غرفة الأخبار – نورث برس
رغم مرور نحو 13 عاماً على بدء الأزمة السورية، لم يسهم تقادم الأعوام بحلحلتها، بل يمعن في حالة تفريق الفرقاء السياسيين، وتشرذم ضمن كل فريق.
بعد كل تلك السنوات، الآن الواقع على الجغرافية السورية ثلاث نطاقات سيطرة، ففي شمال شرقي سوريا، تسيطر الإدارة الذاتية، وفي شمال غربي البلاد تسيطر المعارضة، بالإضافة لمناطق على الشريط الحدودي شمالي سوريا، ومناطق غربي الفرات والوسط والجنوب والغرب تسيطر حكومة دمشق.
لا تلوح في الأفق تسوية سياسية للأوضاع في سوريا لإنهاء الأزمة وتوحيد الجهة السياسية، بسبب حالة الرفض لبعضهم البعض، فيما تقول تقارير إن “عدم الاتفاق يعود لجهات دولية وإقليمية تعتبر الموجّه لكل طرف”.
لكن مع ذلك، تحاول الإدارة الذاتية التقرب من حكومة دمشق للاتفاق على تسوية سياسية، إلا أن الأخيرة ترفض أي محاولات للتقارب، في الوقت ذاته تشهد العلاقة بين الإدارة والمعارضة السورية حالة من الجفاء.
تعود أسباب حالة الجفاء لوصاية تركيا على المعارضة التي تتهم الإدارة الذاتية بتبعيتها لحزب العمال الكردستاني، “العدو اللدود” لتركيا، تصل حالة الجفاء لـ “عقم سياسي”.
وذلك يفتح باب التساؤل، إذا ما كان المجتمع المدني قادر على كسر القطيعة؟ إذ يرى علي العليص، وهو عضو بورد تحالف منظمات شمال شرقي سوريا، أن المجتمع المدني “يجب أن يكون له دور كبير في حل هذه المشاكل”.
ويقول إنه من الممكن أن الطرق الفعالة، هي التواصل والحوار بين الأطراف المختلفة، “أي أن المجتمع المدني ممكن أن يلعب دوره في عمليات الوساطة لتحقيق تقاربات وتفاهمات معينة”.
بالإضافة إلى محاولة أن يلعب دوره في تعزيز الحوكمة والحوكمة الرشيدة والحوكمة المحلية، تعزيز المشاركة المجتمعية في صنع القرار والرؤية الموحدة لسوريا، وفق “العليص”.
وعن التشبيك والتعاون، يراها ممكنة ويستشهد بـ”كارثة الزلزال المدمر” التي حصلت مؤخراً في شمال غربي سوريا، “كان هناك تشبيك كبير في تدخل كبير من قبل المنظمات وكان هناك أثر لتخفيف العارض الإنساني”.
ويضيف لنورث برس، أنه يمكن تحقيق تغير نحو مجتمع ورؤية جديدة لسوريا بـ”التواصل والمعرفة وتبادل الخبرات. بالتأكيد للمنظمات ومنظمات المجتمع المدني يجب أن يكون بينهم عمل لحل المشكلات المشتركة وتحقيق التنمية والتنمية المستدامة”.
يقول “العليص” إن “حالة الجفاء تقتصر على الأطراف السياسية، أما المجتمع والمنظمات فلا يوجد خلاف بينها”.
ويعلل حالة الجفاء بـ”التعنت” التركي وسيطرة الفصائل الموالية لتركيا على شمال غربي سوريا وتأثيرها على الإدارة والسلطات المحلية. “بعد الزلزال كان هذا الخلاف ملموساً وواضحاً”، وفقاً لـ “العليص”.
في المقابل يرى أنه “يمكن دائماً وجود فرصة لبناء جسور بين المجتمع المدني بين شمال شرقي سوريا وشمال غربها، ويمكن للمنظمات أن تلعب دوراً في كسر الجليد وتعزيز التواصل، التوسط والبناء بين الأطراف المعنية”.
ويشير إلى أن “حلحلة القطيعة” تكون في حوار “صريح ومفتوح”، والاستماع للأطراف المختلفة “ممكن أن نتحاور على نقاط مشاركة اقتصادية ومشاركة إنسانية وكسر الجليد”.
ويقول: “يجب أن يكون لدينا هدف وإرادة حقيقية للعمل سوياً لتحقيق مصالح الشعب، كون بيننا وبينهم مصالح مشتركة يجب أن نركز على هذا الجانب لحلحلة القطيعة”.
ويوافق أحمد قطّيع، وهو ناشط حقوقي، “العليص” بأن الأمر “مرهون بوعي المجتمع بأن الوطن قبل كل شيء، وعدم تقسيم سوريا، بحيث يكون المواطن السوري فوق كل الاعتبارات”.
وفي حال تطبّق الأمر من حيث وعي المجتمع بأن مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات، “حينها نملك الأدوات ونستطيع التغيير وكسر حالة الجمود بين الأطراف السياسية في شمال شرقي وشمال غربي سوريا”.
إلا أن الوضع الراهن “لا يساعد” على التغيير، “لأن علاقات المنظمات مرهونة بقرار السلطات المحلية الموجودة فيها”، ويرى أن المنظمات تكون “أدوات بيد السلطات المحلية”، لذا باتت لا تمثل المجتمع المدني، وتحتاج لإعادة هيكلة، وفق “قطّيع”.