بعد دخول حرب إسرائيل على غزة شهرها الثاني، التأمت في الرياض قمة زعماء الدول العربية والإسلامية. وخلال هذه الفترة تصاعدت الإحتجاجات في المدن الغربية ضد حرب إسرائيل هذه، وأصبحت تضم مئات الالاف، بعد أن كانت متواضعة في البداية ومنقسمة بين مؤيد لإسرائيل ومؤيد لفلسطين. فقد نشر موقع Orda الكازاخي في 13 الجاري نصاً تحدث في عنوانه عن إحتجاجات في لندن ضمت 300 ألف شخص، وعن قمة الرياض، وعن أكبر عملية إجلاء وحول وضع الحرب في قطاع غزة. استهل الموقع نصه المقتضب بالإشارة إلى قمة الرياض “لمناقشة حرب إسرائيل وحماس”، وقال أنه “في هذا الوقت” جرت في لندن أكبر مظاهرة لدعم غزة في لندن منذ 20 عاماً.
إعلام الكرملين رأى في القمة حدثاً حظي باهتمام العالم أجمع، بينما لم تجد الخدمة الروسية في “الحرة” الأميركية حاجة لإبراز الخبر عن القمة في النص الذي نشرته يوم انعقادها، بل أشارت إليه في معرض حديثها عن “الحرب مع حماس بعيون العالم العربي”. والخدمة الروسية في BBC اكتفت في 11 الجاري بنشر نص مقتضب للغاية (حوالي 269 كلمة) عن القمة في موقعها على منصة X ، وهي التي اعتادت في مناسبات مماثلة أن تنشر نصوصاً مطولة تتضمن آراء خبراء.
موقع التلفزة الروسية smotrim الذي تملكه الهيئة العامة الرسمية للإذاعة والتلفزيون نشر في 12 الجاري نصاً رأى فيه أن أنظار العالم أجمع تركزت على “قمة زعماء الدول العربية يوم السبت”. وقال بأن “مشروع البيان الأقسى” لم يوقعه جميع المشاركين في القمة، وقرر المنظمون عدم نشر أسماء الدول التي إمتنعت عن التوقيع. واعترضت هذه الدول على اتخاذ أقسى الإجراءات بحق إسرائيل ـــ رفض التعاون الإقتصادي وتجميد العلاقات الدبلوماسية مع الدولة اليهودية.
من بين جميع الزعماء الذين حضروا القمة، لم يتوقف الموقع عند ذكر سوى أسماء كل من الأسد وأردوغان ورئيسي. وبعد أن يوجز كلمات بعض المشاركين، قال بأنه، وعلى الرغم من “بعض الخلافات البسيطة”، فقد أوضح العالم العربي أن على إسرائيل أن تتوقف وتعود إلى رشدها. ورأى أنه بعد مثل هذه التصريحات من جانب زعماء العالم العربي، تبقى الكلمة الآن لأوروبا والولايات المتحدة. فصمت الغرب الجماعي سوف يُنظر إليه على أنه دعم لسياسة القوة التي تنتهجها إسرائيل في قطاع غزة.
صحيفة الكرملين vz نشرت في 11 الجاري نصاً إخبارياً مقتضباً أشارت فيه إلى مقتطفات من مشروع بيان القمة المفترض. وحصل النص على 24 تعليقاً من قراء الصحيفة تظهر مروحة أراء الروس في قمة الرياض وحرب إسرائيل على غزة.
أحد القراء قال: لقد أدانوا (إسرائيل)، وبعبارة أخرى، تخلوا عن الفلسطينيين. هذه هي حقيقة العرب ــــ الكثير من الصراخ والقليل من الفعل.
آخر قال: هذا فقط؟ هذه ليست مساعدة في الحرب. إنها ثرثرة العرب الفارغة.
ثالث قال: ولا نملك إلا أن نأمل ألا تكون إدانات جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي هذه المرة مجرد ثرثرة، بل تحضيراً قانونياً لمعارضة ملموسة للنازية الإسرائيلية. وفي 26 تشرين الثاني/نوفمبر، ننتظر قرار أوبك+ بشأن إمدادات النفط والغاز إلى الدول التي تدعم قتلة الأطفال العرب.
رابع قال: المسلمون يتخلون عن إخوانهم…
صحيفة الحكومة الروسية RG نقلت في 11 الجاري عن The Guardian قولها بأن زعماء الدول العربية والرئيس الإيراني يجرون السبت في الرياض إجتماعاً طارئاً، موضوعه الرئيسي ـــ منع التصعيد في الصراع بين إسرائيل وحماس وعدم توسعه. وبعد أن اشارت إلى قرار جمع القمتين العربية والإسلامية، نقلت عن أحد قادة منظمة “الجهاد الإسلامي” محمد الهندي قوله بأن مجرد عقد المؤتمر بعد 35 يوماً على الصراع، يتحدث بنفسه عن نتائجه.
