ملخص
وجه جنرالات سابقون ووزراء دفاع في الولايات المتحدة انتقادات شديدة لترمب خلال فترة ولاية الأولى ووصفه بعضهم بأنه “فاشي” وأعلنوا أنه “غير لائق للمنصب”.
تعهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال حملته لفترة ثانية بتطهير الجيش ممن وصفهم بالجنرالات “التقدميين” الذين يركزون على العدالة العرقية والاجتماعية، لكن المحافظين ينظرون إليهم نظرة سلبية. والآن بعدما أصبح رئيساً منتخباً، فإن السؤال المطروح في أروقة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) هو ما إذا كان سيذهب إلى أبعد من ذلك بكثير؟.
ومن المتوقع أن تكون لدى ترمب وجهة نظر أكثر قتامة عن قادته العسكريين في ولايته الثانية، بعد أن واجه مقاومة من “البنتاغون” في شأن كل شيء بدءاً من شكوكه تجاه حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى استعداده لنشر قوات لقمع الاحتجاجات في الشوارع الأميركية.
وكان جنرالات سابقون في فترة ولاية ترمب الأولى ووزراء دفاع في الولايات المتحدة من بين أشد منتقديه، ووصفه بعضهم بأنه “فاشي” وأعلنوا أنه “غير لائق للمنصب”. وأثار ذلك غضب ترمب ودفعه إلى القول إن رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق في ولايته الأولى مارك ميلي يمكن إعدامه بتهمة الخيانة.
ويعرب مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون عن اعتقادهم بأن ترمب سيعطي الولاء أولوية في فترته الثانية ويتخلص من العسكريين والموظفين الذين يرى أنهم غير مخلصين له.
وقال رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ السيناتور الديمقراطي جاك ريد “صراحة.. سيدمر (ترمب) وزارة الدفاع. سيتدخل وسيقيل الجنرالات الذين يدافعون عن الدستور”.
ويمكن أن تكون قضايا الحرب الثقافية أحد أسباب الخلاف المحتدم، فقناة “فوكس نيوز” سألت ترمب في يونيو (حزيران) الماضي عما إذا كان سيطرد جنرالات وصفوا بأنهم “تقدميون”، وجاء رد ترمب “سأطردهم. لا يمكن أن يكون لدينا جيش من التقدميين”.
رئيس هيئة الأركان المشتركة
ويخشى بعض المسؤولين الحاليين والسابقين من أن فريق ترمب قد يستهدف الرئيس الحالي لهيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي سي كيو براون، وهو جنرال طيار مقاتل سابق وقائد عسكري يحظى باحترام واسع ويبتعد من السياسة.
وأصدر الجنرال، وهو أسود، رسالة عبر الفيديو عن التمييز في الرتب في الأيام التي أعقبت مقتل جورج فلويد في مايو (أيار) عام 2020 على يد ضابط شرطة في مينيابوليس، وكان من مؤيدي التنوع في الجيش الأميركي.
وأكد المتحدث باسم براون، الكابتن في البحرية جيرال دورسي أن “رئيس هيئة الأركان المشتركة وجميع أفراد الخدمة في قواتنا المسلحة ما زالوا يركزون على أمن أمتنا والدفاع عنها وسيواصلون القيام بذلك، مما يضمن انتقالاً سلساً للإدارة الجديدة للرئيس المنتخب ترمب”.
وصوت نائب الرئيس المنتخب ترمب، جي دي فانس، عضو مجلس الشيوخ عام 2023 ضد تأكيد تعيين براون رئيساً لهيئة الأركان المشتركة، وكان من منتقدي المقاومة المتصورة لأوامر ترمب داخل “البنتاغون”.
وقال فانس في مقابلة تلفزيونية قبل الانتخابات “إذا كان الناس في حكومتك لا يطيعونك، فعليك التخلص منهم واستبدالهم بأشخاص يستجيبون لما يحاول الرئيس القيام به”.
وتعهد ترمب خلال الحملة بإعادة اسم “الكونفيدرالية العامة‘ إلى قاعدة عسكرية أميركية رئيسة، ملغياً التغيير الذي جرى بعد مقتل فلويد، وفي ذلك إشارة إلى الولايات الكونفيدرالية إبان الحرب الأهلية الأميركية.
