رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أيهود باراك رأى أن أمام الجيش الإسرائيلي بضعة أسابيع للإنتصار على حماس، وذلك للتبدل السريع في الرأي العام بشأن “العملية الإسرائيلية” في قطاع غزة. ونقل عنه موقع topwar الروسي المتخصص بالشؤون العسكرية في 7 الجاري قوله بأن تعاطف الرأي العام العالمي قد يصبح صفرا في المدى القريب، وعندها يصبح مؤكداً الصدام مع واشنطن. وقال بأن نتنياهو يبدو أنه يستعد لحرب طويلة في غزة، إلا أن إمكانيات الحرب في الجيب الفلسطيني تنفد بسرعة. وإذ يشير إلى التبدل في خطاب المسؤولين الأميركيين، يقول بأن الولايات المتحدة، شكليا، لا تستطيع أن تفرض على إسرائيل ما عليها القيام به، لكن تل أبيب لا يسعها تجاهل موقف واشنطن ـــ الضمانة الرئيسية لأمن إسرائيل. وإذا صدرت عن الولايات المتحدة الدعوة لوقف العمليات الحربية، فسوف يتعين على إسرائيل تنفيذ ذلك “بأقصر وقت ممكن”.
وينقل الموقع عن باراك قوله بأن القضاء على حماس قد يتطلب فترة تتراوح بين بضعة أشهر وسنة. إلا أن دعم إسرائيل سيتراجع تدريجيا من جانب الغرب الذي يخشى أن تؤدي “عملية” الجيش الإسرائيلي إلى اندلاع حرب أكثر اتساعاً ومأساوية في المنطقة. وسوف تمر بضعة أسابيع والخلاف بين الولايات وإسرائيل سوف يحتدم ويخرج إلى العلن.
لم يأت باراك بجديد في حديثه عن تبدل الرأي العام العالمي مع مواصلة الجيش الإسرائيلي حربه على غزة، بل اعتبرته صحيفة الحكومة الروسية بأنه الفخ الذي نصبته قيادة حماس لإسرائيل، كما أشارت “المدن” سابقاً. ويذهب المعلق السياسي في وكالة نوفوستي Petr Akopov إلى اعتبار تبدل الرأي العام العالمي العامل الذي سيحول دون إنتصار إسرائيل على حماس. فقد نشر على موقع الوكالة في 2 الجاري نصاً بعنوان “ليس لدى إسرئيل الوقت للإنتصار على حماس”.
يرى الكاتب أن إنقسام العالم العربي وخشيته من الولايات المتحدة يحولان دون تقديمه المساعدة العسكرية للفلسطينيين. لكن هذا لا يعني برأيه أن إسرائيل المعتمدة على الدعم الإميركي بوسعها مواصلة “عملية ثأرها”، والأدق الإبادة الجماعية للفلسطينيين سكان غزة، حتى بلوغ أهدافها.
يشير الكاتب إلى أن عسكريي إسرائيل وقادتها السياسيين يتحدثون عن “أشهر كثيرة” لبلوغ أهدافهم، لكن الخبراء العسكريين لا يأخذون على عاتقهم التنبؤ بالمدة، ويتفقون على أنها ستمتد لنصف سنة، بل وأكثر من سنة. وليس لبلوغ إسرائيل أهدافها في القضاء على مقاتلي حماس وقيادتها السياسية، بل لمحاولة ترحيل سكان شمال غزة التي ستستغرق وقتاً طويلا، وتترافق مع خسائر فادحة في صفوف الفلسطينيين والمزيد من خسائر الجيش الإسرائيلي، “وهذا إذا لم يفتح حزب الله جبهة ثانية في الشمال”.
يقول الكاتب أن إسرائيل تضرب بعرض الحائط بكل ما يقوله العالم، وليست مهتمة سوى بما تقوله الولايات المتحدة. ويرى أن إستراتيجية إسرائيل هذه قاتلة على المدى التاريخي المتوسط، ولن تنجح على المدى القصير. فليس لديها مدة سنة لعمليتها في غزة، فالقسوة التي تمارسها تغير العالم أسرع بكثير مما يتقدم الجيش الإسرائيلي نحو أهدافه.
يذكّر الكاتب البلدان العربية بحظر النفط العام 1973 من دون أن يأمل بأي ضغط عربي مماثل على الولايات المتحدة، ويقول بأن القمة العربية الحالية لن تقدم على إعلان إنذار للولايات المتحدة. لكنه يرى أنه مع كل يوم من القصف الإسرائيلي والإبادة الجماعية للفلسطينيين، سوف يقترب اليوم الذي ستجد البلدان العربية تفسها مجبرة على اللجوء إلى الوسيلة الأخيرة المتبقية لهم ــــ التأثير على الولايات المتحدة. وعندها ستجد إسرائيل نفسها في وضع الهزيمة الشاملة، مع أزمة داخلية حادة وسمعة القاتل الجماعي المكروه من العالم الإسلامي وغزة غير المهجرة وحماس غير المدمرة. وليس عليها أن تتهم سوى نفسها بهزيمتها، إذ أنها هي التي حشرت نفسها بالزاوية، معتقدة أن بوسعها، ليس فقط أن تمنع الفلسطينيين من إقامة دولتهم، بل وأن تنظم إبادة جماعية لطرد الفلسطينيين من غزة.
