هذا التساؤل لا يأتي من باب الطعن أو التشكيك بشجاعة السيد مظلوم عبدي، بل إن الواقع يفرض مشروعية طرحه.
في الفترة الماضية، كان مظلوم عبدي على وشك أن يصبح الممثل الشرعي ليس فقط لحزبه والسلطة التي يمثلها، بل أصبح لقب “السيد الجنرال” جزءًا من لغة السياسة اليومية، حتى بين معارضيه. العديد من المثقفين والقادة السياسيين الكرد المعارضين، عند محاولاتهم التودد للإدارة الأبوجية في المناطق الكردية أو طلب السماح من تلك السلطة، كانوا يوجهون خطابهم إلى “السيد الجنرال”.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سيتجرأ الجنرال فعلاً على زيارة دمشق؟
في رأيي، لا أعتقد أن مظلوم عبدي سيتجرأ على زيارة دمشق في ظل هذه الظروف. وعلى الساسة الكرد التفكير في إرسال وفد سياسي إلى دمشق، ولكن من دون الجنرال. ليس فقط بسبب ضيق الوقت المتاح له كجنرال، بل أيضًا لأن وجوده وحزبه كانا مرتبطين ارتباطًا وثيقًا بنظام الأسد. مع سقوط النظام، تلاشت أهم ركائز هذا الوجود، وما كان في السابق دعمًا أمريكيًا لهذا الوجود قد يمتد لفترة قصيرة فقط، ولا يوفر ضمانات طويلة الأمد.
حتى إذا استمرت سيطرة الأبوجيين على المناطق الكردية لفترة أطول من المتوقع، فإن زيارة مظلوم عبدي إلى دمشق ستظل مشروطة بموافقة تركيا. ولا توجد أي مؤشرات تدل على إمكانية حدوث مثل هذه الموافقة. فعبدي، الذي نشأ كمقاتل أبوجي عقائدي في جبال قنديل، تحول بفعل الصراعات الكردية والدولية، خاصة مع داعش، إلى جنرال يقود جيشًا بلا رتب.
علاوة على ذلك، تحول حزبه إلى قوة مهيمنة على الساحة الكردية السورية باستخدام أساليب تعسفية تجاه القوى السياسية والثقافية في المجتمع الكردي. هذه الأساليب، التي تشبه أساليب حزب البعث لكن بوسائل أكثر قسوة، جعلته غير مؤهل سياسيًا ولا قادرًا على قيادة أي وفد كردي سياسي إلى دمشق.
الأهم من كل ذلك هو أن مظلوم عبدي يدرك تمامًا أن طريقه إلى دمشق يمر عبر أنقرة. فمنذ تأسيس حزبه، جعل من الجغرافيا الكردية السورية، بكل ما فيها من بشر وأرض، ساحة للعداء مع تركيا. وكأن الهدف الأساسي للحزب كان محاربة تركيا فقط. في هذا السياق، لن يكون الطريق الكردي إلى دمشق مفتوحًا إلا بموافقة تركيا. ومن السذاجة أن نعتقد أن تركيا ستسمح لهذا الطريق أن يمر عبر طرف سياسي جعل من معاداتها هدفه الأول.


أنت وMohammad Omeri وآخرون