ان يعتقد المسؤول أن له الحق بفعل ما يحلو له بمجرد أن يكون قادراً على ذلك دون أن يقيم وزناً للمنطق والقانون والشرائع التي اتفق عليها كل البشر وأصبحت واجبة التطبيق في كل الدول، فهذا يشكل قمة الخروج عن المألوف. وأن يعتقد هذا المسؤول أنه بإخضاعه بالقوة والتهديد الدول الأخرى وشعوبها لمشيئته يشكل عنصر عظمةٍ له ولبلاده، فهذا يدعى جنون العظمة.
جنون العظمة في التاريخ
التاريخ القديم والحديث يزخر بأمثلة واضحة على ذلك. فمن الاسكندر ذو القرنين الذي انتهى مريضاً وهو عائد الى مقدونيا ومائتاً قبل الوصول وتقسيم امبراطوريته بين قادة جيشه إلى جنكيزخان الذي ترك الدمار حيث مرّت جيوشه، بعد أن حكم الصين واستولى على دولة الخوارزميين وبخارى وسمرقند هزمت امبراطوريته وتفككت على ايدي المغول عام 1260. إلى هولاكو الذي دمّر بفتوحاته العديد من البلدان والحضارات، إلى نابليون بونابرت الذي تجاوزت أحلامه السيطرة على أوروبا لتمتد نحو الشرق ونحو روسيا حيث هزم ونفي ومات وحيداً في منفاه في جزيرة سانت هيلانة، إلى ادولف هتلر الذي ازدهى بالعرق الآري ومارس التطهير العرقي وانتهى منتحراً بعد هزيمته من قبل الحلفاء في الحرب العالمية الثانية. ولدينا في أيامنا هذه بنيامين نتنياهو الغني عن التعريف في مجال التدمير والإبادة وأخيراً وليس من سيكون آخراً دونالد ترامب الذي يدعي بأنه سيعيد مجد أميركا.
مظاهر جنون العظمة عند ترامب
العزم على تهجير الفلسطينيين ونقلهم إلى بلدان أخرى. وبضم غرينلاند وضم كندا التي تفوق مساحتها مساحة أميركا واسترجاع قناة بنما بالقوة وجعل العرب يدفعون له الجزية بقبول توطين الفلسطينيين لديهم والاستثمار بتريليون دولار في أميركا وبشراء اسلحة منها بقيمة ثمانمئة مليار وإلا يخرب بلادهم ويدخلها بحروب مدمرة كما فعل بالعراق وسوريا ولبنان واليمن وكما حاول أن يفعل في مصر.
جنون العظمة وعلم النفس
يقول علم النفس ان الشخص المصاب بجنون العظمة يعاني من اضطرابات ذهنية تغيّر تقييمه للواقع ويصبح عاجزاً عن التمييز بين الحقيقة والوهم واحلام اليقظة. ويجنح إلى الاعتقاد انه فوق مستوى الفهم والذكاء اللذين يتمتع بهما البشر، وأنه من جنس الآلهة يستطيع إنجاز ما لا يستطيع غيره ويعتبر باقي الناس من البسطاء والجبناء غير الكفوئين لتولي القيادة. ولذلك يصبح معتدّاً بذاته فلا يقبل النصيحة. ويعتبر النقد عمل مشين يعاقب من يوجهه اليه. ولا يستطيع كتم الشعور التلقائي بالسخرية ممن يتجرأ على معارضة افكاره وأفعاله ويجنح إلى معاملتهم بالعنف لفظاً وفعلاً.
الدواء الشافي؟
الشفاء من جنون العظمة في منتهى الصعوبة لذلك يجب عزل المصاب من مهامه بسبب عدم القدرة من الاستمرار في منصبه لأنه يشكل عنصر خطر على أمته وعلى العالم بأجمعه. وقد بدأت المؤسسات الصحفية والقانونية في الولايات المتحدة بالعمل على تعطيل مفاعيل تصريحات وتصرفات وقرارات الرئيس ترامب وتطالب بإقالته دستورياً.
وحسناً تفعل مصر والأردن ليس فقط برفض تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية إليهما وانما رفض فكرة الترانسفير من أساسها وأخذ المبادرة ضمن جامعة الدول العربية بتولي مسألة اعادة الاعمار والإصرار على بقاء الفلسطينيين في أرضهم وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ضمن حدود الرابع من حزيران 1967.