لا يخفي إعلام الكرملين سعيه لدق إسفين في علاقات البلدان العربية مع الولايات المتحدة، لكن مما لا شك فيه أن موقفه الراهن من حرب إسرائيل على غزة يكسبه في المنطقة ورقة رابحة جديدة اضافة إلى أوراقه الأخرى التي منحها له العدوان الإسرائيلي على غزة.
الحديث عن مدة العدوان الإسرائيلي وموعد نهايته يدور منذ اليوم التالي لهذا العدوان. صحيفة البرلمان الروسي (الدوما) pnp نقلت في مطلع الجاري عن الخبير بشؤون الشرق الأوسط Alexander Kargin قوله بأن نهاية الحرب بين إسرائيل وحماس “أصبحت مرئية”. رأى الخبير أن “العملية”الإسرائيلية تتقدم بنجاح نسبي. إسرائيل تتكبد خسائر، لكن أقل مما كان متوقعا ومما كان يمكن أن تكون عليه. ويرجح أن تقوم إسرائيل تدريجياً بإخراج مقاتلي حماس من غزة، ويرى أن ذلك سيتطلب 3-4 أشهراً. ويؤكد أن تقدم الجيش الأسرائيلي سيكون بطيئا و”بالغ القسوة”. وافترض أنه في حال لم يتدخل طرف ثالث، فسوف تتمكن إسرائيل من بلوغ الأهداف التي حددتها القيادة العسكرية.
في رده على السؤال بشأن إعتراف إسرائيل بقصف مخيم جباليا وما إن كان ذلك يعتبر إعترافاً بجريمة حرب، قال الخبير بأنه لا يتعجل بالإستنتاجات. وعلى الرغم من الإعتراف الإسرائيلي بقصف المخيم، يشكك الخبير بقيام إسرائيل بهذا القصف ويشبهه بقصف المستشفى المعمداني (في تشكيك بصحة قصف إسرائيل للمستشفى، قال مندوب الصحيفة بأن مطبوعته قامت بالتحقيق في تفاصيل القصف) ، وتثير حذره سرعة حماس في الإعلان عن العدد الدقيق للقتلى والمصابين. ويستدرك بالقول بأن غياب مراقبين محايدين يعقد الأمور، حيث كل طرف معني بتحميل المسؤولية للطرف الآخر، ولا أحد يستطيع أن يقول بموضوعية ماذا حدث في هذه الحالة أو تلك.
يرى الخبير أن إسرائيل كانت وما زالت تخاطر في غزوها البري لغزة. لكنه يفسر ذلك بمزاج المجتمع الإسرائيلي بعد هجوم حماس، حيث لا يرى هذا المجتمع مستقبل إسرائيل على غير هذا النحو. فالجميع يؤيد إما توجيه أقصى ضرر ممكن لحماس، وإما تدميرها كلياً.
وعن إمكانية مشاركة طرف ثالث في الحرب، قال الخبير بأن عددا من الأطراف قالوا بأنهم سيشاركون ما أن تبدأ إسرائيل عمليتها البرية، وفي طليعتهم حزب الله. إسرائيل بدأت العملية البرية، لكن حزب الله لم يشارك، وكذلك المجموعات الأقل شأناً. الحوثيون حاولوا قصف إسرائيل، لكنهم لم يلحقوا ضرراً يذكر بها، وليس مؤكداً أنها سترد على قصفهم. وإذا ما قرر المشاركة أحد الأطراف الجديين مثل تركيا وإيران، فمن المحتمل جداً أن تتحول الحرب إلى عالمية ثالثة وتنتهي بكارثة نووية. لكن الإتجاهات التي نشهدها حاليا لا تشير إلى أن شيئاً من ذلك سيحدث، “أجل، يتكلمون، يطلقون تصريحات صاخبة، يدينون إسرائيل، لكن لا أكثر من ذلك”.
وعن الزيارة الأخيرة لوفد حماس إلى موسكو، وما إن كانت ستترك تأثيرها على العلاقات بين روسيا وإسرائيل، جاء رده بحرية موسكو بانتهاج الدبلوماسية التي تراها. وأضاف أن ثمة روساً بين رهائن حماس، ووضع الزيارة في إطار سعي روسيا لتحرير مواطنيها. وقال أنه، بالرغم من كل شيء، ثمة علاقات متبادلة، ثمة تعاون ما بناء، أما ما سيطرأ لاحقاً، فمن الصعب التكهن بذلك حتى الآن. لكنه يأمل في المحافظة على العلاقات المتبادلة، “فهناك شعبنا أيضاً، ربع الاسرائيليين، تقريباً، يتحدثون الروسية”.