لست ملكاً و لا حاكماً أو وزيراً يهنئكم بالفوز يا سيدي , بل شخص عادي من أصل ملايين الكرد , شاء القدر أن يكون لكم دور في حمايتهم أو في كارثة ستحل بهم , في الحالتين سنتطفل على المهنئين و المقام و نهنئكم بالفوز برئاسة أقوى دولة في العالم طالما وقع عليكم خيار الشعب الأمريكي .
السيد الرئيس :
بين فترة و أخرى يُسرَّب الى العلن نية بلادكم سحب قواتها العسكرية من سوريا ,لكن سرعان ما يتم تكذيب الخبر, و في كل مرة يلي التسريب و التكذيب صخبٌ إعلامي هائل و سيل جارف من القراءات و التكهنات تغدو في دنيانا حديث الساعة حتى لدى عامة الناس لما سيكون لهذا الانسحاب من تبعات كارثية على أبناء المكان, لعل آخر تلك التسريبات هو حديث خاص لكم مع جنرالات يرافقونكم في رحلة , سربه – هذه المرة – صديقكم روبرت ف . كينيدي.
جميع الأطراف المتدخلة في سوريا – يا سيدي – تنتظر رحيلكم على أحر من الجمر لأنكم – ببساطة – جئتم تحاربون الإرهاب الذي صنعته هذه الأطراف نفسها و يراهن عليه – كل من جهته – لتحقيق أهدافه في سوريا الجديدة القادمة, تركيا تريد خروجكم من سوريا لتبيعها للروس و الإيرانيين مقابل شمالها الكردي فقط حيث تطرح نفسها لإدارته بمعية حلفائها من مجموعات الارهاب السني , ايران تريد خروجكم لاستملاك سوريا الجنوبية و الممر إلى شواطئ المتوسط مستندة على مجموعات الارهاب الشيعي و روسيا تريد خروجكم لتعلن – و لو لمرة واحدة – نصرا عليكم.
أما أنا ككردي سوري و ربما كثيرون مثلي فلا نريد رحيلكم , ليس لأنكم أعدتم النظر في المظلومية التاريخية التي تسبب فيها أسلافكم لنا و لا لأنكم منحتمونا حقوقاً , بل –فقط- لأن وجودكم يحمي وجودنا و رحيلكم يعني كارثة أخرى ستحل بشعبي , فالجميع يخطط منذ الآن كيف ينقضّ علينا و كيف يقضمنا , تركيا, إيران و النظام ..
نحن الكرد يا سيدي شعب أصيل يعيش على ترابه منذ آلاف السنين, حَكمنا و حُكمنا لكننا بقينا على ذات الأرض الى يومنا هذا على الأقل, تفاعلنا مع الأقوام الجارة و الوافدة , تحاربنا تصالحنا و تشاركنا في صنع تاريخ منطقتنا إلا في تاريخ القرن المنصرم أي التاريخ الذي صنعتموه للمنطقة فلم يكن لنا فيها دور يذكر, و السبب هو -ببساطة – لأنكم و أسلافكم الانكليز و الفرنسيون قسمتم شعبي و أرضه -كما تقسم كعكة – على الجيران في دول صنعتموها أنتم مع صك ملكية من خلال حدود رسمتموها و شرعية منحتموها لها و تركتم ملايين الكرد يتعرضون للصهر و الابادة , يعانون من أزمة الهوية و الانتماء , حين أبقيتموهم خارج خرائطكم و خارج نظامكم الدولي و اهتماماتكم حتى عندما أصبحتم تهتمون بالبيئة و الحيوانات , مع أنكم شرعنتم دولاً و إمارات فقط من بضعة آلاف من البشر .
ما نعرفه جيداً هو أنكم اليوم دولة عظمى باقتصادها كما بجيشها و سلاحها و تملكون مفاتيح و شفرات تتحكم بكامل الكرة الارضية و أنكم قادرون على فعل ما تريدونه و على إنصاف شعب تركتموه في عهدة دول و حكومات لا تتوانى عن سحقه و صهره منذ قرن و أكثر .
