خيّمت أجواء التوتر والغضب على مدينة طرابلس إثر قيام المواطن علي فارس من جبل محسن بنشر صورة أساء فيها إلى الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) منذ ساعات على مواقع التواصل الاجتماعيّ، ما أدّى إلى حدوث احتقان كبير في نفوس الطرابلسيين وحتّى من أبناء جبل محسن الذين استنكروا هذا التصرّف الذي يُسيء إلى الدّين أوّلاً وإلى منطقتهم ثانياً.
الصورة “الكاريكاتورية” التي أهانت الخليفة عمر بن الخطاب بتصويره يقبّل قدم الامام عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه)، أشعلت ناراً كان من الصعب إخمادها لولا تدخّل مخابرات الجيش لتوقيف فارس ابن الـ 14 عاماً وإحالته على القضاء المختصّ لإجراء التحقيقات اللازمة، (خصوصاً بعد الضغوط الطرابلسيّة ضدّ المنشور “المُهين”). وتُؤكّد مصادر جبل محسن لـ”لبنان الكبير” أنّ “المنطقة غضبت فعلياً من تصرّف هذا الشاب واعتبرته سلوكاً غير أخلاقيّ ناتج عن سوء تربية، قلّة دين وضمير وعن شخصية محبحبة، ما دفعها إلى تسليمه إلى المخابرات بنفسها بجهود فعالياتها”.
وكان آل فارس في جبل محسن أصدروا بياناً تبرّؤوا فيه من فارس، واعتبروا أنّ “هذه السفاهات لا تصدر إلّا عن مختلٍ في عقله ومفتون في وعيه”، فيما أصدر المجلس الاسلامي العلوي بياناً “استنكارياً” دعا فيه الأجهزة الأمنية الى اتخاذ الاجراءات اللازمة بحقّ كلّ من تُسوّل له نفسه العبث بالاستقرار والسلم الأهليّ. أمّا النّائب حيدر ناصر فوصف في بيانه تصرّف الشاب بأنه فردّي وغير مقبول “ولا يُعبّر عن معتقداتنا وأخلاقنا”.
مختار جبل محسن عبد اللطيف صالح الذي بادر مباشرة إلى كتابة منشورات تُؤكّد رفضه ومنطقته المساس بصحابة الرسول محمّد (عليْه الصلاة والسلام)، يقول لـ “لبنان الكبير”: “ما زال فارس موقوفاً حتّى اللحظة، وقد أخطأ بحقّ الامام عليّ قبل سيّدنا عمر، فالمساس بالصحابة وأهل البيت مرفوض تماماً، وفعلته التي مارسها بكلّ جهل، تُسيء الى منطقته، ولو لم تتحرّك الأجهزة الأمنية لكنت تحرّكت لرفع دعوى ضدّه، فالاحترام ضروريّ وسنكون بالمرصاد أمام المُفتنين، ونتمنّى من المشايخ العُقلاء، تقديم حلقات ودروس توعية للجيل الصاعد ليُفسّروا لهم من هم أهل البيت كي لا يقعوا في الكفر والشرك”.
في الحقيقة، إنّ الطرابلسيين قد يتحمّلون كلّ الصعاب والأزمات المعيشية منها أو السياسية، وكانوا صامدين أمام الكثير من الظروف والتهم التي ألصقت بهم خارج إرادتهم وحقيقتهم، لكنّهم لا يتحمّلون أنْ يمسّ “الطيْر الطائر” بـ “وترهم الحساس” المرتبط مباشرة بشعائرهم الدّينية والعقائدية، وهذا ما دفع العديد من الصفحات والمواطنين إلى المطالبة باعتقال فارس وإنزال أشدّ العقوبات بحقّه “وإلّا سنحاسبه نحن، وقد أعذر من أنذر”.
إنّ الاعتراض على تصرّف فارس الذي ظهر في فيديو مصوّر “معتذراً” على فعلته التي كادت تُشعل الفتنة في طرابلس، وصل إلى رجال دين من المدينة أعلنوا عن غضبهم بسبب السكوت أكثر من مرّة عن كلّ متجاوزٍ يمسّ المعتقدات الدّينية، ولا تتمّ محاسبته كما يجب على فعلة تمس “التابوهات” التي لا يُمكن الاقتراب منها أو السخرية منها كما يعمد البعض.
من هنا، يشكر الشيخ نبيل رحيم (الذي سارع إلى بثّ نقل مباشر تحدّث فيه عن الواقعة) جبل محسن وفعالياته التي تبرّأت من هذا الكلام وترضّت على كلّ الصحابة والخلفاء الراشدين (رضي الله عنهم)، كما شكر غيرة أهل طرابلس العقلاء وكذلك مخابرات الجيش التي تحرّكت سريعاً ووأدت الفتنة.
ويقول لـ “لبنان الكبير”: “إنّ سيء الذكر، فارس، أفٍ له ما أقبحه وما أقبح فعلته، والحمد لله أنّ مخابرات الجيش كانت أسرعت باعتقاله قبل الوقوع في فتنة كادت أنْ تُصيب طرابلس وهذا ما لا نريده ولا تتحمّله المدينة أساساً، ونوجّه رسالة إلى المعنيين بأنّه لا يُمكن بناء البلد عبر طعن المسلمين ورموزهم التوحيدية، أو الاستهزاء بشعائرهم، ففي كلّ مرّة تحصل مصيبة من هذا النوع، لا تستنكرها إلّا قلّة قليلة، ثمّ يسكت الجميع بعدها، وتسير الأمور وكأنّ شيئاً لم يكن، فيظهر أحدهم مرّة ليُضحك النّاس على المسرح فيستهزئ بصلاة الجمعة، واستُدعي للتحقيق واعتذر، ومرّ الأمر من دون عقاب شديد، فتكرّر الأمر وبشكلٍ فيه مجاهرة وتحدّ بارز لعقيدتنا التي تُعدّ أغلى من روحنا، والحساب كان يسيراً فتجرّأوا أكثر وكرّروا الازدراء بنبيّنا مرّة وبقرآننا مرّة أخرى، والآن وفي ظلّ غياب مواقف واضحة من الدّولة وحتّى ممّن يُحسبون من أهل السنّة، يظهر ابن جبل محسن ليطعن برمز أساسيّ من رموزنا وهو عمر أمير المؤمنين والفاروق ولا بدّ من محاسبته حساباً عسيراً لأنّ أصحاب الفتن يجب أن يُقطع دابرهم، ونقولها علناً، إنْ كانت حرّية الأقوال والتصرّفات مفتوحة على مصراعيْها بلا ضوابط، فاستعدّوا لحرّية الأفعال بلا ضوابط”.