كشفت مصادر سياسية مطلعة في العراق عن تلقي الحكومة العراقية رسالة أميركية محرجة تطالبها بحل الحشد الشعبي ومكافحة السلاح المتفلت وإبعاد تأثيرات دول الجوار على قرارها السيادي، مقابل استمرار الدعم للنظام السياسي القائم، فيما ربطها سياسيون بـ”مؤامرات داخلية” تستهدف إضعاف المكون “الأقوى”، وخلخلة الاستقرار الأمني في البلاد.
نائب: ضغوط لحل الحشد
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية مختار الموسوي إن آلية حل الحشد الشعبي لا ترتبط بالحكومة فحسب، إنما يجب أن يكون هناك قرار من البرلمان الذي تمثل كتل الإطار التنسيقي النسبة الأكبر فيه، وهذه الكتل لن تسمح بذلك.
وأضاف الموسوي في تصريح إلى “النهار” أنّ العراق هو من يملك زمام المبادرة في ما يخص الإبقاء على القوات الأجنبية على أراضيه أو المطالبة بإخراجها، ولا يحق للأميركيين مطالبة رئيس الحكومة بحل مؤسسة الحشد الشعبي، مشيراً إلى أنّ “أفغانستان لا تملك قوة العراق وفاعليته، لكنها تمكنت من إخراج القوات الأميركية من البلاد، لذا أعتقد أنّ هذا الموضوع أخذ أكبر من حجمه”.
وأقرّ الموسوي بوجود ضغوط أميركية لحل الحشد، داعياً الحكومة إلى عدم الاستجابة لها، مهما كلفها من ثمن، لافتاً إلى أن “الحشد الشعبي يشكل صمام أمام البلاد، ومن ثم الأجهزة الأمنية والعسكرية”.
وألمح إلى أن هناك مؤامرات سياسية من داخل البلاد، تسعى لإحداث “بلبلة” في العراق، وخرق حدوده مع سوريا، متوقعاً أن “تكشف الملامح الحقيقية للسيناريو السوري خلال أسبوعين ربما”.
“قوى سياسية تستهدف الحشد”
القيادي في “ائتلاف دولة القانون” حيدر اللامي شرح أن الحشد الشعبي هو عبارة عن هيئة مستقلة ترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة، وهو لا يقل أهمية عن “الفرقة الذهبية” و”جهاز مكافحة الإرهاب”، و”البيشمركة”، مشيراً الى أن تلك الهيئة تعمل بقانون، لذلك فإن أي مطالبة بحل الحشد سوف ترفضها السلطة التشريعية.
وقال اللامي لـ”النهار” إن أي ضغوط خارجية تمارس على الحكومة من أجل حل الحشد، غير مسموح بها، كون قرار كهذا يجب أن يكون سيادياً.
وأضاف أن استهداف الحشد بين الحين والآخر مرتبط بمحاولة بعض القوى السياسية العراقية ورغبتها في إضعاف المكون الشيعي “الأقوى”، كون الحشد يشكل الجهة الساندة له، مشيراً إلى أن “تلك القوى تعتقد أن مهمة الحشد هي حماية البيت الشيعي فحسب، لكن مهمته الأساسية هي حماية العراق ككل، وهذا ما أثبتته ساحات القتال في غرب البلاد وشمالها، منذ عام 2014 وحتى 2017″، في إشارة إلى الحرب مع تنظيم “داعش” الذي سيطر على ثلث العراق في ذلك العام.
وأشار اللامي إلى أنه “إلى جانب قوات الحشد الشعبي والبيشمركة هناك حشد سني وقوة مسيحية وغيرها، وهذه القوة تعمل على حماية العراق من شماله الى جنوبه، وليس فقط المكونات الدينية والطائفية والإثنية”.
رسالة أميركية محرجة!
وكشفت مصادر سياسية مطلعة على كواليس صناعة القرار الحكومي، عن تلقي العراق رسائل من قوى دولية فاعلة في المنطقة تطالبه باتخاذ سلسلة من الإجراءات تهدف لمنع انخراط الفصائل المسلحة العراقية في الحرب التي بدأت بغزة ومن ثم لبنان ووصلت إلى سوريا، من بين تلك الإجراءات حل الحشد الشعبي، وحصر السلاح بيد الدولة، ومنع التدخل الإيراني بشؤون البلاد.
وقالت المصادر لمراسل “النهار”، إنّ الحكومة تركز جهدها على منع استهداف العراق عسكرياً وإرهابياً، لكنها مهدت لذلك بسحب الفصائل المسلحة من الساحة السورية، وتجنيب المصالح الأميركية أي استهداف من قبل المقاومة العراقية.
وطبقاً للمصادر، فإن واشنطن أخبرت بغداد بأن استمرار الساحة العراقية بتوجيه رسائل العداء لمصالحها ومصالح أصدقائها يضطرها لسحب الدعم عن العملية السياسية والنظام القائم، الذي كانت قد سمحت بتشكيله بعد إسقاط نظام صدام حسين في عام 2003، مؤكدة أن هذه الرسالة أحرجت العراق كثيراً.