صحيفة الأعمال الروسية Vedomosty نشرت في 12 الجاري نصاً بعنوان “القمة العربية الإسلامية لم تتفق على خطوات ملموسة ضد إسرائيل”. قالت الصحيفة بأنه، على الرغم من الإدانة الشديدة لأعمال إسرائيل التي عبر عنها قادة الدول العربية والإسلامية، إلا أنهم فشلوا في إتخاذ إجراءات صارمة ضد تل أبيب. كما تم رفض مبادرة الجزائر لفرض عقوبات على إسرائيل من قبل الدول العربية. وتشير إلى أن المقترحات التي رُفضت تضمنت منع استخدام القواعد الأمريكية وغيرها من القواعد العسكرية في الدول العربية لتزويد إسرائيل بالإمدادات، وتجميد العلاقات الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية العربية مع إسرائيل، والتهديد باستخدام النفط والإمكانيات الإقتصادية للدول العربية للضغط على الغرب لوقف العدوان.
نقلت الصحيفة عن المحاضر في كلية الدراسات الشرقية بالجامعة الوطنية للأبحاث Andrey Zeltyn قوله بأن الدول العربية والإسلامية لم تكن في الواقع تنوي منذ البداية إتخاذ إجراءات صارمة ضد إسرائيل. وبطبيعة الحال، لم يفكروا حتى في إعلان الحرب على إسرائيل. ولم يكن ذو معنى الحصار الاقتصادي الذي إقترحته الجزائر، بل كان الإقتراح مجرد خطوة علاقات عامة أكثر منها عملية، مما جعل الدول العربية البراغماتية ترفضها. ويقول المحاضر بأنه ليس من المفهوم من كان بوسعه فرض الحصار على إسرائيل، سيما أن الولايات المتحدة هي الحليف الرئيسي لدول كثيرة في المنطقة. ورأى أن القمة نفسها تم تنظيمها بحيث يتمكن المشاركون فيها من “الإمساك بأيدي بعضهم وتحسس الأرض تحت أقدامهم”. وما يحدث الآن في الشرق الأوسط يبين أنه، وبعد سنوات من التطبيع مع إسرائيل، لم يكن أحد يتوقع مثل هذا التصعيد. فقد أكدت القمة حقيقة أن حماس نجحت في إعادة القضية الفلسطينية إلى المكان الأول على أجندة شؤون الشرق الأوسط.
تضيف الصحيفة بأن الباحث في معهد الإستشراق الروسي Boris Dolgov يتفق مع المحاضر Zeltyn في أن المشاركين في القمة لم يخططوا لإتخاذ خطوات سياسية وعسكرية ملموسة ضد إسرائيل. ومع ذلك يرى الباحث إنجازاً ملموساً للقمة في دعوتها لعقد مؤتمر دولي حول المسالة الفلسطينة، “يجب أن ينجح حيث فشلت الأمم المتحدة”.
صحيفة الإرفستيا المخضرمة نقلت في 11 الجاري عن المستشرق Andrey Ontikov قوله بأن الصراع في قطاع غزة لم يوقف فقط التطبيع بين السعودية وإسرائيل، بل دفع أيضاً إلى مزيد من التقارب بين الرياض وطهران. يرى المستشرق أن التصعيد في غزة هو لصالح الصين، إلا أن الولايات المتحدة تريد إنتزاع ورقة حماس الرابحة من أيدي الصينيين. ويقول بأن أحداً لا يريد إبقاء هذه الورقة بأيديهم، ولن يسمحوا لهم باستخدام هذه المجموعة أداة لنسف السياسة الأميركية في المنطقة.
ركزت الصحيفة في نصها بشأن القمة العربية الإسلامية على تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية ومشاركة الرئيس الإيراني فيها. وتنقل عن الباحث في قسم الشرقين الأوسط وما بعد السوفياتي في معهد المعلومات العلمية للعلوم الإجتماعية الروسي Vasily Ostanin-Golovnya قوله بأن تطور الوضع في المنطقة جعل زياة الرئيس الإيراني للرياض مسألة وقت فحسب، بعد تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وما تبعه من زيارات بين مسؤولي البلدين وتبادل التحيات في الإعلام. ويرى أن التطبيع السعودي الإيراني لا تقتصر مفاعيله على إقامة تعاون في منطقة الخليج وإنشاء أسطول مشترك لضمان سلامة الملاحة في المنطقة، بل يؤدي أيضاً إلى تصعيد حاد في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.