انطلقت أعمال مؤتمر الحوار الوطني في قصر الشعب في العاصمة السورية دمشق، بمشاركة مئات الشخصيات السياسية والاجتماعية والتي تنتمي إلى العديد من طوائف المجتمع السوري وتوجّهاته، وهو المؤتمر المنتظر الذي من المفترض أن يرسم خريطة طريق مستقبل سوريا بعد سقوط نظام بشّار الأسد، وذلك من خلال توصيات تُقرّ بعد جلسات وورش عمل.
وافتتح الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع المؤتمر، وشدّد على أن “سوريا لا تقبل القسمة”، وذلك في ضوء الطروحات التقسيمية في شمال البلاد وجنوبها. وتعليقاً على تصريح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي رفض دخول “هيئة تحرير الشام” أو الجيش السوري إلى جنوب دمشق، أكّد “عدم التسامح مع أيّ تهديد للطائفة الدرزية في جنوب سوريا”.
وشدّد الشرع على وحدة السلاح واحتكاره بيد الدولة، معتبراً أنّ هذا الأمر “ليس رفاهية، بل هو واجب وفرض”، ومؤكّداً ضرورة بناء سوريا “على أساس دولة القانون واحترام السلم الأهلي”،. ودعا السوريين إلى “الوحدة”، مشيراً إلى أنّ “هناك من يسعى إلى تقويض منجزات الشعب السوري”، وتعهد “مواجهة كلّ من يريد العبث بأمن ووحدة البلاد بحزم”.
رئيس حركة “البناء الوطني” أنس جودة يسجّل ملاحظاته على المؤتمر خلال حديثه مع “النهار”، ويقول إنّ المشاركة “لا تشمل فئات مجتمعية واسعة”، ويشير إلى أنّ “الدعوات توجّهت إلى أفراد، وتمّ استثناء ممثلي الأحزاب والتنظيمات السياسية والطوائف”، والمشاركة الفردية “لا تعطي المؤتمر حالة التمثيل السياسي والاجتماعي المتنوّع المطلوبة”.
وإذ يقول إنّ غاية منظّمي المؤتمر قد تكون “إصدار توصيات” مرتبطة بمستقبل سوريا، إلّا أنّه يشير إلى أنّ الهدف الأساس من الحوار الوطني هو “إرساء منطق الحوار بين مختلف مكوّنات المجتمع السوري والوصول إلى توافق على قضايا وملفات جدلية”، وهذا الهدف يحتاج إلى مؤتمر حواري “أعمق يناقش هوية الدولة ونظام الحكم ومسائل مشابهة”.
وفي حين يعتبر جودة أن هذه الخطوة “السريعة لا يُبنى عليها”، يلفت إلى أنّها قد تكون “خطوة مرحلية مطلوبة من المجتمعين العربي والدولي اللذين يقدّمان الدعم لتشكيل حكومة انتقالية والسير بإجراءات في سوريا”.
المؤتمر المنعقد في سوريا قد لا يرقى إلى الهدف المنشود، وهو تحقيق الوحدة، لكن قد يكون خطوة في مسار تأمين حدّ أدنى من التوافق الوطني، بانتظار فتح حوار مطلوب مع المكوّنات المعارضة لهيئة الحكم الانتقالية الحالية، حتى لا تتكرّر التجارب السابقة.