اتسم تشكيل الحكومات منذ اتفاق الطائف حتى الأمس القريب، بتدخل الكتل النيابية في عملية التشكيل وتسمية الوزراء، حتى أن تشكيلة الحكومة كانت شبه محسومة قبل أن يطرحها الرئيس المكلف. وقد اعتاد الرئيس نبيه بري الاحتفاظ بورقة أسماء الوزراء من حصته إلى آخر لحظة، ثم يرميها ككرة نار عند الرئيس المكلف الذي لم يكن لديه خيار غير القبول بها. ولكن في المرحلة الجديدة، يبدو أن هذا النهج لا يمكن أن يستمر، بحيث أصبح الرئيس المكلف يضع الأسماء، ولبرّي حق الفيتو فقط، وهذا ما يمكن فهمه مما نقل عن الرئيس نواف سلام بأنه سيعلن أسماء وزراء الحكومة الجديدة قريباً، لافتاً إلى “أننا سنعرف موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري من الحكومة بعد إعداد التشكيلة الوزارية الجديدة”.

وفي سوريا، التي تشهد مرحلة جديدة أيضاً، اتخذ قرار يبدو أنه لتحييد البلاد عن الصراعات الاقليمية. فقد منعت الادارة السورية الجديدة دخول الاسرائيليين والايرانيين إلى البلاد، وفق ما قال مصدر من مطار دمشق الدولي لوسائل الاعلام. وكشف بيان للخطوط الجوية التركية أن رعايا كل الدول باستثناء إسرائيل يمكنهم دخول البلاد، بينما لا يمكن دخول الرعايا الايرانيين إلا بتصريح مسبق.

زيارة ماكرون
وانشغل لبنان أمس بزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهي الثالثة له خلال عهده، ولكنها الأولى في الظروف الحالية، حيث البلد في مرحلة جديدة. ومن قصر بعبدا، قال ماكرون: “انتخبتم رئيساً للجمهورية، ومن 9 كانون الثاني عاد الربيع في فصل الشتاء. فخامة الرئيس، أنتم الأمل، ورئيس الحكومة سيجسد هذا الأمل. انتخاب اللبنانيين لك أكد مطالبتهم بالتغيير وإنعاش لبنان. سوف ندعمكم وسندعم هدفكم بلبنان ذي السيادة، وهذا شرط لحماية لبنان من الاعتداءات، ولاستمرار وقف إطلاق النار مع إسرائيل الذي كان نجاحاً دبلوماسياً”.

وأضاف: “نتطلع الى انسحاب كامل للجيش الاسرائيلي، وأن يكون السلاح فقط في يد الجيش اللبناني. سنعمل على تجنيد المجتمع الدولي لمساعدة لبنان في كل المجالات. ويجب تعزيز عمل اليونيفيل لتتمكن من إنجاز مهمتها. سنستمر في تدريب الجنود اللبنانيين، وننوه بتطبيق القرار 1701. كما سنعمل معكم لترسيم الحدود على طول الخط الأزرق”.

وشدد على وجوب تشكيل حكومة جديدة سريعاً، قائلاً: “أعرف أن كل القوى السياسية ستتحرك لمواكبتكم ومواكبة رئيس الحكومة المكلف. والجميع مجند إلى جانبكم لإيجاد الحلول. وسننظم خلال زيارتكم إلى فرنسا بعد بضعة أسابيع مؤتمراً دولياً لحشد التمويل لإعادة إعمار لبنان. فرنسا ستكون إلى جانبكم. ونشدد على ضرورة تنفيذ الاصلاحات على الصعيدين القضائي والمصرفي”.

وعُقد لاحقاً اجتماع رباعي ضم إلى الرئيسين عون وماكرون، الرئيس بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. بعدها وقّع ماكرون على السجل الذهبي في قصر بعبدا، وانضم الجميع إلى مأدبة الغداء.

غوتيريش: الجيش اللبناني هو الضامن الوحيد
وفي الزيارات الدولية أيضاً، زار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مع وفد مرافق المقر العام للقوات الدولية العاملة في الجنوب – “اليونيفيل” في الناقورة. وكشف أن القوات الدولية عثرت على أكثر من 100 مخزن أسلحة تعود لـ “حزب الله” أو لمجموعات مسلحة أخرى منذ 27 تشرين الثاني.

