انشغلت صحافة تركيا ووسائل إعلامها بأخبار العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ أيام على لبنان، والذي شكل أيضاً بؤرة اهتمام المسؤولين، وعلى رأسهم الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الذي أجرى اتصالاً برئيس الحكومة اللبناني، نجيب ميقاتي، فيما اتصل وزير خارجيته، حاقان فيدان، بنظيره عبد الله بوحبيب. ومن نيويورك، حيث يشارك في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، اتهم إردوغان، المجتمع الدولي بالتقاعس عن نجدة قطاع غزة، وبمكافأة المعتدي في غزة ولبنان. وقال، خلال لقاءاته، إن الهجوم العسكري على لبنان يظهر رغبة إسرائيل في توسيع الحرب إلى كل المنطقة.أما في وسائل الإعلام، فكتب فهيم طاشتكين، في صحيفة «غازيتيه دوار»، أن «انتقام حزب الله من ضرب إسرائيل شبكة اتصالاته سيكون إما بالمثل دفعة واحدة أو بالتقسيط». وأضاف أنه يفهم «من الحراك الإسرائيلي أن رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، لا يريد حرباً برية، بل تدمير البنية التحتية لحزب الله باستهداف الصواريخ واغتيال القادة». واعتبر الكاتب أن «حزب الله، على رغم الضربات الإسرائيلية، لا يزال محافظاً على قدرات القيادة والتحكم. وعلى رغم كل القصف الإسرائيلي للأودية والجبال، فإن قدراته الصاروخية لا تزال قائمة ويُطلق من آن إلى آخر صواريخ جديدة وثقيلة على إسرائيل، آخرها فادي 1 وفادي 2. ووعْد حزب الله بتهجير المزيد من المستوطنين يتحقّق، ونتنياهو لن يستطيع إعادة هؤلاء الى قراهم. وما قول وزير خارجية إسرائيل، يسرائيل كاتس، إن نصر الله يحرق لبنان من أجل غزة سوى مسعى لمزيد من التدمير الإسرائيلي للبنان». وأشار طاشتكين إلى أن «حزب الله متمسّك باستراتيجيته بإسناد غزة حتى لو تضرّر، لأنه يرى أن إسرائيل أيضاً تتضرّر. كما يسعى الحزب إلى أن يبقى ضمن قواعد الاشتباك المضبوطة بحصر أهداف الصواريخ الثقيلة بالمؤسسات العسكرية الإسرائيلية».
اتصالا إردوغان بميقاتي وفيدان ببوحبيب يعكسان اهتماماً تركياً بلبنان
واعتبر الكاتب أن «أمل مثلّث إسرائيل – الغرب – دول الخليج، بالضغط على حزب الله، غير واقعي، فلبنان ليس غزة، التي على رغم صغرها لم تستسلم». ورأى أن «استمرار الصراع ليس لمصلحة إسرائيل، وهذا ما يعترف به جون كيربي، الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي». وانتهى طاشتكين إلى القول إن «إسرائيل، على رغم كل وحشيتها، لم تنجح في ردع حزب الله. كما لا تستطيع حماية حدودها بسبب عدم وجود عمق استراتيجي لها. وهي ستحاول إنهاء التهديد اللبناني من دون الدخول إلى لبنان. كما أنها لا يمكن أن تدخل حرباً واسعة من دون دعم الولايات المتحدة». وختم بأن «أحداً لا ينكر قدرة إسرائيل على التدمير، ولكن لا أحد يسأل عن الثمن الذي ستدفعه إسرائيل التي تدرك وفقاً لمعاييرها هي، أنها لن تحقق النتائج التي تريدها».
من جهته، كتب المحلّل المعروف، مراد يتكين، أنه «ليس مهماً تعداد الخسائر البشرية من الهجوم الإسرائيلي على لبنان، لأنها تتغيّر كل ساعة، ولكن رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، يتصرّف بثقة كاملة بأنه لو استخدم حتى القنبلة النووية، فليس من رئيس أميركي سيقول له لا. ولكن ليست هناك ضمانة بأنه سيوقف النار بعد الخامس من تشرين الثاني (موعد الانتخابات الأميركية). فدونالد ترامب، كما كامالا هاريس، يتنافسان على دعم إسرائيل». واعتبر يتكين موقف «الخماسي» الدولية، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، تجاه لبنان «عديم الحساسية»، قائلاً إن «وزراء خارجية الدول الخمس في نيويورك اجتمعوا حول لبنان وكان لسان حالهم: يا حيف على لبنان، ولكن حزب الله المدعوم من إيران يستحق التصفية».
وأشار إلى أن موقف هذه الدول يتسم بالازدواجية؛ فإسرائيل لا تضرب «حزب الله فقط»، بل تدفع بعشرات الآلاف من السكان إلى الهجرة شمالاً إلى بيروت، التي هي أيضاً غير آمنة. واعتبر أن «لبنان أمام خيارين: إما التحوّل إلى بلد يشكّل عمقاً أمنياً لمصالح إسرائيل الاستراتيجية، أو أن يدفع فاتورة انتماء الناس إلى حزب الله دماراً واحتلالاً»، مضيفاً أنه «إذا لم يتم وقف إسرائيل في لبنان، فإن الحريق اللبناني مرشّح للانتقال إلى المنطقة وعلى رأسها سوريا. وهذا ما كانت تركيا ومصر تحذّران منه منذ أشهر».