لا تعتبر السلطة السلفية الحاكمة في دمشق اليوم نتيجة الثورة السلمية ولا نتيجة أنتصار الفصائل على النظام وأنما هي نتيجة “عملية أمنية دولية خاصة”، تفتقد للشرعية وحتى التوافق الشعبي وما دعوة ألف شخص لمؤتمر وطني عاجل سوى إرغام على المبايعة وطرح مدة أربعة سنوات لكتابة دستور وأنتخابات ليست سوى محاولة للتمترس في الكرسي والإلتصاق به من القصر إلى القبر، وأما أنتاج شرعية دولية وأعتراف أممي فلا تهمنا بشيء كمواطنين.
الطريق إلى الشريعة بسيط وقصير فهناك بالفعل بنية تحتية قديمة ومؤسسات وصناديق ودستور يمكن العمل به وهو دستور 1950 الذي لم يفقد صلاحيته وتم التوافق عليه وقتها ديمقراطيا و يتوافق مع معايير حقوق الإنسان.
أغلب الشعوب في أغلب دول العالم تعيش تحت دساتير وقوانين تم صياغتها بعقود وقرون قبل ولادتهم. الدستور المذكور تم تجميده واستبداله بقانون الطوارئ ولم يفقد قانونيته يوما.
د. كمال لبواني: ” ما توافق عليه الآباء يسري على الأبناء.”
د. رضوان زيادة: ” هناك 83 دولة مرت بفترة إنتقالية من الدكتاتورية إلى الديمقراطية، لم تستغرق أية فترة أنتقالية أكثر من سنتين أثنين.”
المطلوب اليوم ليست مبايعة من ألف من شيوخ العشائر ورجال دين وأستعراضات على المنابر الدولية وأنما أنتخاب مجلس تشريعي بشفافية، وأما التحجج بالهجرة وقلة الكوادر الحكومية والبنية التحتية المكسرة من نافل الكلام ومحاولة للخداع وكسب الوقت. من يعيش في الدول الديمقراطية يعرف بأن المتطوعين المدنيين يحملون اغلب عبء تنظيم الأنتخابات، فليست هناك حكومة في العالم تستطيع تنظيمها في آلاف المراكز الأنتخابية. المقرات الحكومية كلها يمكن استخدامها للأقتراع والصناديق القديمة موجودة وإجراء العملية بمن هم في الداخل تحت اعين منظمات حقوقية سورية لضمان النزاهة، المواطنين خارج سوريا يمكنهم توكيل أقارب لهم ويمكن تنظيم ذلك على موقع انترنت لا يستغرق برمجته سوى يوم واحد حيث لا داع للأقتراع في السفارات.
فقط مجلس تشريعي مفوض من الشعب تنبثق عنه حكومة وقضاء نزيه مخول بإدارة البلد والتي ستسمى بحق فترة أنتقالية لأربع سنوات بشرعية ثورية حقيقة وليست أمنية دولية، يليه كتابة دستور جديد وإجراء انتخابات بعد اربع سنوات. بالتوازي يمكن إقامة مؤسسات حكومية وتنظيم الجيش والبد بإعادة الإعمار وتنظيم محاكم عدالة إنتقالية بناء الإمكانات المتوفرة.
المجتمع المدني السوري وشباب الساحات يمكنهم إرغام سلطة الأمر الواقع الآن وليس غدا على المضي قدماً في العملية السياسية التي يمكن إنجازها في ستة أشهر فقط. مرشحين، برامج أنتخابية واقتراع شفاف تحت مراقبة أعين مؤسسات حقوقية لن تستغرق أكثر من هذه المدة وإلا ستجد سوريا نفسها تحت سلطة دكتاتورية جديدة لعقود قادمة فقد بدأ المديح والتصفيق والنخ وعبادة الفرد وطباعة الصور وتعليقها وبيعها.
الكلام المعسل والتطمينات المستندة على نصوص دينية والوعود الخلبية التي تطلقها سلطة الأمر الواقع لا تصرف في سوق السياسات الديمقراطية وأنما مجرد علف للغوغاء. حافظ الأسد وخلال اول عشر سنوات من حكمه بدا طيباً حنونا لم يعتقل ولم يخفي سوى شركاءه السابقبن. الأحزاب والنقابات والصحافة كانت نشطة والحالة الاقتصادية مقبولة. مشكلاتنا بدات حين تمكن من السلطة واشتبك مع منافسيه الإسلاميين الذين ليسوا بافضل منه وامتطوا الكرسي اليوم.