في تطور جديد على صعيد العلاقة بين الحكومة السورية و”قوات سوريا الديموقراطية” (قسد)، عقد قائد الأخيرة مظلوم عبدي، اجتماعاً مع اللجنة التفاوضية التي شكّلها الرئيس السوري أحمد الشرع، في إطار استكمال الاتفاق بين الطرفين. ووفقاً لما نشرته “قسد” عبر منصاتها الرسمية، تناول الاجتماع عدة ملفات محورية، من أبرزها الاعلان الدستوري، ضرورة عدم إقصاء أي مكون سوري من مستقبل البلاد، وأهمية وقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية. كما تطرقت المناقشات إلى آلية عمل اللجان التخصصية، التي من المقرر أن تباشر مهامها في الأول من نيسان، تمهيداً لتنفيذ الاتفاقات المبرمة.
وفي هذا السياق، صرّح حسين السلامة، رئيس اللجنة التفاوضية المكلفة من الرئيس السوري، بأن اللجنة، التي تضم خمسة أعضاء، تم تشكيلها عقب التوصل إلى اتفاق مع “قسد”، وتوجه أعضاؤها إلى الحسكة للقاء قائدها. وأوضح أن الاجتماع الأول سادته أجواء إيجابية، بحيث أبدى الطرفان جدية واضحة في المباحثات، وتم الاتفاق على تحديد موعد جديد في بداية الشهر المقبل لتشكيل لجان تخصصية تتولى تسلم الملفات المختلفة، تمهيداً للاندماج التدريجي لـ”قسد” ضمن مؤسسات الدولة السورية.
تحذيرات ومخاوف من المماطلة في تنفيذ الاتفاق
وأشار السلامة الى أن اللجنة باشرت أعمالها بزيارة أحد مقار “قسد” في الشدادي، حيث التقت قائدها مظلوم عبدي، في اجتماع اتسم بالمسؤولية الوطنية، وبإرادة مشتركة تهدف إلى الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، مع إشراك جميع المكونات من دون إقصاء أحد. وأضاف أن النقاشات أفضت إلى اتفاق على تشكيل لجان عمل تخصصية متناظرة ستباشر مهامها مع بداية نيسان المقبل، مؤكداً تقدير الحكومة السورية للدول الصديقة الداعمة لوحدة سوريا واستقرارها. كما شدد على أن الوضع في دير الزور والرقة والحسكة هو شأن داخلي سوري، وأن أي نقاش حول هذه المناطق يندرج ضمن المسار الوطني البحت، نافياً صحة الأنباء المتداولة بشأن اجتماعات جانبية مع أطراف أخرى. وأكد أن جهود اللجنة تتركز على تقريب وجهات النظر وصياغة خريطة طريق لتوحيد الأراضي السورية ضمن إطار المصلحة الوطنية.
وفي هذا الاطار، قال الدكتور فاروق الابراهيم، رئيس حركة الإصلاح والتغيير في دير الزور، لموقع “لبنان الكبير”: “ننتظر تنفيذ بنود الاتفاق الواضحة، فمن الضروري أن تعود دير الزور والرقة إلى أبنائها العرب، ولا ينبغي تأخير تنفيذ هذه البنود. هناك أعداد كبيرة من المهجرين من أبناء المنطقة، سواء داخل سوريا أو خارجها، يتطلعون إلى العودة. نحن ندعم جهود اللجنة بصورة كاملة، لكننا نحذر من أي محاولات للمماطلة أو تمييع عمل اللجنة، فهناك مراحل واضحة يجب الالتزام بها من دون أي تهاون.”
وأشار مصدر لموقع “لبنان الكبير” إلى أن التكهنات حول مخرجات الاجتماع وآلية انضمام “قسد” ليست دقيقة، موضحاً أنه لن يتم الاعلان عن أي قرارات ملموسة قبل انتهاء عمل اللجان، التي ستباشر مهامها رسمياً في بداية نيسان. كما أكد أن العملية تتطلب وقتاً، بحيث يجري العمل وفق آلية تدريجية قد تؤدي إلى دمج “قسد” ككتلة واحدة أو كأفراد ضمن مؤسسات الدولة. ولفت المصدر إلى أن هناك ملفات متعددة ذات أهمية، أبرزها عودة المهجرين إلى مناطقهم، تحديد آليات الادارة المدنية، تعزيز قوى الأمن الداخلي، وتنظيم ملف الثروات النفطية، وهي جميعها قضايا يجب التعامل معها بحذر.
حوار كردي-كردي برعاية أميركية وفرنسية
بالتوازي مع هذه التطورات، عقد “المجلس الوطني الكردي” في سوريا اجتماعاً مع حزب “الاتحاد الديموقراطي”، الثلاثاء، في قاعدة استراحة الوزير بريف الحسكة، بهدف توحيد الصف الكردي وصياغة رؤية سياسية مشتركة. وحضر اللقاء، الذي يُعد الأول بين الطرفين منذ العام 2020، المبعوث الأميركي الخاص لمناطق شمال وشرق سوريا، سكوت بولز، إلى جانب قائد “قسد”.
وركز الاجتماع على مناقشة الرؤية السياسية المشتركة بين الجانبين وآلية تشكيل وفد مشترك للتفاوض مع الحكومة السورية الجديدة في دمشق. وأشار المصدر إلى أن الأجواء كانت إيجابية، بحيث أبدى الطرفان رغبة متبادلة في إنجاح الحوار، خصوصاً في ظل استمرار الضغوط الأميركية والغربية لدفع الجانبين نحو اتفاق مشترك. ومن المتوقع أن يتم الاعلان عن تشكيل الوفد خلال الشهر الجاري، اذ سيجتمع مع الحكومة السورية في دمشق برعاية ودعم من وزارتي الخارجية الأميركية والفرنسية، بهدف صياغة رؤية موحدة للتفاوض مع دمشق. كما أكد المصدر أن أكثر من 90% من بنود الرؤية السياسية تم التوافق عليها، مع استمرار النقاشات حول بعض البنود الثانوية المتبقية.
ضغوط دولية ودعم أميركي وفرنسي للمفاوضات
يحظى الحوار بين الأطراف الكردية بدعم واسع من الخارجية الأميركية، التي تؤكد أن واشنطن، إلى جانب دولة أخرى، تمثل موقف “التحالف الدولي” الداعم لتوحيد صف الأكراد السوريين تمهيداً للحوار مع دمشق. وفي شباط الماضي، تم الاتفاق بين “المجلس الوطني الكردي” وقائد “قسد” على تشكيل وفد كردي مشترك للتفاوض مع الحكومة السورية، بعد سلسلة لقاءات تمت برعاية وزارتي الخارجية الأميركية والفرنسية.
كما سبق أن عُقد اجتماع بين الهيئة الرئاسية للمجلس وقائد “قسد”، بحضور ممثل وزارة الخارجية الفرنسية، ريمي داروين، والمبعوث الأميركي بولز، في قاعدة استراحة الوزير شمال غربي الحسكة. ووافق “المجلس الوطني الكردي” على لقاء حزب “الاتحاد الديموقراطي” بهدف تشكيل وفد مشترك للتفاوض مع مسؤولي الادارة السورية الجديدة وبحث المطالب الكردية.
ويأتي هذا الاجتماع المرتقب بين المجلس الوطني الكردي وحزب “الاتحاد الديموقراطي” بعد قطيعة دامت أكثر من أربع سنوات، تخللها تصعيد إعلامي وتوترات بين الطرفين، وسط اتهامات لحزب الاتحاد بارتكاب انتهاكات ضد المجلس وأعضائه.