ملخص
خلال مقابلة تلفزيونية سئل السيد موسى أبو مرزوق، أحد مؤسسي حركة “حماس” وأول رئيس لمكتبها السياسي، عن سبب عدم بناء الحركة وحكومتها في غزة ملاجئ تحمي الأطفال من القصف والبرد، فأجاب ببرود حرفي أن 75 في المئة من سكان غزة من اللاجئين وهم مسؤولية الأمم المتحدة في حمايتهم، ومسؤولية الاحتلال في أن يقدم لهم كل الخدمات وهم تحت الاحتلال.
تجتاح المنطقة موجة برد غير مسبوقة وصلت درجات الحرارة فيها على سبيل المثال إلى أقل من ثمان درجات مئوية تحت الصفر في بعض مناطق الكويت، والمؤرشفون للطقس يقولون إنها الأبرد منذ بداية تسجيله، وقد قتل البرد ستة مواليد في غزة خلال الأيام الماضية وتسبب بأمراض تنفسية لآلاف آخرين، ومعظم الظن أن من ماتوا من الأطفال في غزة بسبب البرد أكثر من ذلك بكثير.
خلال مقابلة تلفزيونية سئل السيد موسى أبو مرزوق، أحد مؤسسي حركة “حماس” وأول رئيس لمكتبها السياسي، عن سبب عدم بناء الحركة وحكومتها في غزة ملاجئ تحمي الأطفال من القصف والبرد، فأجاب ببرود حرفي أن “75 في المئة من سكان غزة من اللاجئين، واللاجئون مسؤولية الأمم المتحدة في حمايتهم ومسؤولية الاحتلال في أن يقدم لهم كل الخدمات وهم تحت الاحتلال”.
حين تقسو القلوب ولا تكترث يقال إن “فلان بارد” أو “قلبه بارد”، أي بلا شعور أو تأثر بعوائد الزمن، و”المبراد” تعني من يشعر بالبرد بدرجة حرارة قد تصل الـ 40 مئوية ويصبح “برداناً”، والبردان في كلمات الأمير بدر بن عبدالمحسن هو من شعر ببرد “الجفا” ويبحث عن الدفء بقصيدته “جمرة غضى”:
بردان أنا تكفا… أبحترق بدفا
لعيونك التحنان… وفـ عيونك المنفى
والله الجفا برد… وقل الوفا برد
والموعد المهجور… ما ينبت الورد
اقرأ المزيد
العودة إلى التعليم في غزة… طلاب لا يستطيعون مسك القلم
مستقبل غزة ومصير سلاح “حماس” يفجران التيارات داخل الحركة
البرد في غزة… قاتل لم يعد صامتا
نازحو غزة يقاومون البرد بحساء العدس
والبارد هو من أسماء المرطبات في اللهجة الخليجية، والبريد أحد أسماء البوظة أو الآيسكريم” كذلك، وهو يختلف عن بريد الرسائل، فكلمة “بريد” أصلها لاتيني VEREDUS وتعني الحصان السريع، والمِبرد أداة نجارة وسن للسكاكين، والمبرد أداة خشبية كنت أبرد بها القهوة صغيراً بعد حمسها ليسهل دقها في النجر (الهاون).
في دمشق الفيحاء حيث تنعقد آمال على قمة للحوار الوطني لإعادة بناء سوريا، يجري نهر بردى الشهير الذي سمي كذلك لبرودة مائه والذي تغنى به أمير الشعراء أحمد شوقي قائلاً:
سلام من صبا بردى أرق
ودمع لا يكفكف يا دمشق
وقد قال شوقي القصيدة في رثاء المفكر السوري التنويري عبدالرحمن الكواكبي، والمفارقة أن الكواكبي كان مناضلاً ضد الظلم والاستبداد العثماني ولكن للزمن عجائبه، فالمسؤولون السوريون اليوم تلهج ألسنتهم بالشكر والثناء على الأتراك لمناصرتهم بالتخلص من ظلم واستبداد نظام بشار الأسد الهارب، بل زاد بعض المتابعين للشأن السوري بأن القيادة السورية الحالية خضعت للضغوط التركية بعدم دعوة الفصائل الكردية إلى “المؤتمر الوطني السوري للحوار” الذي عقد في دمشق قبل ثلاثة أيام، على رغم مناشدات عربية بدعوتهم، لكن تركيا كانت اليد الطولى في الرفض.
والـ “بردايات” والـ “برادي” هي الستائر على النوافذ، وأظنها عربية على رغم قول بعضهم إنها تركية، فالبُردة هي العباءة التي تلبس وجاهة وتستر اتقاء للبرد، وللنبي محمد صلى الله عليه وسلم بردة أهداها لكعب بن زهير الذي قال فيها قصيدته الشهيرة “البردة” ومطلعها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيم إثرها لم يفد مكبول
بعد حرب عام 2006 التي شنتها إسرائيل على لبنان عقب اختطاف “حزب الله” لجنديين إسرائيليين في الـ 12 من يوليو (تموز)، فقتلت وجرحت وهجرت مئات الآلاف من أهله ودمرت بناه التحتية، قال حسن نصرالله لمذيعة قابلته بعد الحرب حرفياً وبكل برود
“اسأليني طيب لو كنت 11 تموز بتحتمل لو واحد بالمية إنه عملية الأسر بتوصل لحرب كالتي حصلت، بتروح بتعمل عملية أسر؟ بقلك لا”.
الأسبوع الماضي وخلال مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز”، قال موسى أبو مرزوق ببرود مشابه لبرود حسن نصر الله “لو علمت بحجم دمار السابع من أكتوبر على غزة لعارضته”.
رمضان على الأبواب، ودعواتنا وأمنياتنا الصادقة بأن يكون شهراً لدفء الضمائر والقلوب، ومناسبة لتخفيف آلام البشر في مكان، وكل عام وأنتم بخير.