بالنسبة لنا، نحن الأجيال التي عايشت ظهور ونمو الحركة الآپوچية (نسبة إلى مؤسسها عبدالله أوجلان – آپو) في سوريا، كانت الأمور واضحة منذ البداية. كنا نعتقد – ولا نزال – أن هذه الحركة، وبغض النظر عن ظروف نشأتها في كردستان تركيا، كانت رديفًا سياسيًا وأيديولوجيًا للنظام السوري الديكتاتوري. فمنذ المراحل الأولى، حاولت هذه الحركة إعادة صياغة التاريخ الكردي في سوريا ليتوافق مع مصالح النظام السوري ويخدم استمراريته. وقد كان نشاطها في الساحة الكردية السورية عدائيًا، وعنيفًا، وإرهابيًا ضد النشطاء السياسيين الكرد السوريين. أما عداؤها لتركيا، فجاء في سياق العداء بين الدولة التركية والنظام والسوري.
أما نظرية “الأمة الديمقراطية”، فهي نتاج السجون التركية وصناعة خالصة للمخابرات التركية، هدفها الأساسي إضعاف الفكر القومي الكردي ومنعه من تحقيق أي فرصة تاريخية للنهوض.
من وجهة نظري، فإن الحركة الآپوچية في الساحة الكردية السورية، بصيغتها الحالية التي صُممت أساسًا لدعم النظام السوري وضمان بقائه، مصيرها إلى زوال. ومهما بلغ عدد زيارات مظلوم عبدي إلى دمشق، فلن تغيّر هذه اللقاءات في حقيقة الأمر شيئًا. على الشباب والفتيات الكرد المنتمين إلى هذا التنظيم أن يدركوا المصير المحتوم الذي ينتظرهم. لديهم فرصة تاريخية للتوقف عن الغرور الذي أصابهم وإعادة النظر في خياراتهم. الخيارات قليلة جدًا: إما الفرار الجماعي عبر الحدود العراقية إلى جبال قنديل، أو التصالح مع الذات والواقع.
الحل الأنسب يتمثل في الإعلان الصريح عن مراجعات جذرية، على غرار ما شهدته الحركات الشيوعية خلال ثمانينيات القرن الماضي. لا خيار أمامهم سوى العودة إلى التصالح مع القوى القومية الكردستانية في سوريا، والعمل على بناء علاقات سياسية متماسكة داخل الإطار السوري الحالي.
أما مفهوم “أخوة الشعوب” بصيغته الآپوچية، فقد فشل، وسيزداد فشله وضوحًا. اليوم، أطفال العرب في الرقة ودير الزور يرمون مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية من الشباب والفتيات الكرد بالحجارة. هذه الحجارة ستتكاثر، وستزداد معها الجثامين العائدة إلى المدن والقرى الكردية إذا استمرت قوات سوريا الديمقراطية في سياساتها الحالية ولم تتراجع عن المناطق غير الكردية.
المخرج الوحيد هو أن تعيد هذه القوات تعريف نفسها كقوة كردية خالصة، وجزء من الحركة الكردية في سوريا، مهمتها الأساسية حماية المناطق الكردية فقط. بهذا، يمكنها المساهمة في خلق مسار سياسي يخدم الشعب الكردي ومصالحه ضمن حدود سوريا الحالية، بدلًا من الاستمرار في مشاريع أثبتت فشلها وتؤدي إلى مزيد من الخسائر.
Abdulkarim Omar