واعتبر أن “وجود أفراد مسلحين وأصول وأسلحة غير تابعة للحكومة اللبنانية أو لليونيفيل بين الخط الأزرق ونهر الليطاني يمثل انتهاكاً صارخاً للقرار 1701 ويقوّض استقرار لبنان”.

وأضاف: “سأعيد تأكيد هذه النقاط أيضاً في اجتماعاتي في بيروت. إن القوات المسلحة اللبنانية، باعتبارها الضامن الوحيد لأمن لبنان، تنتشر بأعداد أكبر في جنوب لبنان، بدعم من اليونيفيل وأعضاء الآلية التي تم استحداثها في إطار وقف الأعمال العدائية”.

ترامب حذر إسرائيل
في المواكبة الدولية، قالت صحيفة “جيروزاليم بوست” الاسرائيلية، أمس الجمعة، إن مصادر مقربة من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب نقلت تحذيراً إلى إسرائيل من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين إشارتهم إلى نيتهم البقاء في جنوب لبنان حتى بعد انتهاء مهلة الانسحاب، بسبب ما وصفوه ببطء انتشار الجيش اللبناني.

برّي – سلام
على الخط الحكومي، استقبل الرئيس بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، الرئيس سلام، وجرى عرض للأوضاع العامة والمستجدات السياسية ونتائج الاستشارات النيابية غير الملزمة التي أجراها الرئيس المكلف على مدى يومين في مجلس النواب.

اللقاء الذي استمر لساعة، اكتفى بعده الرئيس بري بوصفه أنه “كان واعدًا”. فيما قال سلام: “في الحقيقة، لا أريد أن أقول أغلبية، بل كان هناك إجماع من جميع الكتل ومن النواب الذين التقيتهم على ضرورة النهوض سريعاً بالبلد والعمل على الإنقاذ. أنا سأتعهد بالعمل 24 ساعة على 24، و7 أيام على 7 أيام”.

وأضاف: “سمعت وقرأت في الصحف عن عراقيل وغيرها. أؤكد لكم: لا عراقيل من أحد. وأمس (الأول) مساءً رأيت في الاعلام كلاماً لأحد النواب الكرام، قال إننا أمام خيارين، وهما إما التفاهم أو التصادم. أجبناه: صحيح، هناك خياران، إما التفاهم أو التفاهم. واليوم سأقول لكم ما هما ليسا بخيارين: لا التعطيل ولا الفشل. لا أحد سيعطل، ولا أحد سيسمح بالفشل في تشكيل الحكومة. نريد تشكيل الحكومة من أجل البدء بالعمل المطلوب للإنقاذ، ليس غداً بل بالأمس”.

وتابع: “أنا ودولة الرئيس نقرأ في كتاب واحد، هو الدستور المعدلّ بموجب اتفاق الطائف. هذا كتابنا الوحيد الذي نعمل بموجبه سوياً، وأنا سأبقى على تواصل مع دولة الرئيس من الآن وحتى تشكيل الحكومة”.

سلام: الحكومة لن تتأخر
ومن قصر بعبدا، قال سلام بعد لقائه الرئيس عون: “تم تكليفي حديثاً. التشكيلات الحكومية كانت تأخذ 7 و11 أو 12 شهراً ليتم إنجازها. فهل تكون الحكومة متأخرة اليوم إذا تم تكليفي منذ 3 أيام؟ لن تتأخر. بمجرد القول إنني سأعمل على مدار الساعة، فهذا يعني أنه سيكون هناك مشروع تشكيلة حكومية في أسرع وقت ممكن”.

وأشار إلى “أننا تباحثنا، أنا وفخامته، بالخطوط العريضة لهذه الحكومة، لجهة عددها ونوعيتها والثوابت التي يجب أن تحملها”.

ونُقل عن الرئيس سلام قوله إنه سيعلن أسماء وزراء الحكومة الجديدة قريباً، مضيفاً: “سنعرف موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري من الحكومة بعد إعداد التشكيلة الوزارية الجديدة”.