بعد اغتيال الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في بيروت، اتجهت الأنظار نحو ميليشيا الحوثي في اليمن، لا سيما بعد التصريح الذي نقلته هيئة البث الإسرائيلية عن الجيش الإسرائيلي بأن “يوم الحوثيين سيأتي بعد حزب الله”، وما أعقبه من هجوم جوي على ميناء الحديدة في اليوم التالي لإعلان اغتيال نصرالله.
الميليشيا الحوثية التي يربطها بـ”حزب الله” عامل الولاء لطهران ودعمها، والتي كان زعيمها عبد الملك الحوثي يسعى إلى تقليد نصرالله في خطاباته وكاريزميته، وصفت في بيان لها رحيل نصرالله بـ”الخسارة الفادحة”، مضيفة أن “لوعة فراقه لن تفت من عضد إخوانه من بعده”، وأن الاغتيال “سيزيد جذوة التضحية وحرارة الاندفاع وقوة العزيمة”.
وفي اليمن خبراء عسكريون من “حزب الله” يقومون بتدريب ميليشيا الحوثي على استخدام الطائرات المسيرة والصواريخ والمتفجرات، وسبق أن بث التحالف العربي قبل سنوات فيديوهات لخبراء من الحزب في جبهات الحوثيين.
يرى رئيس تحرير صحيفة “عدن الغد” فتحي بن لزرق أنّ “ضرب البنية العسكرية لحزب الله سينعكس سلباً على قدرات ميليشيا الحوثي، لأن ما يمتلكه الحوثيون من طائرات مسيرة وصواريخ بالستية هو في الأساس صناعة إيرانية يتم استخدامها وتوجيهها من خبراء حزب الله وعناصر إيرانية. وجميعنا يعلم أنه ليس هناك تصنيع محلي عسكري حوثي أو معرفة كبيرة في مجال الخبرات العسكرية”.
ومن شأن هذا التطور أن يعيد حالة التوازن العسكري في اليمن إلى ما قبل عام 2017، وفقاً لبن لزرق، أي قبل أن يشارك الحزب اللبناني بفعالية كبيرة في مساندة جبهات الحوثيين.
ارتباك وذعر ورعب
وفي السياق عينه، يؤكد المحلل السياسي اليمني عبد الرقيب الهدياني أن الهزة الكبيرة التي حصلت في لبنان باغتيال الأمين العام لـ”حزب الله” أحدثت ارتباكاً وذعراً في المحور الإيراني بكل أطرافه، ومن ضمنهم الحوثيون.
ويجزم الهدياني بأن “عبد الملك الحوثي شخصياً وكبار قيادات جماعة الحوثيين يدور في ذهنهم وتفكيرهم أنه إذا كانت إيران وقفت موقف المتفرج فيما تقتل إسرائيل قيادات الصف الأول في حزب الله وصولاً نصرالله، فما قيمة الحوثيين في نظر طهران إذا جد الجد واشتد الخطب؟”.
فرصة سانحة للسلام
وفي الوقت الذي تتصاعد أعمدة الدخان من أبنية الضاحية الجنوبية لبيروت، فإن الحوثيين، كما يرى الهدياني، قد يبدون اليوم قدراً أكبر من المرونة لحل الأزمة اليمنية بعدما رأوا الدرس اللبناني، متوقعاً أن تلتقط اللجنة الرباعية الدولية هذه الفرصة وتستغل حالة الارتباك التي تعيشها الميليشيا.
أكذوبة وحدة الساحات
ويتضح من الدرس اللبناني أن فكرة “وحدة الساحات” التي كرّستها إيران في كل محورها هي مجرد كذبة كبيرة، وأن لإيران مصالحها وحساباتها وتكتيكاتها، وفقاً للهدياني، الذي يرى أن طهران تخلت تماماً عن وكلائها في المنطقة.
ويتابع الهدياني: “أعتقد أنه إذا كان لدى الحوثيين عقل، عليهم أن يتجنبوا مصير حزب الله وأن يراجعوا مسارهم وأن لا يعملوا ضد مصالح شعبهم، فإيران باعت أبرز حلفائها ومن هو أغلى عندها من الحوثي.
وعلى الحوثيين أن يتوقفوا عن العنتريات والأعمال العدائية في البحر الأحمر والتي لا تؤثر في المعادلة أصلاً، فكل من عملوا لأجل إيران وضحّوا لأجلها ضحّت بهم وباعتهم”.
ويختم الهدياني بالإشارة إلى أن “إيران لطالما اشتهرت بصناعة السجاد الذي تظل تغزله وتنسجه لأشهر وسنوات ثم تبيعه بثمن بخس، وهو ما ينطبق على تعاملها مع وكلائها في المنطقة”.