قسد تحتاج إلى علاقات بارزاني ودبلوماسيته للتهدئة مع أنقرة ودمشق.
ا
الأكراد في حاجة إلى الوحدة
أربيل (إقليم كردستان) – أظهر اللقاء الذي جمع الخميس بين الزعيم الكردي، رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي لجوء أكراد سوريا إلى بارزاني كشخصية اعتبارية كردية، من أجل الوساطة بينهم وبين تركيا بهدف خفض التصعيد بينهما بعد استلام مجموعات إسلامية موالية لأنقرة الحكم في دمشق.
وأعلن عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي هوشيار زيباري أن الرئيس مسعود بارزاني والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي عقدا اجتماعا الخميس في عاصمة إقليم كردستان أربيل، في مؤشر واضح على قبول قسد بوساطة بارزاني وقادة حزبه بالرغم من التوتر السابق بين الطرفين وتحالف قسد مع الحزب الوطني الكردستاني.
ويقول مراقبون إن أكراد سوريا، الذين وجدوا أنفسهم في وضع حرج بعد التغييرات التي شهدتها البلاد، يرون مسعود بارزاني الوسيط الذي يمكن أن يساعد على تخفيف التوتر بينهم وبين أنقرة ومنعها من تنفيذ هجوم على أراضيهم.
أكراد سوريا يمكنهم الاستفادة من وساطة بارزاني لتأمين التهدئة مع تركيا والتواصل مع الإدارة الجديدة في دمشق
ويمتلك بارزاني علاقات طيبة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وزار أنقرة عدة مرات ونجح بدبلوماسيته في تهدئة الأجواء مع تركيا والحد من العداء التاريخي الذي تكنه لكردستان العراق. كما نجح من خلال مرونة مواقفه في النأي بالإقليم عن مقاتلي حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، وحوّل العلاقة معها من التصعيد والشك إلى تعاون مثمر استفاد منه الإقليم دون أن يتنازل عن ثوابته.
ويمكن أن يستفيد أكراد سوريا من هذه المرونة بإظهار الرغبة في التهدئة مع تركيا، وحسم موقفهم من مسلحي حزب العمال الكردستاني، وعدم الرهان فقط على الشراكة مع واشنطن والتحسب للتغييرات التي قد تطال الموقف الأميركي عقب استلام دونالد ترامب مهامه الأسبوع القادم.
ونجح بارزاني في بناء علاقات متعددة مع الولايات المتحدة وتركيا وإيران دون أن يكون ذلك على حساب مصالح الأكراد بل لصالحهم. كما أن العلاقة مع بغداد، رغم التوترات التي تحصل في بعض الأحيان، حافظت على قنوات الحوار مفتوحة ما مكن إقليم كردستان من ضمان مصالحه، وهو سياق يمكن أن يستفيد منه أكراد سوريا في الحوار مع الإدارة الجديدة في دمشق من أجل ضمان مصالح الأكراد.
وكان رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني قد زار تركيا في السابع من يناير الحالي، ومثلت التطورات في سوريا عنصرا رئيسيا في الزيارة، في ما بدا وكأنه مسعى من مسرور بارزاني لمعرفة موقف الأتراك من عرض الوساطة التي يعمل عليها قادة إقليم كردستان العراق، وفرص التفاعل التركي معها.
وامتدادا لمساعي الوساطة بعث قادة الديمقراطي الكردستاني ممثل بارزاني، ومسؤول الملف السوري في الحزب، حميد دربندي إلى شمال شرق سوريا حيث عقد لقاءين منفصلين مع قيادتي قوات سوريا الديمقراطية والمجلس الوطني الكردي في سوريا، وتحدثت مصادر عن أنه حمل رسالة توضح المطالب التركية من الوساطة.
pp
وكانت قوات سوريا الديمقراطية عبرت الشهر الماضي عن استعدادها للتحاور مع تركيا والانضمام إلى الجيش السوري الجديد لكن يبدو أن أنقرة تسعى للحسم العسكري ودعت الإدارة السورية الجديدة إلى المشاركة في القتال ضد قسد وإلّا ستتولى الأمر بنفسها.
وكان موقع “المونتور” الأميركي قد تحدث عن عقد اللقاء بين مسعود بارزاني ومظلوم عبدي، مشيرا إلى أن مساعي بارزاني تحوز دعم واشنطن.
ولا تقف وساطة بارزاني عند التهدئة العسكرية مع تركيا، وإنما تتسع لتوسيع دائرة الحوار بين أكراد سوريا والقيادة الجديدة في دمشق، والابتعاد عن التراشق بالتصريحات للتعبير عن المواقف.
وكانت وسائل إعلام عراقية قد تناقلت منذ فترة أنباء عن بدء قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني وساطة بين أكراد سوريا والإدارة الجديدة في دمشق بقيادة أحمد الشرع. ونُقل عن مصدر مطّلع قوله إنّ الوساطة التي يقودها زعيم الحزب الديمقراطي تهدف إلى إجراء حوار بين الطرفين، متوقّعا قيام قيادات كبيرة من إقليم كردستان العراق بزيارات إلى سوريا تشمل شمال شرق البلد معقل الأكراد السوريين.
وساطة بارزاني لا تقف عند التهدئة العسكرية مع تركيا، وإنما تتسع لتوسيع دائرة الحوار بين أكراد سوريا والقيادة الجديدة في دمشق
ويمكن أن تقود الوساطة التي يقوم بها قادة إقليم كردستان العراق إلى تخفيف التوتر ولو جزئيا من خلال إقناع أنقرة بتأجيل الخيار العسكري وفسح المجال لإقناع قسد بقطع الخطوات الضرورية للتهدئة.
وقال أردوغان الأربعاء إن بلاده قوية وقادرة على “سحق” كل التنظيمات الإرهابية في سوريا، ومن ضمنها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والمقاتلون الأكراد، وحث جميع الدول على “رفع أياديها” عن سوريا.
وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان السبت إن تركيا ستفعل “كل ما يلزم” لضمان أمنها إذا لم تتمكن الإدارة السورية الجديدة من تبديد مخاوف أنقرة.
وفي مقابلة مع قناة فرانس 24 أوضح فيدان أن الخيار المفضل لدى أنقرة هو أن تعالج الإدارة الجديدة في دمشق المشكلة بما يتماشى مع وحدة الأراضي السورية وسيادتها وسلامتها، مضيفا أنه يتعين حل وحدات حماية الشعب الكردية على الفور.
وأضاف “إذا لم يحدث ذلك فسيتعين علينا حماية أمننا القومي.” وعندما سئل عما إذا كان ذلك يشمل العمل العسكري، رد فيدان “كل ما يلزم.”
وقال وزير الدفاع التركي يشار غولر الأحد إن تركيا تعتقد أن حكام سوريا الجدد، بما في ذلك فصيل الجيش الوطني السوري الذي تدعمه أنقرة، سيطردون مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية من جميع الأراضي التي يحتلونها في شمال شرق سوريا.