وقفت دائماً مشدوهاً أمام “سَكِيْنة” أولئك الذين قادتهم “الدولة” و”الـ.ـنـ.ـصـ.ـر.ة” إلى منصة الـ.ـذ.بـ.ـح بالـ.سـ.ـكـ.ـيـ.ـن.
لماذا لم يقاوموا، ولو قليلاً، طالما أن الموت قادم لا محالة؟
ففي نهاية الأمر، ثمة احتمالٌ أن يُصاب أحد قا.تـ.ـلـ.ـيـ.ـك، في الفوضى التي ستُحْدِثها، بـ.ـطـ.ـلـ.ـقـ.ـة عشوائية، أو على الأقل ستحظى بشرف المحاولة.
لماذا لم يفعلوا ذلك؟
إحدى التفسيرات هي tonic immobility أو “استجابة التجمد”؛ يبقى الشخص يقظاً ومتأهباً، لكنه عاجز عن الحركة.
تناولت حنّا آرنت الظاهرة في كتابها “ايخمان في القدس”، وقالت لو أنّ “الـ.ـيـ.ـهـ.ـود” قاوموا قرارات اللجنة التي كانت ترسلهم إلى موتهم المحتم، لأنقذَ النصفُ تقريباً حياته. (فقد حدث ذلك عملياً في بعض معسكرات الـ.ـنـ.ـازيـ.ـة).
ثمة كثيرون أُصيبوا بـ”استجابة التجمد” أمام هول ما جرى في الساحل في سوريا.
خلال 14 سنة من الحرب، قدم السوريون:
* نحو 600 ألف قتيل (وقد يكون الرقم أكبر من ذلك)
* 7 ملايين لاجئ
* 7 ملايين نازح
* 80٪ يعيشون تحت خط الفقر
* نحو 650 مليار دولار خسائر
نعم، يمكن فهم عدم رغبة الناس داخل سوريا في المزيد من المقاومة، لقد أنهكتهم الحرب.
لكن..
إنْ كنتَ مقيماً في دولة أوروبية،
إنْ كان أخاك، صديقك، جارك، أو أحد معارفك قد ذهب ضحية الأحداث الأخيرة،
أنْ لا يُقدم وزير الدفاع استقالته مباشرة،
أنْ لا يُقدم وزير الداخلية استقالته مباشرة،
أنْ لا يُعلن الرئيس بأنه المسؤول الأول والأخير، لكونه رئيساً،
أنْ لا يُعتقل “أبو عمشة” سيء الصيت مباشرة على ذمة التحقيق،
أنْ ترضى بخطاب ممجوج، وترى فيه بارقة أمل،
أنْ تضع ثقتك بلجنة تحقيق لا يُعرف “ساسها من راسها”،
أنْ لا يُوضّح كيف اُختير أعضاء اللجنة، ولماذا هم بالتحديد، وليس آخرين غيرهم؟
أنْ لا توضح هذه اللجنة في أول خطوة لها، المعايير التي تعتمدها، والآليات التي تتبعها،
إنْ كنت أحد هذه الحالات، أو جميعها، ولا تزال ترى أن ثمة أمل، فاسمح لي أن أقول لك: أنك مصاب بـ”استجابة التجمد”، وأن النصف الذي كان يمكن إنقاذه، هو الآن الضحية القادمة.