واستهدفت أقوى رسائل ترمب المناهضة لمن يصفهم بالجنرالات “التقدميين” خلال الحملة أفراد القوات المتحولين جنسياً. وسبق أن حظر ترمب خدمة المتحولين جنسياً في الجيش ونشر إعلاناً للحملة على “إكس” يصورهم على أنهم ضعفاء، مع تعهد بأنه “لن يكون لدينا جيش من التقدميين”، ولم يرد فريق ترمب الانتقالي بعد على طلب للتعليق.
“الأوامر القانونية”
وألمح ترمب إلى أن الجيش الأميركي يمكن أن يضطلع بدور مهم في ما يتعلق بكثير من الأولويات في سياسته، من الاستعانة بالحرس الوطني وربما بالقوات النظامية للمساعدة في تنفيذ الترحيل الجماعي للمهاجرين الذين لا يملكون وثائق وحتى نشر القوات للتعامل مع الاضطرابات الداخلية.
وتثير مثل هذه المقترحات قلق المحللين العسكريين الذين يقولون إن نشر الجيش في الشوارع الأميركية من شأنه ليس فقط انتهاك القوانين وإنما تأليب جزء كبير من سكان الولايات المتحدة على القوات المسلحة الأميركية التي لا تزال تحظى بالاحترام على نطاق واسع.
وفي رسالة إلى القوات بعد فوز ترمب في الانتخابات، أقر وزير الدفاع المنتهية ولايته لويد أوستن بنتائج الانتخابات وأكد أن الجيش سيطيع “جميع الأوامر القانونية” من القيادات المدنية.
لكن بعض المحليين يحذرون من أن ترمب لديه حرية تفسير القانون ولا يمكن للقوات الأميركية أن تخالف الأوامر التي تعتبرها خاطئة أخلاقياً إذا كانت قانونية.
وقالت كوري شاك من معهد “أميركان إنتربرايز” ذي التوجهات المحافظة “هناك تصور خاطئ واسع النطاق بين العامة بأن الجيش له حرية الاختيار في عصيان الأوامر غير الأخلاقية. وهذا ليس صحيحاً في الواقع”. وحذرت من أن ولاية ترمب الثانية قد تشهد إجراءات فصل تصل إلى مستويات عالية وسط الدفع بسياسات مثيرة للجدل.
وأضافت أعتقد بأنه ستكون هناك فوضى كبيرة في ولاية ترمب الثانية، سواء بسبب السياسات التي سيحاول سنها أو الأشخاص الذين سيسعى إلى تعيينهم لتنفيذها”.
وقلل أحد المسؤولين العسكريين الأميركيين من شأن مثل هذه المخاوف، وقال شرط عدم الكشف عن هويته إن بث الفوضى داخل سلسلة القيادة العسكرية الأميركية من شأنه إثارة رد فعل سياسي عنيف ولن يكون ضرورياً لترمب لتحقيق أهدافه.
وأضاف المسؤول العسكري أن “ما سيكتشفه هؤلاء الرجال هو أن ضباط الجيش يركزون عموماً على القتال وليس السياسة”، وقال “أشعر بأنهم سيكونون راضين عن ذلك، أو في الأقل يجب أن يكونوا كذلك”.
هل سيتم إفراغ المناصب المدنية؟
ويقول مسؤولون حاليون وسابقون إن الموظفين المدنيين ذوي الخبرة في “البنتاغون” يمكن أن يخضعوا لاختبارات ولاء. وتبنى حلفاء ترمب علناً استخدام الأوامر التنفيذية والتغيرات في اللوائح في تبديل آلاف الموظفين المدنيين بحلفاء محافظين.
وذكر مسؤول دفاعي أميركي كبير، تحدث شرط عدم الكشف عن هويته، أن هناك قلقاً متزايداً داخل “البنتاغون” من أن يتخذ ترمب إجراءات لإفراغ الوزارة من الموظفين المدنيين المتخصصين، وقال “أنا قلق للغاية إزاء وجودهم”، مضيفاً أن عدداً من الزملاء عبروا عن قلقهم في شأن مستقبل وظائفهم.
ويعمل الموظفون المدنيون المتخصصون ضمن ما يقارب 950 ألف موظف غير عسكري داخل الجيش الأميركي وفي كثير من الحالات يتمتعون بخبرة متخصصة لأعوام.
وخلال إدارته الأولى، لم يتحول عدد من اقتراحات ترمب المثيرة للجدل للمستشارين، مثل إطلاق الصواريخ المحتمل على المكسيك لتدمير مختبرات للمخدرات، إلى سياسة لأسباب من بينها رفض مسؤولي “البنتاغون”.