حقّقت الحملة الإعلامية ضد الشركات التركية المتعاونة مع إسرائيل، إنجازاً جديداً مهمّاً، عندما دفعت إحدى كبريات شركات الطاقة المحلية إلى الانسحاب من الاستثمار في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهدفت هذه الحملات أولاً إلى الضغط من أجل وقف الصادرات التركية إلى إسرائيل، وهي الخطوة التي تحقّقت في أيار الماضي؛ وأيضاً إلى دفع الحكومة التركية إلى التعجيل في تقديم طلب المرافعة أمام «محكمة العدل الدولية»، في شكوى جنوب أفريقيا حول ارتكاب إسرائيل إبادة في قطاع غزة، والذي حصل الأربعاء الفائت، بعد سبعة أشهر من بدء الدعوى التي سبقت تركيا إليها، ستُ دول.وباتت الحملات الإعلامية والضغوط الشعبية من جانب مجموعات يسارية وإسلامية معارضة لـ«حزب العدالة والتنمية»، تتركّز، راهناً، على مسألتَين: الأولى، هي النفط الذي تبيعه آذربيجان إلى إسرائيل، ويجري نقله عبر أنبوب باكو – جيحان، وصولاً إلى الموانئ الإسرائيلية، عبر حاويات تابعة لشركات مقرّبة من عائلة الرئيس التركي، فيما ترى أنقرة، رغم الضغوط في هذا الإطار، أن تصدير النفط الآذربيجاني يخضع لاتفاقات دولية لا يمكن التملّص منها، لا سيما في ظلّ «اقتصار» دورها على مرور النفط عبر أراضيها. أمّا المسألة الثانية، فهي وجود قاعدة «آنجيرليك» قرب مدينة أضنة، التي يستخدمها الأميركيون و«حلف شمال الأطلسي»، وأيضاً وجود محطّة التنصّت والرادار والتجسّس الأطلسية في منطقة كوريجيك قرب مالطة، والتي تغطّي بمراقبتها كل الشرق الأوسط. ورغم الاحتجاجات المتتالية، ودعوة تركيا إلى أن تبادر لوقف العمل بهاتَين القاعدتَين الأطلسيتَين اللتَين تخدمان العدوانية الإسرائيلية، إلا أن أنقرة لا تزال تعارض ذلك بشدّة، خشية تدهور علاقاتها مع واشنطن. ومن هنا، تساءل رئيس «حزب وطن»، دوغو بيرنتشيك ، في حوار تلفزيوني: «كيف يمكن لمن يحمي قاعدتَي آنجيرليك وكوريجيك أن يحظى برضى العالم الإسلامي؟».
أمّا القضية الأخيرة التي يبدو أنها في طريقها إلى النجاح، فتتعلّق بتزويد شركة تركية، وزارةَ الأمن الإسرائيلية وكل المؤسسات التابعة لجيش الاحتلال ومستوطنات عدة، بالطاقة الكهربائية؛ علماً أن الشركة هي «مجموعة زورلو القابضة» التي تمتلك حصة بمقدار 25% في أحد أكبر معامل توليد الكهرباء التابعة لشركة «دوراد للطاقة الإسرائيلية» جنوبي مدينة عسقلان، وتوفّر الكهرباء لوزارة الأمن والجيش الإسرائيليَّين. وكُشف، قبل يومين، عن تمديد الاتفاق بين «زورلو» ووزارة الأمن الإسرائيلية لمدّها بالكهرباء، بل وحتى بأسعار مخفّضة عن السابق. وبعدما كانت الشركة التركية تلتزم الصمت، اعترف رئيسها، أحمد نظيف زورلو، بأن «زورلو» توفّر الكهرباء للجيش الإسرائيلي، ولكنه أعلن، أول من أمس، أنه سينسحب من الاستثمار في إسرائيل بشكل كامل. وكانت الاحتجاجات التركية بعد عملية «طوفان الأقصى» قد تركّزت على الشركة المذكورة نظراً إلى عمق علاقاتها مع إسرائيل، وتقدير حجم استثماراتها هناك بحوالى المليار دولار. وقد ألغت الشركة حصصها في ثلاث شركات طاقة إسرائيلية، في أيار الماضي، هي «إيزوتيك» و«سولاد» و«أدنيت»، حيث تمتلك 42.15% في كل منها. ولـ«زورلو» أيضاً حصة في شركتَي «رامات النقب» و«أشدود» قرب الأخيرة.
ويلفت النظر في تاريخ شركة «زورلو» أن مؤسسها عام 1950، حاجي محمد زورلو، هو شقيق فطين رشدي زورلو، وزير خارجية تركيا في حكومات عدنان مندريس الإسلامي، علماً أن رشدي ومندريس وضعا حجر الأساس للعلاقات الاقتصادية القوية مع إسرائيل، وكانا رأس الحربة في سياسة الأحلاف التي حاربت حركات التحرّر العربي، وخصوصاً إبّان حكم جمال عبد الناصر في مصر، وانتهيا إعداماً عام 1961. وكان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، قد منح رئيس الشركة الحالي، أحمد نظيف زورلو، جائزة تقديرية بعد افتتاحه محطة لتوليد الكهرباء في إسرائيل بعد عام 2016. وقد عرفت الشركة، وفقاً لموقع «صول تي في» اليساري، نمواً واسعاً لاستثماراتها ومنتجاتها، ولا سيما ماركة «فيستيل»، داخل تركيا وخارجها، في عهد «حزب العدالة والتنمية»، الذي منح الشركة تسهيلات عقارية كبيرة، فيما قارب عدد العاملين فيها 30 ألفاً. كذلك، كان للشركة دور مهمّ في التخطيط لمدّ خط أنابيب تحت البحر من إسرائيل إلى تركيا لتوزيع غاز حقل «تامار» الإسرائيلي في شرق المتوسط، والذي روّجت أنه سيكون «ضامناً لأمن تركيا في مجال الطاقة». والجدير ذكره، هنا، أن وزير الطاقة التركي كان على وشك زيارة إسرائيل بعد لقاء إردوغان ونتنياهو، في أواخر أيلول 2023 في الأمم المتحدة، لبحث مشروع خط الأنابيب والتعاون في مجال الطاقة، قبل أن تفاجئ عملية «طوفان الأقصى» الجميع، وتُلغى الزيارة.
من جهة أخرى، وفي سياق تنامي النزعات الإبادية في الداخل الإسرائيلي، دعا المغني عوفر ليفي (60 عاماً) إلى إلقاء قنبلة نووية على كل من تركيا وإيران واليمن. وإذ وصف ليفي هؤلاء بالأعداء، قال إن محوهم «أمر توراتي»، محرّضاً رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على بدء الحرب العالمية الثالثة. وخاطب ليفي، نتنياهو، قائلاً: «لو كنت مستشاراً لك أو رئيساً للأركان أو حتى صديقاً، أقول لك: ارمِ قنبلة نووية على تركيا واليمن وإيران»، مقتبساً من «التوراة» بعض الفقرات: «لا تخف ممَّن يحيكون المؤامرات على إسرائيل ويكرهونها، إنه أمر الله أن تمحو العماليق».