للحذاء في بعض الثقافات مكانة خاصة، هناك من يرى فيه رمزا للمكانة الاجتماعية.
إذا كان أبوالقاسم الطنبوري اشتهر بين الناس بامتلاكه لحذاء واحد يصلحه كلما ظهر فيه ثقب حتى غدا ثقيلا يعيقه في المشي، فإن لإيميلدا ماركوس، أرملة الرئيس الفلبيني الراحل، قصة أخرى مع الأحذية.
عندما خرج فرديناند وإيميلدا من الفلبين عام 1986 بعد أن ثار الشارع عليهما، تم العثور على 800 حقيبة يد و500 قطعة ملابس مسائية إلى جانب مجموعة هائلة من الأحذية في خزائن السيدة الأولى.
هناك من يقول إن إيميلدا امتلكت 3000 زوج من الأحذية من الماركات العالمية مثل غوتشي وديور وبرادا، إلا أنها نفت ذلك وقالت إنها امتلكت 1060 زوجا من الأحذية فقط.
لم تستطع إيميلدا، التي بلغت الخامسة والتسعين من عمرها، أن تخفي دموعا سالت على وجهها وهي تنظر إلى مجموعة من الأحذية المعروضة في متحف على أطراف المنطقة الشمالية من مانيلا، خصص القائمون عليه قاعة جمعت أحذية اقتنتها، تتوسطها صورة وجهية لها أثارت ذكرياتها.
بالنسبة لكثير من الزوار، تروي تلك الأحذية حكاية أخرى حول ما شهدته الفلبين على مدار عقدين من قمع واضطهاد، بينما الزوجان فرديناند وإيميلدا يعيشان حياة ترف وبذخ.
ولا يقتصر الولع باقتناء الأحذية على النساء، بين الرجال أسماء عُرف عنها حب اقتناء الأحذية، ومنهم المغني البريطاني السير إلتون جون، ولاعب السلة الأميركي الأسطوري مايكل جوردان، ولكل منهما قصة تستحق أن تُروى.
ويقصد الباحثون عن التميز مدينة فلورنسا الإيطالية لشراء أحذية تُصمم لهم حسب الطلب، تبدأ أسعارها من 4500 يورو، ووصل سعر أغلاها إلى 19.9 مليون دولار، وهو من تصميم أنطونيو فيتري، ويحتوي على قطع من نيزك سقط في الأرجنتين عام 1576.
وللحذاء في بعض الثقافات مكانة خاصة، هناك من يرى فيه رمزا للمكانة الاجتماعية. في الصين مثلا، كانت النساء يرتدين أحذية صغيرة جدا، حيث صغر القدم دليل على الانتماء إلى أسرة ثرية.
وقد يكون الفنان الهولندي الشهير فان غوغ أفضل من خلد الحذاء وأضفى عليه بعدا إنسانيا في لوحة لحذاء قديم محاط بالطين، وأصبحت اللوحة موضوعا لجدل وتأملات وتساؤلات عديدة لا تقل عن الجدل والتساؤلات التي أثارتها لوحة موناليزا لليوناردو دافنشي.
ولا تخلو قصص الحذاء من الطرافة. بعد 65 عاما لا يزال العالم يذكر حكاية الزعيم السوفيتي خروشوف الذي خلع حذاءه وضرب به على الطاولة خلال اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك اعتراضا على خطاب رئيس الوفد الفلبيني، انتقد فيه السياسة الخارجية للاتحاد السوفيتي واصفا إياها بالاستعمارية.
وفي قصة أخرى عن استعمال الحذاء وسيلة للاحتجاج، نذكر قصة الصحافي العراقي منتظر الزيدي الذي قذف الرئيس الأميركي جورج بوش الابن بفردتي حذائه خلال مؤتمر صحفي عام 2008، وأثار الحدث الكثير من النقاش حول دلالات استخدام الحذاء في التعبير عن الرأي.
في المرة القادمة التي تتعرف فيها على شخص جديد، احرص على استراق النظر إلى حذائه لتعرف عنه أكثر.. هل هو من فصيلة أبوالقاسم الطنبوري، أم من فصيلة إيميلدا ماركوس.
وتذكّر أن الحذاء ليس مجرد أداة ننتعلها لحماية القدمين، بل رمز يحمل دلالات ثقافية واجتماعية.