رفض النظام السوري قرار منظمة حظر الاسلحة، الذي انتقد بالأغلبية خرقه التزاماته الدولية، زاعماً أن القرار، الذي تبنته يمثل “المواقف الانعزالية للدول الغربية”.
والخميس الماضي، تبنت المنظمة الدولية، القرار بعد حصوله على 69 صوتاً مؤيداً، مقابل عشرة أصوات معارضة، وامتناع 45 عن التصويت.
وقالت وزارة الخارجية والمغتربين في حكومة النظام، في بيان، صدر أمس الأحد، إنّ قرار المنظمة “جسد خروجاً عن إطار الاتفاقية الناظمة لعمل المنظمة، علاوةً على الإجراءات المخالفة لنصوص وأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”. كما ادّعت ان “القرار يمثل المواقف الانعزالية للدول الغربية فقط من دون غيرها”.
وجاء في القرار، إن استمرار استحواذ النظام على أسلحة كيميائية واستخدامها، وتقاعسه عن الإفصاح الدقيق والتام، وعدم إتلافه جميع أسلحته الكيميائية ومنشآت الإنتاج غير المعلنة “تلحِق أضرارا جسيمة بهدف اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وغايتها”. ودعا إلى حظر “أي نقل مباشر أو غير مباشر لمواد كيميائية بعينها ومنشآت ومعدات التصنيع الكيميائي ثنائية الاستخدام والتكنولوجيا ذات الصلة إلى سورية”.
وتعليقاً على القرار، قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، لـ”العربي الجديد”، إنه “يأتي في سياق فضح وتعرية النظام، ويؤكد عدم تعاونه مع المنظمة وانتهاكه لكل الاتفاقيات” مضيفاً: “الدول التي صوتت لصالح النظام تشجعه على الاستمرار بالاستحواذ على الأسلحة الكيميائية واستخدامها”.
وكانت المنظمة جردت النظام في 2021 من حقه في التصويت بسبب انتهاكاته لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية المبرمة في 1997.
ويتهم النظام بارتكابه، في منتصف عام 2013، مجزرة بالأسلحة الكيميائية في غوطة دمشق، وافق إثرها على الانضمام إلى المنظمة، والتخلي عن كامل مخزونه من الأسلحة الكيميائية وترك جميع منشآت الإنتاج والتخزين، بعد إبرام “صفقة” بين موسكو وواشنطن جنّبت النظام رداً عسكرياً على المجزرة.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قالت في وقت سابق إن هجمات النظام السوري بالأسلحة الكيميائية على غوطتي دمشق الشرقية والغربية، في 21 أغسطس/ آب 2013، قتلت 1144 شخصاً، من بينهم 99 طفلاً و194 امرأة، بينما أصيب 5935 شخصاً بحالات اختناق.
وصدر عن مجلس الأمن، في سبتمبر/ أيلول 2013، القرار 2218 الذي أدان “بأشد العبارات” أي استخدام للأسلحة الكيميائية في سورية، ولا سيما الهجوم الذي وقع في 21 أغسطس 2013، واعتبره انتهاكاً للقانون الدولي. وايّد قرار المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية المؤرخ 27 أيلول 2013، الذي “يتضمن إجراءات خاصة للتعجيل بتفكيك برنامج النظام للأسلحة الكيميائية وإخضاعه لتحقق صارم ويدعو إلى تنفيذه تنفيذاً كاملاً في أسرع وقت وبأسلم وجه”.
لكنّ النظام عاد لاستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين بعد عام 2013 في عدة مناطق.
وأدانت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية النظام السوري، عدة مرات، في السنوات اللاحقة، آخرها كانت مطلع العام الجاري، وأفادت المنظمة بأن تحقيقاً استمر قرابة عامين خلص إلى أن طوافة عسكرية واحدة على الأقل، تابعة لوحدة القوات السورية الخاصة المعروفة باسم “النمر” أسقطت أسطوانات غاز الكلور على مبانٍ سكنية في مدينة دوما السورية، التي كانت خاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في 2018، وأودت يومها بحياة ما لا يقلّ عن 70 شخصاً، من بينهم أطفال ونساء.
وكان مدير مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سورية نضال شيخاني قد أوضح في حديث مع “العربي الجديد” أن النظام استخدم الأسلحة المحرمة دولياً 262 مرة على مدى سنوات الثورة السورية، مشيراً إلى أن الهجمات أدت إلى مقتل نحو 3 آلاف مدني، وإصابة 14 ألفاً آخرين. وأكد أن المركز “عمل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في ملفات 70 هجوماً شنها النظام على العديد من المناطق السورية”.
وتقود مجموعة من مؤسسات حقوقية وإنسانية ومدنية سورية جهودا لإنشاء محكمة دولية للأسلحة الكيميائية تحت مسمى “المحكمة الاستثنائية للأسلحة الكيميائية”. ودُشن مقترح إنشاء المحكمة الاستثنائية للأسلحة الكيميائية في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني، وهو اليوم الذي يتم فيه إحياء ذكرى ضحايا الهجمات الكيميائية بجميع أنحاء العالم.