في ظل التحولات العميقة التي تمر بها البلاد بعد إزالة النظام السابق، تبرز قيادة الرئيس أحمد الشرع ومجموعة صغيرة حوله كقوة تسعى لتأسيس دولة مدنية حديثة، على الرغم من التحديات الهائلة التي تواجهها. هذه القيادة، التي تتبنى رؤية تتعارض في كثير من جوانبها مع الفكر السلفي الجهادي، وحتى مع الفقه التقليدي، تحتاج إلى دعم واسع لتحقيق أهدافها. وفيما يلي مبررات لضرورة دعم هذه القيادة:
بالنظر إلى الأحداث الراهنة والتحديات المتراكمة، فإن دعم هذا التيار يعد ضرورة حتمية، ليس فقط لتحقيق الاستقرار، ولكن أيضًا لمنح سوريا فرصة لإعادة البناء على أسس حديثة ومقبولة دوليًا.
لقد أزاحت المجموعات السلفية الجهادية النظام السابق، لكنها هي عبارة عن فصائل كانت متناحرة قبل سنوات قليلة، لأنها تعكس تباينات فكرية عميقة فيما بينها.
وسط هذا المشهد المتشابك، تبرز توجهات الرئيس أحمد الشرع كاستثناء، إذ يقدم رؤية مغايرة تتجاوز الإطار السلفي التقليدي، والفقه التقليدي، وتتجه نحو مفهوم الدولة الوطنية التي تعترف بالمواطنة وحقوق الإنسان.
1. الاعتراف بسوريا كوطن للجميع
أقر الرئيس الشرع وفريقه بسوريا كوطن لجميع مواطنيها، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو العرقية. هذا المبدأ يتعارض بشكل صريح مع الفكر السلفي الجهادي الذي يقسم العالم إلى “دار إسلام” و”دار حرب”. هذا التوجه يعكس رؤية شاملة تهدف إلى بناء دولة موحدة، وهو أمر ضروري لضمان استقرار البلاد.
2. إقامة علاقات دولية والاعتراف بالمنظمات العالمية
تسعى القيادة الحالية بإقامة علاقات دولية والاعتراف بمنظمات مثل الأمم المتحدة، وهو أمر يعد خروجًا عن الخطاب السلفي الجهادي التقليدي الذي يرفض التعامل مع المؤسسات الدولية. هذه الخطوة تعكس رغبة في الانخراط في المجتمع الدولي، وهو أمر حيوي لإعادة إعمار سوريا وجذب الاستثمارات الخارجية. ويتبنى سياسة خارجية منفتحة، وتؤسس لتحالفات قائمة على المصالح المشتركة وليس على الايديولوجيا.
3. الاعتراف بالمواطنة الكاملة للمكونات المختلفة
أكد الرئيس الشرع على مبدأ المواطنة الكاملة لجميع أفراد الشعب السوري، بما في ذلك المكونات الدينية والعرقية المختلفة. هذا المبدأ يتعارض مع الفكر السلفي الجهادي، وحتى مع الفقه التقليدي الذي لا يعترف بالمساواة الكاملة بين المواطنين، الجزية. هذا التوجه يعكس رغبة في بناء دولة مدنية حديثة تقوم على مبدأ العدل والمساواة.
4. الاعتراف بمدنية الدولة وعلم الثورة
تميزت القيادة الحالية بوضع علم الثورة بدلاً من الرموز الدينية، وهو أمر يعكس رغبة في بناء دولة مدنية بعيدة عن الهيمنة الدينية. هذا التوجه يتعارض مع الفكر السلفي الجهادي الذي يرى في الدولة كيانًا دينيًا بحتًا.
5. حرية المرأة والحريات الشخصية
قامت القيادة الحالية بعدم فرض الحجاب أو النقاب، بل اكدت على عكس ذلك والاعتراف بحرية المرأة في الفضاء العام. كما تم السماح بفتح محلات لبيع الخمور، وهو أمر يتعارض مع الفكر السلفي الجهادي والفقه التقليدي. هذه الخطوات تعكس رغبة في بناء مجتمع حر ومتسامح.
6. التحديات الاقتصادية والديون
تواجه سوريا تحديات اقتصادية هائلة، بما في ذلك ديون تقدر بمئات المليارات من الدولارات. القيادة الحالية تدرك أن إعادة الإعمار تتطلب استدانة من البنوك الدولية، وهو أمر يتعارض مع الفقه السلفي و التقليدي الذي يحرم الفوائد الربوية. هذه القيادة تبحث عن حلول عملية لمواجهة هذه التحديات، وهو أمر ضروري لضمان استقرار البلاد.
7. الخلافات العقدية والمذهبية
مع هدوء الأوضاع، من المتوقع أن تبرز خلافات عميقة بين التيارات الإسلامية المختلفة، مثل المتصوفة والأشاعرة والسلفيين. هذه الخلافات قد تؤدي إلى صراعات داخلية إذا لم يتم إدارتها بشكل صحيح.
8. دور المساجد والرأي العام
يجب على القيادة الحالية أن تتحكم في إدارة المساجد والمنابر الدينية، لأنها تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل الرأي العام. ترك هذه المؤسسات لقوى متطرفة قد يؤدي إلى تفاقم الخلافات وتأجيج الصراعات.
9. ضرورة دعم التيار العلماني والديمقراطي
في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهها سوريا، وبدلا من البحث عن تفاصيل صغيرة وتكبيرها والتحريض ضد تيار الرئيس الشرع، واعادة واجترار ماضي هذا التيار، الذي اصبح معروفا للجميع، يجب على التيار العلماني والديمقراطي أن يقف إلى جانب القيادة الحالية التي تسعى لبناء دولة مدنية حديثة. هذا الدعم ضروري لمواجهة التيارات المتطرفة التي تهدد استقرار البلاد. وكلما كان هذا التيار قريبا من حركة الناس وتفكيرهم كلما اكتسب مزيدا من القوة والحركة.
alsafina.net
