأييداً شعبياً من جديد بسبب ما يجري في غزة؟ وهل يمكن أن يفتح لها الباب للعودة إلى الساحة السياسية في مصر؟

يستبعد الخبير في حركات الإسلام السياسي حدوث هذا، وينفي إمكانية أن تعيد أحداث غزة “الإخوان” إلى النشاط السياسي في مصر أو أي بلد عربي آخر، ويقول إن المواطنين يفرقون جيداً في هذه المرحلة بين “الإخوان” وحركة “حماس” التي “تقاوم محتلاً لأرضها”.