تنسّق ألمانيا سنويًا عددًا هائلًا من التجهيزات، مثل آلات البناء، والتجهيزات الطبية، وتكنولوجيا المعلومات، وحتى خطوط إنتاج كاملة التي يجري استبدالها بالروبوتات. السبب في ذلك هو انخفاض قدرتها التنافسية مقارنةً بدول مثل اليابان وأمريكا، حيث يجب أن يظل اقتصادها رائدًا ومنافسًا. الشركات الألمانية مستعدة لبيع مثل هذه الآلات بأسعار زهيدة، والحكومة الألمانية على استعداد للتبرع بها لدولة مثل سوريا لتبدأ مشوارها التنموي وتصبح شريكا تجاريا لها لاحقا.
لقد استفادت العديد من دول أوروبا الشرقية من التجهيزات الألمانية وحققت تنمية مستدامة بعد الحقبة السوفييتية. كما يتم إتلاف عشرة ملايين طن من الأغذية سنويًا، ولو تبرعت بها ألمانيا لسوريا، لكان نصيب الفرد السوري منها كيلوغرامين من الغذاء يوميًا. هناك أيضًا فائض من الملابس يكفي لمئة مليون شخص، أي ما يعادل خمسة أطقم لكل مواطن سوري، وهكذا، دول أوربية أخرى مستعده كذلك للمساعدة بسخاء، فهناك فائض عندهم من كل شيء. عندهم بما فيه مولدات كهرباء لكل المدن السورية وبكذلك مساعدات بالمال الكاش.
ما مصدر هذا الكلام؟
لدي زملاء مهندسون في دول أوربية عديدة يقومون بين الحين والآخر بشراء معدات جديدة والاستغناء عن القديمة، مثل الرافعات، والبلدوزرات، والشاحنات وغيرها. لديهم فائض حتى من العناصر الإنشائية المسبقة الصنع، مثل الجسور والقساطل وحتى عناصر إنشائية لبناء المعامل والمنازل. هذه المعدات ليست مهترئة أو قديمة، لكنها لم تعد قادرة على المنافسة مع اليابان وأمريكا. لذا، إذا تبرعت بها ألمانيا لسوريا، فستظل تعمل لعقود طويلة، كما أن سيارة “الخنفساء” لا تزال تعمل منذ سبعين عامًا، و”المرسيدس” لم تدخل ورشة تصليح حيث جودة الصناعة الألمانية لا تحتاح لتعقيب.
هل ما زلت لا تصدق؟ اللاجئ السوري المعتر منذ عشر سنوات فرش منزله بالكامل بأجهزة مستعملة اشتراها بفرنكات قليلة، ولا تزال تعمل بكفاءة.
ألمانيا ستتبرع بكل مايلزم، بالإضافة إلى مبالغ مالية معتبرة وقروض ميسرة، ولكن بشروط ودول أخرى ستحذو حذوها.
شروط ألمانية-أوربية
يجب أن يشكل “كافور دمشق” حكومة تشاركية، وأن يتبنى دستورًا يحفظ الحقوق للجميع، وقانونًا مدنيًا يصون حقوق الإنسان والمرأة، وينأى عن التطرف والسلفية، وألّا تتحول سوريا إلى بؤرة تصدّر اللاجئين والتطرف. هذه شروط بسيطة أوضحتها وزيرة الخارجية الألمانية بوضوح خلال زيارتها دمشق مرتين. أوربا تريد سوريا شريكا تجاريا في المستقبل وستتبرع بسخاء كما قابت لتؤهلها لذلك. يعني من مصلحتها.
رد “كافور” سوريا
“المرأة والكلب الأسود والحمار يبطِلون الصلاة”، وفي رواية أخرى عن البخاري ومسلم في صحيحيهما: “المرأة مثل الكلب الأسود، نجسة تُفسد الوضوء، ويحرُم مصافحتها”. ثم من هؤلاء الذين يجب مساواتهم بخير أمة أُخرجت للناس، أمة الإسلام؟ هل هم الأشاعرة أصحاب البدع أم هل هم الأكراد الملاحدة العلمانيون؟ أم سكان الساحل والجنوب من “الباطنيين الزنادقة”؟ أم “المشركون” بقايا الصليبيين والفرنجة في وادي النصارى؟
كلا وألف كلا! فإما أن يتوبوا ويسلموا، وإما أن يُحكَموا بشرع الله. فقد بدأ صبر وزير العدل” الكاكرلاك” ينفد، وبدأ يتخيل نفسه وهو يصرخ “إلى المقصلة يا كفار!” لكن، لحسن الحظ، تذكّر أن المقصلة تحتاج إلى صيانة، والميزانية بالكاد تكفي لشراء حبّات تسالي لمكتبه. لذا، عليهم أن يشكروا الله أن رؤوسهم لا تزال على أكتافهم حتى إشعار آخر، فقد يكون لديه موعد غداء أكثر أهمية من تنفيذ الأحكام. أما هو، فيرى نفسه المرسل الذي يبعثه الله كل مائة عام ليجدد للأمة دينها، فمقامه من مقام الشافعي وعمر بن عبدالعزيز وابن تيمية. والدين عند الله الإسلام ولتذهب أوربا الكافرة ومساعداتها إلى الجحيم.