نعلم أنكم تدخلتم في سوريا عسكريا حين تيقنتم من دنو يوم الإعلان عن جمهورية سنية سلفية في البلاد برعاية تركية على غرار الجمهورية الشيعية في ايران , تهدد كل مصالحكم في المنطقة و العالم و حين تدخلتم لنصرة وحدات حماية الشعب الكردية في “كوباني” فهمناه بحثاً عن حليف أوفى على الارض لمحاربة الارهاب بعد أن خذلتكم تركيا في بداية الطريق حين سهلت لإرهابي العالم الدخول الى سوريا من أرضها و منحت لهم طرق الإمداد بالمال و السلاح و حين كشفت عن أطماع توسعية سلطانية بالصيد من سياساتكم, لا بد ان استخباراتكم تيقنت من كل ذلك بالصوت و الصور فأثبتم على شريككم الجرم المشهود .
جئتم تحاربون الارهاب على أرضه قبل أن يتمدد و يصل إليكم كما حدث في بداية الألفية و لأننا أكثر من يعاني من الإرهاب, إرهاب حكومات و دولة كما ارهاب السلفيين, فلم نتردد في الوقوف معكم , و قد أبلينا حسناً و ضحينا بالنفيس من أجل دحر دولة الارهاب , فعلناه معاً و لسنا نادمين على كل ذلك .
أدرتم وجوهكم عند غزو “عفرين” ,”رأس العين” و “تل أبيض ” وأصبحتم شهود زور على الكارثة التي حلت بنا إثر ذلك , تشاهدوننا أمام أعينكم , مهجّرين , مشردين ,نعيش في مخيمات , نموت قهراً , نلجأ إلى كل بلدان العالم بحثا عن أمان , تجلسون بيننا الآن في ضفة الفرات الشرقية و تغضون الطرف مرة أخرى عن درونات تركيا و طائراتها و هي تصطاد كرداً بالقرب منكم , تقتلهم , تدمر البنية التحتية لمناطقهم حيث قواعدكم فتعيش الناس دون كهرباء و لا ماء و لا وقود …
مع كل هذا لم نبرح – بعد- صفكم , أتعلمون لماذا؟ لأنكم ما زلتم الخيار الأفضل رغم مراراته فبجانبكم يمكن للكردي – على الأقل- أن يحافظ على وجوده . لأن خياراتنا الأخرى هي ايران التي حولت بالقوة الجزء الكردستاني الملحق بها الى لحية وجلباب و عمامة و أعواد مشانق , تلاحق كردها حتى في دول الجوار و العالم و تغتال قياداتهم حتى في عواصم أوربا؟
أو تركيا التي سوت بالأرض آلاف القرى الكردية و ارتكبت عشرات المجازر الجماعية من “وادي زيلان” مروراً بـــ”ديرسم ” و ” روبوتسكي” و إلى يومنا هذا حيث يطارد جيشها الكرد حتى في عمق دول الجوار , في العراق و سوريا ؟
أو النظام السوري الذي حكمنا بالقوانين و القرارات الطارئة و حولت ثلاثة ملايين كردي في سجلاتها الرسمية الى عرب , أو بعض أطر المعارضة التي تمعن في العنصرية و الفوقية أكثر من النظام ؟
لسنا نحن من جلبكم إلى المكان – يا سيدي – و لسنا نحن من نقرر متى ترحلون لكننا نعرف أن رحيلكم دون أن تصنعوا حلاً للسوريين و تنصفون الكرد فيها , سيكون عاراً عليكم و كارثة علينا, و أن خطر تركيا السنية عليكم أنتم قبلنا لن يكون أقل من خطر إيران الشيعية و أن الدولتان –كل من جانبها – تحتكران صناعة الإرهاب و رعايته في المنطقة و العالم , و أنهما ستتقاسمان سوريا و ستتفقان مع نظام دمشق و على انهاء الكرد و قضيتهم تحديداً بعد أن دون التاريخ بأنهم – وبشهادتكم – كانوا أوفياء لما تعهدوا به , شجعاناً في قتال داعش و الإرهاب , و بالتالي يستحقون بجدارة أن يديروا أنفسهم .
غادروا يا سيدي – إن أردتم – و اغدروا بالكرد مرة أخرى , مع يقيننا بأن مصالحكم و صفقاتكم مرتبطة بهذا الشرق الأوسط اللعين الذي نعيش فيه و أنكم رغم كل قوتكم تحتاجون حلفاء أوفياء على الارض لتهذيب العنف الكامن فيه .. لكن فضلاً و ليس أمراً أخبرونا – فقط – بموعد رحيلكم لكي يكون لدينا الوقت في اختيار الجلاد الأرحم من بين جلادينا.
نسخة إلى : – البيت الأبيض
– الكونغرس
– البنتاغون
– الأمن القومي .
التوقيع : كردي ,يحمل هوية عربي , لاجئ في اوربا .